مع طرح إنفيديا لاجيال جديدة من المعالجات : شريحة H100 المزودة بالذكاء الاصطناعي تقفز بأسهمها

  •  

    كتب : مصطفى ابراهيم

    لا يُنتظر من أجزاء الكمبيوتر عادة أن تحدث تحولاً في قطاعات وشركات كاملة، غير أن وحدة معالجة الرسوم التي طرحتها شركة "إنفيديا" في الأسواق العام الماضي فعلت ذلك بالتحديد. فقد أضاف معالج مركز البيانات "إتش 100" (H100) ما يزيد على تريليون دولار إلى قيمة شركة "إنفيديا".وبين ليلة وضحاها، حول ذلك الشركة إلى صانعة الملوك وصاحبة النفوذ الأكبر في مجال الذكاء الاصطناعي. وبرهن أمام المستثمرين على أن الضوضاء التي تحيط بقطاع الذكاء الاصطناعي التوليدي تترجم نفسها لإيرادات حقيقية، على الأقل بالنسبة إلى "إنفيديا" وأهم مورديها وارتفع الطلب على معالج "H100" لدرجة أنه اضطر بعض عملاء الشركة للانتظار 6 أشهر للاستلام.

    يشير اسم شريحة "H100" إلى واحد من رواد علوم الحاسب هو غراس هوبر، وهي عبارة عن معالج للرسوم والصور من نسخة أقوى من تلك الشريحة الموجودة عادة في أجهزة سطح المكتب، وتمنح اللاعبين أعلى درجة من الواقعية في التجربة البصرية. كما أن هذه الشريحة أعدت لمعالجة كمية هائلة من البيانات، وإجراء العمليات عليها بسرعة هائلة، حتى أصبحت مناسبة تماماً للاضطلاع بمهمة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى كمية هائلة من الطاقة.

    تصدرت شركة "إنفيديا"، التي تأسست في 1993، ريادة هذه السوق بأن ضخت استثمارات يعود تاريخها إلى عشرين عاماً، مراهنة على أن قدرة الرقائق على إجراء المعالجة بالتوازي ستجعل من شرائحها ذات يوم قطعاً عالية القيمة في تطبيقات أخرى خارج قطاع الألعاب.

    تتعلم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي إنجاز المهام، مثل ترجمة النصوص أو تلخيص التقارير أو تركيب وتكوين الصور، عبر التدريب على كميات ضخمة من المواد الموجودة من قبل. وبقدر زيادة كمية هذه المواد التي تتوفر لتلك التطبيقات، تصبح أفضل من غيرها في مهارات مثل التعرف على اللغة البشرية أو كتابة خطابات التقدم للوظائف. وهي تتطور عبر أسلوب التجربة والخطأ، وتجري مليارات المحاولات حتى تبلغ حد الإتقان، وفي سبيلها إلى ذلك تستهلك قدراً هائلاً من طاقة الحوسبة.

    تقول شركة "إنفيديا" إن سرعة شريحة "H100" تعادل 4 أضعاف سرعة الشريحة السابقة، "A100"، في تدريب ما يسمى بالنماذج اللغوية الكبيرة (LLM)، و30 ضعف سرعتها في الاستجابة لأوامر المستخدم. هذه الميزة قد تكون شديدة الأهمية عند الشركات التي تتنافس على تدريب النماذج اللغوية الكبيرة على القيام بمهام جديدة.

    شركة "إنفيديا"، التي يقع مقرها في مدينة سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، هي أبرز شركة في مجال الرقائق الرسومية على مستوى العالم، وهي الرقائق المسؤولة في أجهزة الكمبيوتر عن توليد الصور التي تراها على الشاشة. وأقوى تلك الرقائق هي تلك التي صنعت وفيها المئات من الأنوية أو مراكز المعالجة التي تقوم بتشغيل العديد من العمليات والبرامج على جهاز الكمبيوتر بشكل متزامن، محاكية الفيزياء المعقدة مثل الظلال والانعكاسات.

    أدرك مهندسو "إنفيديا" منذ مطلع القرن الحالي أنهم يستطيعون إعادة تهيئة مسرعات الرسوم والصور حتى تعمل على تطبيقات أخرى، عبر تقسيم المهام إلى وحدات وعمليات أصغر وأبسط، ثم العمل على إنجازها على التوازي بشكل متزامن. وقبل عقد واحد فقط، اكتشف الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي أن بحوثهم قد تتحول إلى أفكار عملية أخيراً باستخدام هذا النوع من الرقائق.

    تسيطر "إنفيديا" على نحو 80% من سوق المسرعات في مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي التي تديرها خدمات الحوسبة السحابية مثل "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS) التابعة لشركة "أمازون"، و "غوغل كلاود" التابعة لـ"ألفابت"، وخدمة "آزور" التابعة لـ"مايكروسوفت". وتبذل تلك الشركات جهوداً ذاتية ترمي إلى صناعة رقائق خاصة بها، ومنافسة منتجات شركات صناعة الرقائق مثل "أدفانسد مايكرو ديفايسز" (AMD) و"إنتل". غير أن تلك الجهود لم تترك بصمة في سوق مسرعات الذكاء الاصطناعي حتى الآن.

    تعمل "إنفيديا" على تحديث منتجاتها، بما فيها تطوير برمجيات تدعم أجهزتها، بوتيرة لم تستطع أي شركة أخرى مواكبتها حتى الآن. وأعدت الشركة أيضاً أنظمة متنوعة بمجموعة من المنتجات التي تساعد العملاء على شراء شرائح "H100" بالجملة واستخدامها بسرعة.

    حققت وحدة مركز البيانات التابعة لـ"إنفيديا" نمواً بنسبة 81% في إيراداتها مسجلة 22 مليار دولار في الربع الأخير من عام 2023 وفي وقت لاحق من العام الجاري، سوف تسلم شريحة "H100" الشعلة للشريحة التالية، "H200"، وذلك قبل أن تدخل الشركة تغييرات جوهرية على تصميماتها بشريحة "B100" مستقبلاً.

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن