باستثمارات 11 مليار دولار : السعودية تعيد رسم خارطة مراكز البيانات والخدمات السحابية بالمنطقة

  • كتب : محمد شوقى

     

     

    تخطط السعودية، التي تتصدر تاريخياً صناعة النفط، للقيام بدور رئيسي فى صناعة مراكز البيانات فى المستقبل ، وهو ما يفسر الإصرار على تطوير صناعة البيانات والخدمات السحابية، بحيث تصبح مساهماً رئيسياً في رؤية تنويع الاقتصاد، ولتضع بصمتها على خريطة القطاع في المنطقة.

     

    حتى تصبح البيانات مفيدة تجارياً واقتصادياً، فإنها تحتاج إلى الكثير من الاستثمارات، وهو ما ينعكس على أرض المملكة من خلال إنشاء مراكز البيانات العملاقة، وإطلاق الخدمات السحابية، وتبني كبرى الشركات لهذه الخدمات، وصولاً إلى التحول نحو الاقتصاد الرقمي.

     

    هذا التوجّه ظهر جلياً في الآونة الأخيرة، حيث أعلنت العديد من الشركات، وفي مقدمها "أمازون" و"داتا فولت"، خلال مؤتمر "ليب 24" ، الذى عقد مطلع هذا الشهر في الرياض، عن استثمارات تفوق 11 مليارات دولار، لبناء مراكز بيانات ضخمة داخل المملكة، من ضمنها 10 مليارات حصة الشركتين العملاقتين لوحدهما. هذه الاستثمارات تطرح تساؤلاً حول الدوافع التي تقف خلف ضخ هذه الشركات الأموال في السعودية التي تعتبر سوقاً ناشئة في هذا المجال.

     

    من جهته قال مينا غبور الشريك المتخصص بالتحول السحابي في شركة الاستشارات "بي دبليو سي" (PWC)   الدافع الأبرز للاستثمار بهذه المراكز يتمثل بمصادر الطلب المتنوعة في أكبر اقتصاد بالمنطقة

     

    أشار  أحد محرّكات الطلب الرئيسية "يتمثل بالمنشآت والمشاريع الحكومية الجديدة في المملكة، على غرار "نيوم" المدينة المستقبلية الذي يتمّ تأسيسها بشكل كلّي في السحابة".

     

    أوضح أن مثل هذه المدن الجديدة لن تتبع الطريقة التقليدية في التعامل مع البيانات، حيث تفضل بناء منشآت استضافة البيانات الخاصة بها، بالإضافة إلى توجهها منذ اللحظة الأولى إلى تبني الحلول الأكثر تطوراً وأمناً.

     

    "قال غبور   نيوم" ليست مثالاً وحيداً، فشركة النفط العملاقة "أرامكو" استثمرت الكثير من الأموال لتعزيز التحول الرقمي والخدمات السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وأحدث خطواتها نحو هذا التحول، الكشف خلال "ليب 24" عن نموذج لغوي ضخم خاص بها (على غرار Chatgpt)، تمّ تدريبه على بيانات الشركة بحيث يساعد الموظفين على أداء المهام اليومية والحصول على المعلومات من "السحابة" الخاصة بالشركة.

     

    إضافةً إلى المشاريع الجديدة، فإن أحد محركات الطلب يتمثل بتوجه العديد من مؤسسات الحكومية وشبه الحكومية إلى تبنّي الخدمات السحابية، لاسيما أن "البنية التحتية الرقمية للكثير من هذه المؤسسات تعاني التقادم، ويعمل بعضها على برامج يعود عمرها إلى 20 أو 30 سنة"، وفق لما ذكره غبور ل " الشرق ".

     

    ويدعم تسريع هذا التحوّل ارتفاع التكاليف الناتجة عن تقادم البنية التحتية، فكلفة النموذج القديم لاستضافة البيانات والمحافظة عليها وصيانتها، أعلى من نظيره القائم على الخدمات السحابية، ذات المرونة والقدرة على التحكم بالكلفة.

     

    هذا الطلب المتنامي أغرى حتى شركات تعمل تاريخياً بمجال العقارات لدخول هذه السوق، على غرار شركة "داماك" الإماراتية التي خصصت 600 مليون دولار للاستثمار بتطوير مراكز بيانات في السعودية.

     

    لكنه في الوقت عينه، أدّى إلى زيادة المتطلبات الحكومية المتعلقة بأمن البيانات، التي تلزم الشركات باستضافة مراكز هذه البيانات والخوادم على أرض المملكة والتعامل مع المعلومات الناتجة وفق قوانينها، وفرض معايير مشدّدة للتعامل مع هذه البيانات لناحية تصنيفها بين ما هو عام وما هو سري وما هو سري للغاية.

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن