خمس طرق يمكن من خلالها للبرمجيات تعزيز الاستدامة في السنوات الخمس المقبلة

  • بقلم : الدكتور كريس نوكينتفيد

    الرئيس التنفيذي العالمي للتكنولوجيا لتطبيقات المؤسسات والبرمجيات كخدمة في شركة " دي إكس سي "

     

    عام 2024 يدعو إلى بذل جهد جماعي لتبني ممارسات مستدامة من خلال مجموعة من المبادرات والأنشطة التي يقودها المجتمع والتي تتمحور حول الاستدامة. ويعد الابتكار القائم على البرمجيات أمراً بالغ الأهمية لدفع التحول اللازم لخلق مستقبل آمن مناخياً، وقد أدركت الحكومات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط أهمية الاستدامة. فعلى سبيل المثال، مدد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مبادرة عام الاستدامة لتشمل عام 2024.

    وفي حين شهد عام 2023 اهتماماً خاصاً وتركيزاً على تشجيع التغييرات السلوكية التي تلهم التقدم الجماعي، فإن عام 2024 يدعو إلى بذل جهد جماعي لتبني ممارسات الاستدامة من خلال مجموعة من المبادرات والأنشطة التي يقودها المجتمع والتي تتمحور حول الاستدامة.

    وفيما يلي خمسة توقعات حول كيفية مساهمة التقدم في هذا المجال في تسريع الاستدامة عبر العديد من الصناعات المختلفة في السنوات الخمس المقبلة.

    ستقوم المؤسسات بتبني نماذج أعمال اقتصاد دائري

    وهنا لا بد لنا أن نذكر أنه لبناء اقتصاد دائري عالمي تنافسي لا ينتج أي نفايات، يتعين على الشركات أن تكيّف نماذج أعمالها لتحقيق أقصى قدر من كفاءة استخدام الموارد، وتطوير منتجات قابلة لإعادة التدوير، وإعادة استخدام النفايات كعروض جديدة. ويشكل إنشاء منظومات أعمال رقمية لتمكين اتخاذ القرارات والإجراءات بشكل فعّال جزءاً أساسياً من هذا الأمر.

    وإن من أكبر التحديات التي تواجه التحول إلى الاقتصاد الدائري هو جمع وتبادل البيانات حول المنتج طوال دورة حياته بالكامل. وتوفر جوازات السفر الرقمية للمنتجات هذه القدرة، كما أنها تعمل كسجل شفاف للخصائص المستدامة والبيئية للمنتج وقابلية إعادة تدويره.

    سيساعد الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد الطبيعية.

    أشار تقرير Sustainable Futures، إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح عاملاً مهماً لمعالجة معظم قضايا الاستدامة البيئية، بما في ذلك التنوع البيولوجي، والطاقة، والنقل، وإدارة النظم البيئية الزراعية. ويمكن لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الزراعة، توليد رؤى وأفكار مهمة وزيادة مستويات الأتمتة لتحسين الإدارة البيئية واكتشاف الأمراض والإصابات المحتملة قبل أن تتعرض المحاصيل أو الماشية لأي تهديد.

    ولا يقتصر تأثير التكنولوجيا على إنتاج المزارع الفردية فحسب، بل إن البيانات تولد رؤى قيمة يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على قرارات السياسة على المستوى المحلي أو الوطني. وعلاوة على ذلك، يندرج الذكاء الاصطناعي أيضاً في صميم الجهود الرامية إلى الحد من النفايات، وتحسين فعالية التكلفة، واستدامة عمليات المياه في صناعة الزراعة.

    سيعمل الذكاء الاصطناعي على زيادة جدوى الطاقة المتجددة.

    تشير تقديرات شركة ماكينزي إلى أن القدرة العالمية على توليد الكهرباء من مصادر متجددة سوف ترتفع بحلول عام 2026 بأكثر من 80% مقارنة بمستوياتها في عام 2020. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة إدارة الأصول السيادية العالمية السنوية التي أجرتها شركة إنفيسكو أن 71% من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط تعطي الأولوية للاستثمار في قطاع البنية التحتية، لا سيما في قطاعات الطاقة المتجددة والنقل.

