أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء الدين فاروق أهمية التكامل الزراعي العربي المشترك في إطار التكامل الاقتصادي للتغلب على المشكلات التي تواجه قطاع الزراعة العربي والقضاء عليها مع تعزيز التجارة البينية بين دولنا العربية وزيادة وتشجيع الهيئات والكيانات الاستثمارية الكبرى بمنطقتنا العربية في الاستثمار بالقطاع الزراعي.
جاء ذلك في كلمة لوزير الزراعة اليوم الاثنين في الاحتفال بيوم الزراعة العربي للعام 2024 الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية الزراعية وألقاها نيابة عنه المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، والذي يتم الاحتفال به هذا العام تحت شعار “نحو زراعة عربية مبتكرة من أجل مستقبل مستدام”، تحت رعاية وزير الزراعة، حيث يوافق هذا اليوم ذكرى مباشرة المنظمة العربية للتنمية الزراعية لأعمالها عام 1972.
وقال وزير الزراعة واستصلاح الأراضي “إننا نجتمع اليوم ودولنا العربية تواجه مخاطر وتهديدات اجتماعية واقتصادية، وفي ظل عالم متغير بصورة مضطردة، كما أن التطورات والمتغيرات الاقتصادية والدولية المتسارعة تعظم من التحديات التنموية والتكنولوجية والبيئية التي
تواجهها منطقتنا العربية، ولاسيما قضايا الأمن الغذائي، والحد من ارتفاع الأسعار، إضافة إلى تحقيق الأمن المائي في ظل شح الموارد المائية العربية وسوء استغلال المتاح منها إضافة إلى ذلك عدم استقرار المنطقة .
وأضاف أن هذا يحتم علينا جميعاً أن نبذل كل ما نستطيع لتعزيز أواصر العمل العربي المشترك لمواجهة تلك المخاطر والتحديات مستغلين ما لدينا من موارد اقتصادية وطبيعية كبيرة ومتنوعة بشكل فاعل ومؤثر لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي والتعامل مع الواقع العالمي الجديد .
وأشار إلى أن قضية الأمن الغذائي أصبحت من القضايا المحورية إقليميا وعالميا كما تعد واحدة من أكثر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء، حيث لم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسة استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي، الأمر الذي يقتضى ضرورة قيامنا بالبحث عن اليات جديدة ومبتكرة لتطوير القطاع الزراعي وزيادة الإنتاجية، وذلك لضمان تحقيق الأمن الغذائي لشعوبنا الكريمة من خلال بناء أنظمة غذائية وزراعية أكثر صموداً وأكثر استدامة وشمولاً .
وقال إن التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في منطقتنا العربية منها ما هو متعلق بالشح المائي والتصحر وتدهور الأراضى وتفتت الحيازة الزراعية ونقص العمالة المدربة والتكنولوجيات الحديثة المتعلقة بالممارسات الزراعية، فضلاً عن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية التي تواجهنا جميعاً خاصة ما يتعلق بحدوث السيول والفيضانات والأعاصير وما تخلفه من أزمات غير عادية، فضلاً عن وجود تحديات اقتصادية أخرى مرتبطة بنقص التمويل الزراعي، واستمرار اتباع نظم زراعية تقليدية في بعض المناطق، يضاف إلى ذلك المشكلات الاجتماعية المرتبطة بسوء التوزيع في ظل نقص متطلبات التنمية الريفية المتكاملة ببعض المناطق الأخرى.
وشدد فاروق على أهمية توفير التمويل المحفز والميسر للنهوض بهذا القطاع الهام، فضلا عن تهيئة البنية التحتية وتبني تطبيق التكنولوجيات الحديثة والممارسات الزراعية الجيدة لتقليل الهدر والفاقد في المحاصيل الاستراتيجية مع رفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية المتمثلة في وحدتي الأرض والمياه.
وأشار إلى أهمية اتخاذ إجراءات لتحسين حالة القطاع الزراعي وتطوير الإنتاج والإنتاجية في البلاد العربية، بحيث تشمل الاهتمام بتنفيذ مشروعات التكامل الزراعي العربي ودعم أنظمة غذائية وزراعية مستدامة أكثر شمولا وصمودا للدول العربية، فضلا عن تنشيط وتعزيز التنمية الريفية والبدوية، مع تدعيم أصحاب الحيازات الصغيرة خاصة في المناطق الهامشية والهشة، إضافة إلى توفير التمويلات التنموية المناسبة للدول لتمكينها من تنفيذ برامج تسهل حصول صغار المزارعين على التمويل الميسر والمحفز.
ولفت إلى أهمية تكثيف وتوحيد الجهود لدعم تطوير سلاسل القيمة مع التركيز على السلع الزراعية الاستراتيجية ذات الأولوية وتوفير فرص عمل، فضلا عن الاهتمام بإنشاء المخازن الاستراتيجية لدعم احتياطي الأمن الغذائي العربي كإطار للعمل الإنساني والتنموي بين الدول العربية لضمان قدرة النظام الغذائي على الصمود، وكذلك لتكون آلية استجابة للطوارئ لمعالجة الجوع وسوء التغذية في ضوء الكوارث والأزمات التي قد تتعرض لها الدول العربية الشقيقة، وكذلك تطبيق التكنولوجيات الزراعية مع الاهتمام بقضية التصنيع الزراعي لأنها تحقق قيمة مضافة إلى اقتصاديات الدول العربية وتوفر التكنولوجيا وفرص العمل، وتعزيز التجارة البينية بين دولنا العربية والعمل على إزالة العوائق الفنية لتسهيل انسياب السلع الزراعية بين الدول العربية.
وقال إنه إيمانا من الدولة المصرية بأهمية هذا القطاع كركيزة أساسية في دعم اقتصاد الدول من خلال توفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، فقد شهد القطاع نهضة ودعما غير مسبوق من القيادة السياسية خلال العشر سنوات الماضية من خلال مجموعة من المحاور تمثل أهمها في: التوسع الأفقي، وذلك من خلال خطة الدولة لاستصلاح نحو 4 ملايين فدان لتدعيم إنتاج المحاصيل الاستراتيجية بهدف تقليل الفجوة الغذائية بها وتحقيق الأمن الغذائي للشعب المصري، والتوسع الرأسي، وذلك من خلال استنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية ومبكرة النضج وقليلة الاحتياج المائي ومتحملة للتغيرات المناخية، وكذلك تبني التقنيات الحديثة في تطوير نظم الري ورفع كفاءة استخدام الموارد المائية من خلال بناء محطات معالجة مياه الصرف الزراعي العملاقة.
وأشار وزير الزراعة – في كلمته – إلى أنه ضمن الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية أيضا، تدعيم التحول إلى النظم الغذائية الصحية والآمنة والاهتمام ببرامج التغذية المدرسية وبرامج تدعيم صحة الأطفال، حيث انضمت مصر إلى تحالف التغذية المدرسية، إدراكا منها بأهمية توفير غذاء صحي وآمن للتلاميذ في مراحل التعليم المختلفة، كما أصبحت إحدى أكبر الدول تنفيذا لبرنامج التغذية المدرسية في المنطقة.. لافتا إلى أن الدولة المصرية سعت أيضا إلى تقليل نسبة الفاقد والهدر من خلال توسيع نطاق البرنامج القومي للصوامع، ما أدى إلى زيادة القدرات التخزينية ورفع جودة التخزين مع تنويع مناشئ الاستيراد للسلع الاستراتيجية من الحبوب، تدعيما لقدرة الدولة على مواجهة تداعيات الأزمات العالمية في سبيل توفير احتياجات الشعب المصري العظيم.
وأضاف أنه تم أيضا تدعيم وتوسيع نطاق شبكة الحماية الاجتماعية من خلال برامج تكافل وكرامة وإطلاق المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” التي استهدفت التخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا في الريف .
وأوضح فاروق أن المنطقة العربية تعد من أكبر أقاليم العالم استيرادا للغذاء، حيث تستورد نحو 100 مليون طن من المواد الغذائية، الأمر الذي يستوجب العمل على توفير الدعم المالي اللازم لإقامة مشروعات عربية لسد الفجوة الغذائية، وذلك من خلال التعاون بين القطاعات الحكومية ومؤسسات التمويل والقطاع الخاص العربي، والعمل على تفعيل آلية تمويل عربية تضمن تدفق رؤوس الأموال بشكل دائم، وتشجع الاستثمار في المشروعات المستدامة التي تهدف إلى رفع القدرات العربية في مجالات الطاقة النظيفة، والزراعة الذكية المستدامة، وتشجع منح قروض ميسرة للمستثمرين ولصغار المزارعين.
وفي نهاية الاحتفال، أطلق إبراهيم الدخيري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية، حاضنة الأعمال الافتراضية ومنصة التعليم الزراعي، التابعة للمنظمة.
حضر الاحتفال، الدكتور رائد علي صالح الجبوري مدير إدارة المنظمات والاتحادات العربية والمشرف على وحدة التنسيق والمتابعة بالأمانة العامة لجامعه الدول العربية، وإبراهيم الدخيري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية، فضلا عن عدد من الوزراء والسفراء ومديرو المنظمات العربية والدولية، وممثلو المجموعات الاقتصادية الإقليمية وشركاء التنمية، والدكتور سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية بوزارة الزراعة.