باستثمارات 2 مليار دولار : بلدة تشيكية هادئة تساعد أوروبا في حرب الرقائق العالمية

  • كتب : رشا حسين

     

    اشتهرت بلدة روزنوف بود رادهوستم التشيكية بفطائرها الحلوة المبللة بقطرات الروم، والمتحف المفتوح في الهواء الطلق الذي يعرض منازلها الخشبية التاريخية، ثم جاء إعلان حرك فيها المياه الراكدة والهادئة.

     

    في يونيو الماضي، اختارت شركة صناعة الرقائق الأميركية "أون سيميكونداكتور كورب-أونسيمي" (ON Semiconductor Corp- Onsemi) مدينة روزنوف لإقامة مركز جديد للتصنيع بقيمة ملياري دولار.

     

    شهدت الأسابيع القليلة الماضية سلسلة زيارات للمدينة من المطورين العقاريين ورئيس جامعة محلية ومسؤولين بالحكومة تلاحقهم في تحركاتهم أطقم البث التلفزيوني.

     

    ليس هذا الاهتمام غريباً، ولا يثير الدهشة بالنظر إلى أن هذا الاستثمار سيكون أكبر استثمار تضخه شركة أجنبية في جمهورية التشيك منذ ثلاثين عاماً. لكنه يعكس أيضاً حجم المراهنة على هذا المشروع، والاعتماد عليه لصناعة جيل جديد من الرقائق الإلكترونية الدقيقة أكثر من الفرص والآفاق المتاحة لركن صغير في وسط أوروبا.

    ستوسع شركة "أونسيمي" مصنعاً قائماً من أجل صناعة الرقائق الخاصة بالسيارات الكهربائية وقطاع الطاقة المتجددة، مع ترتيب عقد بالفعل مع شركة "فولكس واجن".

     

    نجاح هذا المشروع ليس ضرورياً فقط للمدينة واقتصاد التشيك الذي يعاني من الركود، بل أيضاً لقدرة الاتحاد الأوروبي على تأمين الإمدادات وسط معركة عالمية على المكونات الحرجة شديدة الأهمية.

     

    قال وزير التجارة والصناعة جوزيف سايكلا: "أشباه الموصلات في سبيلها لأن تصبح العمود الفقري للاقتصاد الحديث. وكلما زاد ما نستطيع إنتاجه محلياً من هذه التكنولوجيا الجديدة، كان ذلك أفضل بالنسبة لأمننا الاقتصادي".

     

    الاستثمار الذي تقوم به "أونسيمي" متواضع بالمقارنة مع بعض مشروعات التكنولوجيا في مناطق أخرى بأوروبا. إلا أن مصنع روزنوف الحالي يلعب بالفعل دوراً كبيراً داخل الشركة لأنه ينتج أشباه الموصلات وتصميماتها، وهو أمر شديد الأهمية بالنسبة لتحول الاقتصاد التشيكي إلى الصناعة الأعلى ربحية والأقل في كثافة العمالة من صناعة السيارات وأجزاء السيارات التقليدية.

     

    ينتج حوالي 2200 موظف من موظفي شركة "أونسيمي" في البلاد 10 ملايين رقاقة يومياً لعملائها في قطاعات السيارات والصناعة والاتصالات مثل شركات "بي إم دبليو"، و"مرسيدس بنز" و"سيمنز" و"أبل". 

     

    في حين أن الاستثمار المزمع القيام به سيوفر 800 وظيفة جديدة فقط على مدى الأعوام السبعة المقبلة، تتوقع "أونسيمي" أن تتضاعف الإيرادات السنوية في روزنوف أربع مرات تدريجياً لتصل إلى 1.2 مليار دولار على الأقل؛ لأن التوسع سيركز على أشباه موصلات كربيد السيليكون الأكثر ربحية بسعة إنتاجية أعلى.

     

    مع ذلك، فإن التحدي الأول هو التأكد من أن البلدة التي يبلغ عدد سكانها 16 ألف نسمة يمكنها استيعاب هذا التوسع. ولتهدئة القلق بين السكان المحليين بشأن نقص المدارس والأطباء والمساكن، أعلن العمدة يان كوسيرا عن خطة لبناء ما بين 300 و400 شقة جديدة بينما ستنفق البلدة ما يعادل 85 مليون دولار لتحسين الطرق المحلية ومواقف السيارات والخدمات الأخرى.

     

    قال كوسيرا في مكتبة روزنوف التي تم تجديدها: "حلم كل رئيس بلدية هو استثمار في مجال التكنولوجيا الفائقة من شركة تعرفها بالفعل ستجذب المتعلمين. وهذا بالضبط ما ننتظره".

     

    تتناقض فرصة انضمام البلدة إلى العصر الصناعي الجديد القادم تناقضاً صارخاً مع التحديات التي تواجه المنطقة المجاورة حول مدينة أوسترافا التي تبعد ساعة واحدة فقط بالسيارة.

     

    فمنذ نهاية الشيوعية في عام 1989، يعاني الجزء الشرقي من جمهورية التشيك من تراجع حاد في صناعات التعدين والمعادن التقليدية بالإضافة إلى البطالة المزمنة.

     

    وفي هذا الصيف فقط، أعلنت إحدى شركات صناعة الصلب الخاملة في أوسترافا إفلاسها بعد أن عجزت عن دفع فواتير الطاقة ورواتب موظفيها البالغ عددهم حوالي 5000 موظف.

     

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن