نجح علماء في تطوير تقنية جديدة لاستخدام الشفرة الوراثية للحمض النووي لتخزين البيانات، وهو ما يعزز البحث عن حلول قوية لتوفير كميات متزايدة من المعلومات الرقمية بتكلفة أقل وبشكل مستدام.
ويُنظر إلى الحمض النووي باعتباره خلاصًا محتملًا للاقتصادات المعتمدة على البيانات، لأنه مستقر ويمكن لجرام واحد منه أن يخزن نظريًا ما يعادل نحو 10 ملايين ساعة من الفيديو عالي الدقة.
تمكن باحثون من مؤسسات أمريكية وصينية وألمانية من استخدام تفاعل كيميائي بسيط لمحاكاة النظام الثنائي لأجهزة الكمبيوتر التقليدية، ما يتيح طباعة المعلومات على الحمض النووي بدقة جيدة وأسرع بكثير من الطرق التقليدية.
وقال لونج تشيان، أحد المشاركين في تأليف العمل، إن التكنولوجيا الجديدة الواعدة، التي وردت في ورقة بحثية نشرت في مجلة نيتشر، من شأنها أن تمكن من "تطبيقات العالم الحقيقي" لتخزين الحمض النووي، والتي تضع ضغطًا أقل على الكهرباء والموارد الأخرى.
وأضاف تشيان، الباحث في مركز البيولوجيا الكمية بجامعة بكين الصينية: "إن تقنيات تخزين البيانات الحالية لا تستطيع ببساطة أن تتحمل تكاليف تخزين وحفظ الكميات الهائلة من البيانات التي نجمعها وننتجها كل يوم، وإذا كان من المقرر تخزين البيانات لأكثر من 50 عامًا، فإن حفظ البيانات في الحمض النووي سيكون أرخص من استخدام محركات الأقراص الصلبة وصيانتها".
وكانت المحاولات السابقة لحفظ المعلومات على الشفرة الوراثية الاصطناعية تستغرق وقتًا طويلًا، وكانت مكلفة وعرضة للأخطاء.
في هذا المشروع، استغل العلماء عملية كيميائية طبيعية تُعرف باسم الميثلة لتعديل الكتل البيولوجية في الحمض النووي المعروفة باسم القواعد.
وبما أن هذا يعني أن القواعد إما أن تكون ميثيلية أو غير ميثيلية، فقد منحها هذا حالتين محتملتين لتشفير المعلومات، مثل القيم الثنائية 0 و1 التي تستخدمها أجهزة الكمبيوتر.
ومن بين المزايا المحتملة لعملية الميثلة بساطتها مقارنة بالطرق التقليدية لتخزين بيانات الحمض النووي، والتي تنطوي على بناء كميات متزايدة من الشفرة الجينية الجديدة.
واستخدم الباحثون تقنيتهم لتخزين صور مثل صورة ملونة لباندا وصورة فرك إعادة إنتاج لنسيج سطح لنمر جرى التقاطها خلال عهد أسرة هان في الصين.
النهج الجديد يعادل الطباعة بالحروف المتحركة.
وقدر الباحثون أن استراتيجية الترميز التي ابتكروها قد تكون أسرع بنحو 10 آلاف مرة من الطرق الحالية، وبجزء بسيط من التكلفة.
وقال نيك جولدمان، كبير العلماء في المعهد الأوروبي للمعلومات الحيوية: "إن هذه العملية تشبه إلى حد كبير آلة الطباعة، وليس ترك أثر من فتات الخبز، والأمل هو جعل الأشياء صغيرة وسريعة ومتينة وغير ضارة بالبيئة وغير مكلفة".
وأضاف أن المزيد من التقييم لسرعة النظام وتكاليفه سيكون مطلوبًا، وبفضل الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي، أصبحت كمية البيانات التي يجري توليدها سنويًا تصل الآن إلى تريليونات الجيجابايت، وهو ما يزيد الضغوط على سعة التخزين الرقمية، فضلًا عن تأجيج الطلب الهائل على الكهرباء من مراكز البيانات في العالم.