وزيرة التخطيط : تعافى نمو الاقتصاد المصرى على مدار التسعة أشهر الأولى من العام المالى الجارى تؤكد فعالية الإصلاحات الحكومية

  • أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط، أن تعافي نمو الاقتصاد المصري على مدار التسعة أشهر الأولى من العام المالي الجاري، تؤكد فعالية الإصلاحات التي تنفذها الحكومة، على صعيد السياسات الكلية والهيكلية، ودورها في تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود، رغم حالة عدم اليقين على المستويين العالمي والإقليمي.

    جاء ذلك بمناسبة إعلان وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، اليوم الاثنين، عن ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، والذي سجل نسبة 4.77%، مقارنة بمعدل نمو بلغ 2.2% في الربع المناظر من العام المالي السابق، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي له منذ ثلاث سنوات، حيث يُسهم هذا الأداء في رفع معدل النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري إلى نحو 4.2%، مقارنة بنحو 2.4% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، ما يعكس تعافيًا مستدامًا ومرونة متزايدة للاقتصاد في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية.

    وأشارت المشاط إلى أن معدلات النمو المُحققة في الربع الثالث من العام المالي الجاري، تجاوزت التوقعات؛ نتيجة التطور المستمر في أداء عدد من القطاعات الحيوية على رأسها الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة (ممثلة في المطاعم والفنادق) والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لافتة إلى أن ذلك الزخم الإيجابي والتعافي في نمو الاقتصاد المصري يتسق مع الرؤية التي تتبناها الدولة لتحقيق تنمية اقتصادية بقيادة القطاع الخاص، والتحول نحو اقتصاد تنافسي قائم على القطاعات القابلة للتداول والتصدير.

    وأكدت أن الدولة تمضي قدمًا لترسيخ أسس هذا التعافي بتوطين الصناعة وتنفيذ الإجراءات المحفزة لزيادة الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمارات، مضيفة أن النمو في الربع الثالث من العام المالي الجاري شهد مساهمة متنامية أيضًا من قطاعات الخدمات المالية، والتأمين، والتشييد والبناء.

    وشددت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي – فيما يتعلق بتطور استثمارات القطاع الخاص – أن المؤشرات تعكس الدور المتزايد للقطاع الخاص في دفع مسار التنمية، حيث ارتفعت الاستثمارات الخاصة بنسبة 24.2% في الربع الثالث، لتستحوذ على 62.8% من إجمالي الاستثمارات الكلية المنفذة (باستثناء التغير في المخزون)، وهو ما يؤكد تصاعد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، ونجاح سياسات الحكومة في توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص في التنمية، إلى جانب التزام الدولة بحوكمة الاستثمارات العامة لإفساح المجال لاستثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي.

    وأوضحت أن النمو الذي شهده الربع الثالث تجلى في استمرار نشاط الصناعة التحويلية غير البترولية في الانتعاش محققًا معدل نمو بلغ 16% خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام المالي السابق، الذي سجل النشاط فيها انكماشًا بلغ نحو 4%، مشيرة إلى أن ذلك النمو الملحوظ في الربع الثالث يتزامن مع سعي وحرص الدولة على تكثيف الاستثمارات في القطاع الصناعي باعتباره من القطاعات ذات الأولوية في البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، لافتة إلى أن ذلك ظهر بصورة جلية في نمو مؤشر الرقم القياسي للصناعة التحويلية (بدون الزيت الخام والمنتجات البترولية) حيث بلغ 16.03% في المتوسط خلال الربع الثالث؛ كما شهدت عدة صناعات نموًا مرتفعًا منها صناعة المركبات ذات المحركات، والملابس الجاهزة، والمشروبات، وصناعة الورق، والمنسوجات، معدلات نمو 93%، 58%، 34%، 20%، 17% على التوالي.

    وأضافت أن النمو الصناعي ارتبط بتحسن ملحوظ في أداء الصادرات، حيث سجلت صادرات السلع تامة الصنع زيادة سنوية بلغت 12.7% خلال الربع الثالث، ما يعزز دور القطاع الصناعي كقوة دافعة للنمو. ويُعد قطاع الملابس الجاهزة أحد الأمثلة البارزة، منوهة بان صادرات القطاع سجلت نموًا سنويًا تجاوز 23% خلال نفس الفترة، مستفيدًا من التحولات في خريطة التجارة العالمية وزيادة الطلب الخارجي، وهو ما يعكس مرونة قطاع الملابس الجاهزة وقدرته على الاستجابة السريعة للطلب العالمي.

    وأشارت إلى أن عِدّة قطاعات اقتصادية استمرت في تحقيق معدلات نمو موجبة خلال الربع الثالث، حيث سجل نشاط السياحة (ممثلة في المطاعم والفنادق) معدل نمو بلغ 23% ؛ نتيجة تزايد تدفق أعداد السائحين الذي ناهز4 مليون سائح، فيما ارتفع أيضًا عدد الليالي السياحية إلى 41 مليون ليلة خلال الربع.

    وقالت “إن أنشطة الوساطة المالية، والتأمين، والكهرباء، والخدمات الاجتماعية (التي تشمل الصحة والتعليم)، والتشييد والبناء حققت معدلات نمو موجبة ومرتفعة بلغت 17.34%،7.7%، 5.76% 4.63%، 3.13% على التوالي؛ وهو ما يعكس تنوع مصادر نمو الاقتصاد المصري الذي يتوافق مع رؤية الدولة للتنويع الهيكلي للاقتصاد ودفع معدلات التنمية في جميع القطاعات”.

