بقلم: د. هبه صالح
رئيس معهد تكنولوجيا المعلومات"iTi"
في لقاء أمس بحضور دولة رئيس الوزراء ومعالى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ،تم مقابلة عدد من كوادر (ITI) واستعراض بعض من حلولهم التقنية المبدعة والتي تساهم في إنتاج المعرفة وتعزيز الاقتصاد الرقمى.. بداية من الألعاب
الرقمية بعضها صمم بغرض الترفيه ،وبعضها صمم لخدمة أغراض تعليمية وتلك التي تحاكى برامج علاج طبيعي وأخرى تقدم تجربة لمعايشة أنظمة سيارات جديدة .الى قطاع واعد آخر يمزج بين التكنولوجيا والأعمال الفنية ويخدم أسواقنا المحلية وتلك العربية والعالمية، والتي ساهم المعهد فيه باعداد الاف من الخريجين عبر عدة سنوات. واستعرض سيادته حلول تقنية دقيقة في مجال السيارات الذكية أتقنها وأبدعها آخر العنقود من دفعة Android Automotive والتي كانت سببا لجذب اهتمام شركة ألمانية رائدة لتقدم لهم جميعا عروض عمل مغرية قبل تخرجهم ب ستة أسابيع، ايمانا منها بأن أفكارهم ومهاراتهم هما الوقود اللازم لدعم تنافسية منتجاتهم في سوق عالمى يعتمد على الإبداع والتجديد المستمر. وغيرها من حلول ترتكز على التقنيات مفتوحة المصدر لخدمة المدن الذكية والتطبيقات المالية.....ولم ننسى أن نلقى الضوء على مبادرات جيل زد أثناء معسكراتهم الصيفية، وكيف حرصنا على أن يأتي تصميم المعسكر ليخاطب حبهم للعب بالتكنولوجيا ومستهدفا تنمية ثقنهم ومهاراتهم في بناء حلول مبدعة لاتقف عند حد الاستهلاك... فختمنا بنموذج للعبة تفاعلية صمموها ونفذوها لتستخدم قراءات أجهزة إنترنت الأشياء لتحديد مواقعهم والتفاعل مع أصحابهم في اطار لعبة سميتها أنا وصديقى النابه "باسم"، بلعبة الاستغماية الرقمية ، واللى واضح انها مسمى قديم ويفضل جيل زد ومن بعده ألفا أن يطلقوا عليها لعبة catch me!
وطبعا سبق ذلك عرض سريع لأحدث التخصصات التي نقدمها واللى أصابها من جنون الذكاء التوليدى نصيب...وصباحا كان فريق العمل وقبل ساعات من بدء الزيارة الرسمية، ينهى فعاليات ليوم مخصص لتطبيقات وحلول الذكاء الصناعى في الموضة والعمارة وطب الأسنان وعالم الشحن وعالم المال... فعالية مهمة أثراها نماذج من رواد الأعمال المصريين والملهمين ممن لم تعرفهم بعد شاشتنا وقنواتنا الاعلامية ويحلقون بإبداعاتهم في السوق المحلى والاقليمى وبعضهم عالميا في صمت.
كيف كان اللقاء؟؟ وجدتني متأثرة أكثر من المتوقع. لم يكن مجرد لقاء جيد، بل كان تأكيداً على أننا قادرون... قادرون على الاختيار بين دور الضحية وبين من يستطيع أن يقف فى وجه المتنمر ويدافع عن حقه وعن حق غيره اللى بيتقهرويتم طحنه من شهور...جنون العالم وتوحش الديمقراطية المدعاة والتي ترقص بغطرسة فوق أي منظومة قانون وأخلاق وقيم دينية أو إنسانية ،ليس بغصة لا نملك الا أن نبتلعها ونكتفى أمامها بالدعاء على جار السو إلى أن يغور، ولا هو أمر واقع يجب أن نأخذ فيه برأى البراجماتيين والمنسحقين للتعايش معه بواقعية خانعة!!..
هايغور لما تتحول هذه النماذج الشابة من نماذج إلى نمط حياة وسمة مجتمع.... نراها ونرصدها ونشجعها ليس فقط في قطاع الاتصالات بل وفى الصناعة والزراعة والفنون والسياسة ومع رجال الدين وعلماء المجتمع وفى القطاع الطبي وغيره...هايغور أكيد هذا المتنمر وهذا البلطجى وأمثالهم عندما نراهم ونرصدهم وهم في بلدنا ،وعندما لا نعتاد هجرتهم.....وإلى من يستبعد ذلك قائلا ياترى مين يعيش...أخبره بان كتير من هذه النقاط المضيئة كانت نتاج شهور قليلة من الاستثمار والاعداد الجيد والاهتمام...فما بالنا لو امتد هذا الاهتمام لسنوات قليلة مرحلية ولتكن سنوات كلياتهم...فقط اعداد جيد وتضافر موارد وجهود، فتتحول من نماذج لنمط سائد ومنبع لاينضب من المواهب..
رغم التحديات التي نمر بها، الا أن مصر غنية.... بنقاط وأفراد منيرة ومستنيرة....فى حضرتهم تصيبك نسائم الابداع والحرية التى تشعرك بأنك تحلق وتحيا... وفي غيابهم يطبق عليك ضيق العيش وسط فتات من الأمل...فقط اذا ما تحولت هذه النقاط الى مساحات من الاشعاع الحضارى والاقتصادي في قطاعات تشمل شرائح الغالبية من مجتمعنا...وليست نماذج تقضى معنا فترات مؤقتة حتى تنتهى من اعدادات تحليقها بعيدا عنا....وعندما تتحول من نقاط إلى مساحات مضيئة، سنتحول من العيش للحياة..فنحيا بعيدا عن مواقع التبعية.. نحيا أمة كريمة حرة مبدعة تفخر بتاريخ متفرد، وتنعم في حاضر يساهم في البناء العالمى...وحينها سيختفى كل متنمر ومتغطرس.