    وفي الوقت الراهن، تعمل ملايين الأجهزة الفردية على رفع وخفض استهلاك الكهرباء، مما يعيد صياغة أسس أداء الشبكات الكهربائية. ويمكن أن تساعد الأتمتة وتحليلات البيانات في إدارة مصادر الطاقة اللامركزية، وتوجيه الكهرباء الزائدة وتحديد نقاط الضعف المحتملة في الشبكة قبل أن تتحول إلى مشكلات كبيرة، ومساعدة المرافق في إعادة توجيه الطاقة إلى حيث تكون هناك حاجة إليها في الوقت الفعلي. ولتمكين ذلك، ستحتاج شركات المرافق العملاقة التقليدية إلى إعادة تقييم نماذج تشغيلها والاستثمار في البنى التحتية الحديثة لتكنولوجيا المعلومات والتي تستند إلى السحابة، بما يمكنها من إدارة البيانات وتحليلها بشكل فعّال على كافة مستويات المؤسسة.

    سيكون هناك تحول كبير نحو المركبات الكهربائية المحددة بالبرمجيات في العقد المقبل.

    مع سعي البلدان إلى الوصول إلى انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، اكتسبت جهود إزالة الكربون من النقل أهمية كبيرة. وكانت هيئة الطرق والمواصلات في دبي قدمت خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، استراتيجية (مواصلات عامة عديمة الانبعاثات في إمارة دبي 2050)، لتصبح أول هيئة في منطقة الشرق الأوسط تضع خطة طويلة الأجل لتحقيق انبعاثات صفرية في قطاع النقل العام بحلول عام 2050.

    وحتى الساعة، تحولت ثماني عشرة من أكبر شركات صناعة السيارات في العالم أو تعهدت بالتحول، إما بشكل كامل أو كبير، إلى تصنيع مركبات كهربائية في السنوات القادمة. وستكون هذه المركبات الكهربائية عبارة عن مركبات محددة بالبرمجيات، مع قدرات مؤتمتة لإدارة السيارة بكفاءة أكبر، مع الاهتمام بشكل خاص بالحساسيات البيئية.

    وتتميز المركبات المحددة بالبرمجيات بالتوجيه الذكي وتحسين استخدام الطاقة، مما يتيح تخفيف المشكلات المتعلقة بسعة الشحن ومدى القيادة.

    سيتم إعادة هندسة الأنظمة المالية لاستهلاك قدر أقل من الطاقة.

    ولا نغفل هنا أن التحول إلى عمليات أكثر استدامة يشكل أولوية قصوى للبنوك والمؤسسات التي تقدم خدمات مالية. وتعتبر البرمجيات الأكثر استدامة والخوارزميات الأعلى كفاءة ومعالجة البيانات الأفضل من العناصر الأساسية لهذه الجهود. وجدير بالذكر أن سوق التمويل الأخضر العالمية شهدت نمواً هائلاً من 5.2 مليار دولار في عام 2012 إلى أكثر من 540 مليار دولار في عام 2021.

    وفي سياق متصل على صعيد منطقة الشرق الأوسط، أعلن اتحاد مصارف الإمارات عن مبادرة كبرى للقطاع المصرفي لحشد أكثر من تريليون درهم من التمويل المستدام بحلول عام 2030. وفضلاً عن تنمية محافظ الاستثمار الصديقة للبيئة، يعمل قطاع الخدمات المالية على تقليل استهلاكه للطاقة بشكل كبير من خلال تعزيز كفاءة مراكز البيانات.

    والآن، يتعين على المؤسسات والشركات أن تدمج الاستدامة في بنيات أنظمتها، وأن تجعلها متطلباً غير وظيفي في العطاءات التي تتلقاها، وأن تشترط وجود أهداف استدامة في اتفاقيات مستوى الخدمة. وبينما يتصدر المهندسون المعماريون والمهندسون ومديرو المشاريع وموظفو تسليم البرامج الجهود في هذا المجال، ستنتقل فرق العمل بشكل سلس إلى استخدام تعليمات برمجية لدعم الاستدامة، مع الحفاظ على القدرة التنافسية والربحية بل وحتى تحسينها.

    ويمكننا جميعاً أن نتطلع قدماً إلى اليوم الذي تصبح فيه الاستدامة هي المعيار الجديد، وستلعب البرمجيات دوراً محورياً لمساعدتنا على خلق مستقبل تنافسي آمن مناخياً.

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن