والإنترنت كلمة معروفة فماذا عن الأشياء؟ والجواب بسيط .. فقد كان العهد بالإنترنت دائماً أن تكون شبكة المعلومات الدولية للبشر بحيث يكون المصدر الأساسى لكل ما عليها من محتوى هو البشر أنفسهم وقد بدأ هذا المفهوم فى التغير الآن وبدأت الإنترنت تقوم بدور الاتصال بين الأشياء ويعضها البعض. وهذه الأشياء قد تكون السيارات أو عدادات الكهرباء أو الأجهزة المنزلية الكهربية أو غيرها مما يتعامل معه البشر فى حياته اليومية. والهدف من ذلك ليس بالطبع أن يتاح لمثل هذه الأجهزة الصماء أن تتواصل بين بعضها البعض ذلك التواصل الذى يعرفه البشر ولكن الهدف هو إتاحة وسيلة للاتصال بين هذه الأجهزة المسماة بالأشياء لتتبادل بعض البيانات المحددة مما ينتج عنه تأدية خدمة بعينها للإنسان ولكن دون تدخل منه هذه المرة او لنقل مع الحد الأدنى من التدخل من جانبه
ولنبدأ فى ضرب الأمثلة ولنختار واحدة من الأشياء هذه المرة وهى السيارة، فيمكن للسيارة أن ترسل بياناً بعدد الكيلومترات التى تحركتها وذلك عند بلوغه الرقم عشرة آلاف مثلاً من خلال شريحة للهاتف المحمول المزودة به هذه السيارة وسيكون هذا الإرسال موجهاً للشركة المسئولة عن إجراء الصيانة لمحركات هذه السيارة دورياً. وبذلك تقوم هذه الشركة بدورها بالاتصال بصاحب السيارة لحجز موعد إجراء الصيانة الخاصة بسيارته وهذه هى الخدمة التى تم تأديتها له بأقل تدخل من جانبه وعن طريق تبادل بعض الأشياء لبيانات محددة على شبكة الإنترنت.
مثال آخر يتم تطبيقه حالياً من خلال عدادات الكهرباء الذكية التى من الممكن أن يتم تركيبها فى المنازل والمحال التجارية وغيرها والمزود بشريحة للهاتف المحمول تمكن كل عداد من إجراء الاتصال آلياً بشركة الكهرباء التابع لها وذلك بهدف أن يقوم العداد بإرسال القراءة الخاصة به لهذه الشركة دورياً ودون تدخل من صاحب المنزل أو المحل الموجود فيه، وطبقاً لهذه القراءة يمكن للأجهزة العاملة داخل الشركة أن تتخذ القرار المناسب لهذه القراءة وبشكل تلقائى كأن يكون هذا القرار مثلاً هو توجيه رسالة تحذيرية لصاحب هذا العداد عبر هاتفه المحمول لتنبيهه إلى ضرورة خفض معدل استهلاكه للكهرباء قبل قطع هذه الخدمة الحيوية عنه إذا احتج الأمر. ويبدو هذا المثال قريباً للتطبيق فى حياتنا اليومية كما أنه يلمس مرفقاً حيوياً يحتاج إلى توظيف كل وسائل التكنولوجيا لخدمته.
ويمكننا أن نستمر فى سرد العديد من الأمثلة من الخدمات الموجودة بالفعل أو التى يجرى ابتكارها حالياً بناءً على هذا المفهوم الجديد من اتصال الأشياء ببعضها البعض وتبادل البيانات بينها عبر وسائل الاتصال المختلفة. وتشير الإحصاءات فى هذا المجال إلى أن عدد الأشياء التى من المتوقع أن تتصل بالإنترنت بحلول عام 2050 سيصل إلى 50 بليون شئ أو جهاز. نعم إن هذا الرقم يزيد على تعداد سكان الكرة الأرضية من البشر الآن وفى حينها كذلك. بل إن هذا الرقم يبلغ ما يقارب السبعة أضعاف لسكان الأرض وهو ما يعنى أن كلاً منا سيتاح له الاتصال بالإنترنت من خلال سبعة من الأجهزة التى تتصل بها نيابة عنه لتؤدى الخدمات اليومية له وتسمح له بالحياة فى عالم أكثر رفاهية.
ولنحاول الآن معاً أن نربط بين هذا المصطلح وبين مصطلح المجتمع الرقمى الذى تم تناوله فى مقال سابق، سنجد حتماً أن المصطلحان مرتبطان ببعضهما لأن تطبيق إنترنت الأشياء سيؤدى إلى إيجاد ما سميناه بالمجتمع الرقمى.