كتب : باكينام خالد
هل أقتربت فقاعة الذكاء الاصطناعي من نهايتها؟.. حيث يشهد مجال الذكاء الاصطناعي تحولا كبيرا في الأيام الأخيرة، إذ بدأت الصناعة التي شهدت تضخم قيمتها، وجذبت استثمارات هائلة، تتداعى تدريجيا، بحسب تقرير أكسيوس.
فبعد أن استثمر عمالقة وادي السيليكون، وشركات رأس المال المغامر، مليارات الدولارات في التكنولوجيا الوليدة بناء على توقعات بتحقيق عوائد ضخمة لاحقا، يشير دخول منافسين جدد قادمين من الشرق إلى أن النمو السريع للذكاء الاصطناعي، فيما عرف بين المتخصصين بفقاعة الذكاء الاصطناعي، ربما لا يفتقر إلى الاستدامة فحسب، بل حسابات المكسب، والخسارة كذلك.
أتى صعود الذكاء الاصطناعي في الغرب السريع، مدفوعا بتوقعات تحقيق طفرات تكنولوجية، وهو ما جعل تقييم شركات مثل “أوبن أيه آي”، و”أنثروبيك”، تحرز قفزات واسعة سريعا، وهو ما خلق ما عرف بفقاعة الذكاء الاصطناعي، وفقا لبلومبرغ.
5.6 مليون دولار فقط
لكن مع نضوج السوق، بدأت فجوة واضحة تظهر بين تقييمات الشركات المبالغ فيها، والعوائد الفعلية.
فعلى سبيل المثال، أنفقت شركة “ديب سيك” الصينية، نحو 5.6 مليون دولار فقط على تدريب نموذج “ديب سيك-آر1” (DeepSeek-R1) الخاص بها، بينما تنفق شركات التكنولوجيا العملاقة في وادي السيليكون ما بين 100 مليون دولار، ومليار دولار على تدريب كل نموذج، فيما يقدر المحللون أن تكلفة تشغيل “تشات جي بي تي”، تصل إلى 700 ألف دولار يوميا.
ويعني هذا أنه حتى الابتكارات الثورية، قد لا تحتاج دائما إلى إنفاق كل هذه الأموال الطائلة.
هبوط تاريخي
بعد طرح تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك”، تراجعت قيمة الأسهم الأمريكية بنحو تريليون دولار حيث هبط سهم شركة “إنفيديا” الأمريكية، بأكثر من 15% في يوم واحد، مما أدى إلى انخفاض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 3% في ظل موجة من الشكوك التي اجتاحت المستثمرين إزاء إمكانية بقاء تقييمات الذكاء الاصطناعي المرتفعة على حالها، وتزايدت التوقعات بقرب انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي.
ونتيجة لذلك، أصبح احتمال تحقيق إيرادات عالية من شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى موضع تساؤل، مما أثار مخاوف شركات رأس المال المغامر بشأن استقرار استثماراتها على المدى الطويل.
انفجار فقاعة "AI "
تنبأ تقرير نشر الأسبوع الماضي، بانفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي خلال العام الجاري.
ولكن التقرير لم ينسب انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي، المحتمل إلى صعود شركة صينية، بل أكد أن العوائد الهزيلة ستكون سببا لذعر المستثمرين، أو أن زيادة اللوائح التنظيمية ستحد من الابتكار.
ورغم هذا كانت النبرة العامة للتقرير متفائلة، أملا في أن يؤدي انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي، إلى تحقيق توازن في الصناعة يجعلها “تحقق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي دون مبالغة في الوعود”.
تجاهل المستثمرون
بما أن تطبيق “ديب سيك” الصيني، أثبت وجود مبالغة في تقييم أسهم الذكاء الاصطناعي، فلماذا تجاهل المستثمرون كل المؤشرات؟.. الإجابة كما يبدو هي سهولة قبولهم بمعايير التقييم التي حددتها الشركات الأمريكية لنفسها، في ظل خلو السوق في البداية من أي منافسة خارجية يمكنها إغراء المستثمرين بوعود مختلفة.
يعد هذا التحول نقطة فاصلة بالنسبة إلى شركات رأس المال المغامر، التي يتوقع الخبراء وقوع مواجهة حاسمة بينها، وبين شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة مثل “أوبن أيه آي”، و”مايكروسوفت”، و”أمازون”، و”ميتا”، ولكن هذا ربما لا يكون الحل الوحيد في نهاية المطاف.
الأمر المؤكد حاليا أن المستثمرين، سيحتاجون إلى إعادة التفكير في استراتيجياتهم مع استقرار السوق، وتحويل تركيزهم من رهانات عالية المخاطر والعوائد، إلى نماذج مستدامة، يمكنها تحقيق قيمة طويلة الأجل وقابلة للتوسع ومع تصحيح السوق، من المرجح أن يكون الفوز من نصيب من يراهنون على الابتكار الذي لا يعتمد على التمويل الضخم، بل على النمو الذكي والفعال.