كتب : علي الديب
شاركت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في ندوة بعنوان "متى سيقود القادة[s1] ؟" خلق حيز مالي وتوجيه التمويل لأهداف المناخ والصحة"، والمنعقدة خلال فعاليات اليوم الأول للدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ عام 2022، COP27، والمقام بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 7 - 18 نوفمبر، بحضور عدد من رؤساء دول العالم، ومشاركة دولية واسعة بحضور أكثر من 40 ألف شخص يمثلون نحو 190 دولة، وعشرات المنظمات الدولية والإقليمية. استضاف الندوة وزير أول سكوتلاندا؛ نيكولا ستورجون، بحضور البروفيسور ماريانا مازوكاتو، رئيسة مجلس منظمة الصحة العالمية.
وخلال الندوة، أكدت الدكتورة هالة السعيد أن تغير المناخ هو التحدي الأكثر خطورة، مشيرة إلى المعاناة التي سيواجهها العالم مع استمرار الاحترار وتزايد الضغط على حدود الكوكب بشكل متزايد، حيث أن الآثار السلبية لأزمة المناخ على حياة البشر وصحتهم تثير القلق، فما يقرب من 25% من الوفيات في جميع أنحاء العالم ناتجة عن عوامل الخطر البيئية.
وقالت السعيد إن مؤتمر الأطراف في شرم الشيخ COP 27 يوفر فرصة مميزة لجميع أصحاب المصلحة لمواجهة التحديات المطروحة والانتقال بسرعة من مرحلة التفكير والتعهدات إلى مرحلة الحلول والتنفيذ.
أشارت السعيد إلى أن مساهمة القارة الأفريقية في تغير المناخ والتي تعد المنطقة الأكثر عرضة لتأثيراته وأقل مساهمة فيه، حيث تقترب مساهمة القارة في انبعاثات الكربون العالمية من 6%، ويصدر الأفارقة 0.7 طن فقط من الكربون للفرد سنويًا، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 4.5 طن، ومع ذلك تقدر الأمم المتحدة عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في بلدان أفريقيا وجنوب الصحراء المعرضة للجفاف قد زاد بنحو 45% بين عامي 2012 و2020.
أضافت وزيرة التخطيط أن عدم اتخاذ إجراءات فورية لا يؤدي فقط إلى انتكاسات للجهود الإنمائية، بل يهدد أيضًا بعكس المكاسب التي حققتها البلدان الأفريقية في السنوات الأخيرة للحد من الفقر وتحسين اقتصادياتها، مؤكدة حق الدول الأفريقية في التوسع في استهلاك الطاقة وبالتالي تحقيق النشاط الاقتصادي.
ولفتت الدكتورة هالة السعيد إلى أن أفريقيا هي موطن أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من فقر متعدد الأبعاد، وأن نحو 600 مليون أفريقي يعيشون بدون كهرباء، مما يحد من قدرة الأشخاص على الوصول للمعلومات والتعليم والخدمات الصحية والقانونية وغيرها، مع ما يترتب على ذلك من آثار على مجالات متعددة من التنمية البشرية.
أكدت السعيد أن الحل هو استثمار العالم في مساعدة البلدان الأفريقية على توسيع قدراتها في مجال الطاقة المتجددة من خلال انتاج الهيدروجين الأخضر على سبيل المثال، والسماح لنمو البلدان الأفريقية وتنميتها بالدفع بوسائل مستدامة.
وشددت الدكتورة هالة السعيد على أهمية تمويل العمل المناخي، موضحة أهمية التمويل الكافي اللازم لدعم الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية مع التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، مشيرة إلى أنه وفقًا للتوقعات الأخيرة؛ تحتاج الدول النامية لنحو 340 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030 للتكيف مع تغير المناخ، وتحتاج إفريقيا إلى 250 مليار دولار سنويًا، بين عامي 2020 و2030، لتنفيذ مساهماتها الوطنية المحددة NDCs، وهو ما يمثل ضغوط على تلك الدول نحو تحقيق الأهداف الإنمائية، خاصة في ظل الأزمات العالمية المتكررة والمتداخلة التي تحد بالفعل من الحيز المالي.
أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى أن "الأدوات المالية" تمثل عنصر أساسي في تحديد السياسات ورفع مستوى الطموح، مع مراعاة مستويات الدين الخارجي والداخلي في الدول النامية، بما في ذلك مصر، مما يحد من قدرة متخذي القرار على رفع مستوى الطموح. إذا كان سيتم تمويلها من إحدى أدوات الدين، مثل القروض أو حتى من السندات الخضراء، مؤكدة أن هناك حاجة ماسة إلى آليات التمويل المبتكرة لترجمة هذا الطموح إلى نتائج ملموسة على الأرض، وبالتالي الاستثمار بشكل كبير في استخدام الطاقة والانتاج الذي ينبعث منه قدر أقل من الكربون، وفي التقنيات الجديدة التي تستخرج الكربون من الهواء.
كما أكدت الدكتورة هالة السعيد أهمية التعاون مع القطاع الخاص، مشيرة إلى أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تعد أدوات فعالة ومبتكرة في تمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، فمن خلال تكامل الموارد؛ يمكن للشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تساعد في تحقيق أهدف كثيرة، بما في ذلك توفير التكلفة وتخفيف المخاطر بالإضافة إلى التنفيذ الفعال للمشروعات، وبالتالي توفير الحيز المالي الذي تحتاجه الحكومات للوفاء بجداول أعمال التنمية.
وحول الوضع داخل مصر؛ أشارت السعيد إلى دور صندوق مصر السيادي الذي يعمل على تعزيز إمكانات مصر من خلال الاستثمار مع القطاع الخاص، كما يشارك الصندوق بنشاط في مشروعات الطاقة المتجددة، حيث يسعى لجذب المستثمرين من القطاع الخاص إلى الفرص الفريدة التي تكمن في الموارد الطبيعية الوفيرة في مصر، بما في ذلك ضوء الشمس والرياح، مؤكدة أن زيادة قدرة انتاج الطاقة المتجددة في مصر سيمكنها من أن تصبح رائدة في مجالات التزويد بالوقود الأخضر وتحلية المياه، فضلاً عن تصدير الأمونيا الخضراء والميثانول الإلكتروني.
أوضحت السعيد أن صندوق مصر السيادى يسعى للتوسع في هذا المجال من خلال تقديم مشروعات انتاج الهيدروجين الأخضر مع القطاع الخاص، حيث تم تنفيذ مشروع تجريبي مع شركاء محليين ودوليين وسيتم إطلاقه خلال CoP-27 كأول مشروع في هذا الصدد، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات إطارية متعددة أخرى. وأوضحت أن الصندوق سيطلق منصة وسيدعو المستثمرين الماليين المهتمين إلى الاستثمار المشترك فيها، ومنحهم الاطلاع على العديد من المشروعات عبر سلسلة قيمة الطاقة الخضراء.
وفي ختام كلمتها أكدت الدكتورة هالة السعيد أن مصر تتمتع بإمكانيات كبيرة لإنتاج الطاقة المتجددة، مشيرة إلى تطلع الدولة المصرية إلى شراكة قوية مع الدول الأخرى لسد فجوة الطاقة التي تواجهها أوروبا في ظل التطورات الجيوسياسية الحالية، مؤكدة أن معالجة تأثير تغير المناخ يجب أن تتم باتباع نهج متكامل يضمن الانسجام بين جدول الأعمال البيئي العالمي سواء في التنوع البيولوجي أو تغير المناخ أو مكافحة التصحر، والسياق الأوسع لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، من خلال تنفيذ جدول أعمال 2030 وأهداف التنمية المستدامة.