كتب : رشا حسين
في السابق، كان العمل عن بعد، يُعتبر ميزة متاحة لجميع الموظفين بغض النظر عن مكانتهم داخل الشركة، لكنه أصبح الآن يبدو كأنه رفاهية تقتصر فقط على أصحاب المناصب العليا، وأصحاب النفوذ.
ففي الوقت الذي يفرض فيه الرؤساء التنفيذيين، والمدراء الكبار، سياسات العودة إلى المكاتب على موظفيهم، يتمتع هؤلاء بحرية العمل عن بعد، من منازلهم الفاخرة، أو حتى من على شواطئ جزر نائية،
من جهته قال مارك بينيوف، الرئيس التنفيذي لشركة “سيلز فورس” للبرمجيات السحابية، أنه لا يعمل بشكل جيد في المكتب، ويفضل إدارة أعماله من منزله في هاواي أو كاليفورنيا، رغم أنه يفرض على موظفي الشركة الحضور إلى المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع.
من جهة أخرى، طلبت “ستاربكس“، من موظفيها العودة إلى المكتب ثلاثة أيام أسبوعيًا بدءًا من يناير المقبل، بينما يعمل الرئيس التنفيذي الجديد براين نيكول من منزله على الشاطئ في كاليفورنيا، حيث توفر له الشركة طائرة خاصة لنقله – متى شاء – إلى المقر الرئيسي الذي يبعد أكثر من 1600 كيلومتر.
مع ذلك، تؤكد “ستاربكس”، أن نيكول سيخضع للقواعد نفسها المفروضة على باقي الموظفين.
منذ انتهاء جائحة “كوفيد-19″، تراجعت أيام العمل عن بُعد للموظفين من الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة، بينما بقيت شبه مستقرة بالنسبة لأولئك الذين يتقاضون رواتب مرتفعة، وفقًا لتقرير يستند إلى بحث من جامعة ستانفورد.
ووفقا للتقرير، يعمل فقط 5% من الأشخاص الذين يتقاضون بين 10 إلى 50 ألف دولار سنويًا عن بُعد، من أماكن تبعد أكثر من 80 كيلومترًا عن مكاتبهم، مقارنة بـ 14% من العاملين الذين يتجاوز دخلهم السنوي 250 ألف دولار والعديد من سياسات العودة إلى المكتب لا تعتمد على بيانات دقيقة، فشركة أمازون – التي تشتهر بالاعتماد على القياسات والمؤشرات – تجد صعوبة في تقديم أدلة تدعم فرض سياسة الحضور الشخصي، وتعتمد بدلاً من ذلك على مبررات غامضة مبنية على الافتراضات، والتفضيلات.
أظهرت الدراسات، نتائج متباينة بشأن تأثير العمل عن بعد، والعمل الهجين على الإنتاجية.
ففي بعض الدراسات، ارتبط العمل عن بعد، بخسائر تتراوح بين 8-19%، بينما أظهرت دراسات أخرى زيادة في الإنتاجية تصل إلى 13% أو حتى 17% لذا، لا تقدم هذه الدراسات، صورة واضحة حول فوائد المرونة في الحضور إلى المكتب.
لكن بعيدًا عن معيار الإنتاجية الذي قد يختلف من وقت لآخر، يؤكد المؤيدون للمرونة في العمل أن سياسات العمل عن بعد، يمكن أن تساهم في تعزيز المساواة بين الجنسين، ودعم العاملين الذين يتحملون مسؤوليات رعاية أفراد الأسرة كما يمكن أن توسع الفرص للعاملين ذوي الاحتياجات الخاصة، بشرط تطبيق هذه السياسات بشكل مناسب.
وتتخذ العديد من الشركات قرار العودة إلى المكتب بهدف طمأنة المساهمين، وليس بناءً على احتياجاتها الفعلية، وهو ما أكده دراسة شاملة شملت أكثر من 1200 شركة فرضت على موظفيها العودة إلى المكاتب.
ووجدت الدراسة، أن هذه القرارات غالبًا ما تكون مرتبطة بانخفاض أداء الشركة المالي، وبالتالي تُستخدم كإشارة إيجابية للمساهمين بأن القيادة تسيطر على الوضع، بدلاً من أن تكون دافعًا حقيقيًا لتحسين الأداء.
ومن المفارقات، أن ضعف الأداء أثناء العمل عن بُعد، لا يرتبط بالموظفين العاديين، بل بالرؤساء التنفيذيين.
فقد كشفت دراسة، شملت أكثر من 900 رئيس تنفيذي أنه كلما زادت المسافة بين مكان الإقامة، والمقر الرئيسي للشركة، زاد تراجع الأداء.