    وأردفت أن نشاط قناة السويس شهد تراجعًا بنسبة 23.1% خلال الربع وأن كان بمعدل متناقص عما كان عليه في الربع المناظر الذي انكمش فيه النشاط بنسبة 51.6% على خلفية بداية أزمة تراجع أعداد السفن المارة عبر قناة السويس في ضوء التوترات الجيوسياسية التي أثرت بالسلب على إيرادات القناة حتى الآن، مضيفة أن ناتج قطاع الاستخراجات استمر في التناقص حيث تراجع بنسبة 10.38% نتيجة لانكماش نشاطي البترول والغاز الطبيعي خلال الربع الثالث من العام الـمالي 2024/2025، فقد تراجع نشاط البترول بنسبة 9.52%، كما انكمش نشاط الغاز الطبيعي بنسبة 20.5% على التوالي.
    ولفتت إلى أنه من المتوقع أن يكتسب الاستثمار في الاكتشافات الجديدة وتطوير الحقول زخمًا خلال الفترة المقبلة، مما سيدعم القدرة الإنتاجية المستقبلية ويساهم في الحد من وتيرة تراجع أداء القطاع، مؤكدة انه على جانب الإنفاق، حظي النمو بدعم ملحوظ من صافي الصادرات، التي ساهمت بنحو 2.7 نقطة مئوية في إجمالي النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي.

    وتابعت بالقول “إن تلك المساهمة الإيجابية جاءت مدفوعة بالتوسع القوي في صادرات السلع والخدمات، حيث ارتفع إجمالي الصادرات بنسبة 54.4%، متجاوزًا بشكل كبير الزيادة المسجلة في الواردات والبالغة 18.7، بينما ساهم الإنفاق الحكومي بنحو 0.27 نقطة مئوية” مشيرة إلى أن وتيرة الاستثمار الخاص بالأسعار الثابتة تسارعت بنسبة 24.2% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، متجاوزًا الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي، ومستحوذًا على نحو 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة (باستثناء المخزون).

    وأوضحت المشاط أن ذلك النمو لم يكن كافيًا لتعويض التراجع الحاد في الاستثمار العام، والذي انكمش بنسبة 45.6% مقارنة بالربع المناظر من العام السابق بالأسعار الثابتة، ونتيجة لذلك، جاءت مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي سالبة، حيث خصمت نحو 2.44 نقطة مئوية من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، مضيفة أنه في المقابل، واصلت حصة الاستثمار العام تراجعها لتسجل 37.2%، وهو ما يعكس جهود الدولة لإعادة هيكلة الإنفاق الاستثماري، وترشيد الاستثمارات العامة، والتوجه المتزايد نحو تعزيز دور القطاع الخاص.

    ونوهت بأن المؤشرات الدورية تؤكد استمرار تحسن النشاط الاقتصادي في مصر خلال الربع الثالث ، حيث يشير مؤشر مديري المشتريات إلى استمرار تعافي نشاط القطاع الخاص خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025.. مضيفة أنه مع بداية عام 2025 سجل مؤشر مديري المشتريات 50.7 نقطة، وهو أعلى مستوى له في 50 شهرًا، موضحة انه في فبراير استمر تواجد المؤشر فوق مستوى الحياد ليسجل 50.1 نقطة مشيرًا إلى استمرار تحسن أداء القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر خلال فبراير.

    وأكدت أنه رغم تراجع طفيف في مارس إلى 49.2 نقطة، ظل المؤشر قريبًا من المستوى الحيادي، بما يشير إلى استقرار نسبي في نشاط القطاع الخاص واستمرار اتجاه التعافي، مشيرة إلى أنه استمرارًا لهذا الزخم، وفي سياق جهود الدولة لتعزيز مسار التعافي الاقتصادي وترسيخ دعائم النمو المستدام، اعتمد مجلس النواب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026 في يونيو 2025، وذلك بعد عرضها في 15 أبريل من نفس العام، مستهدفةً معدل نمو يبلغ 4.5%.

    ونوهت بأن مشروع الخطة راع استمرار الالتزام بالسقف المُحدد للاستثمارات العامة عند نحو 1.154 تريليون جنيه في العام المالي 2025/2026، وذلك في إطار جهود الدولة لترشيد وحوكمة الإنفاق العام، بما يعزز من استقرار الاقتصاد الكلي، ويسهم في تعظيم دور القطاع الخاص وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتمويل المشروعات التنموية، مضيفة أن الخطة ركزت بشكل خاص على تعزيز قطاعات التنمية البشرية، حيث خُصص نحو 47% من استثمارات الخزانة العامة للدولة لقطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، مؤكدة ان ذلك التوجه يعكس إيمان الدولة الراسخ بأهمية الاستثمار في رأس المال البشري باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

    وأكدت الوزيرة أنه رغم استمرار حالة عدم اليقين العالمية، تظل المؤشرات الأولية إيجابية بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري خلال العام المالي 2024/2025؛ حيث يُتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو أعلى من المعدل المستهدف البالغ 4%، مدعومًا بزيادة الاستثمارات الخاصة والانتعاش الملحوظ في القطاع الصناعي، إذ بلغ متوسط النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام نحو 4.2% فيما يعكس تحسن تدريجيي يفوق التوقعات في أداء الاقتصاد الحقيقي.

    وأشارت إلى أنه – على الرغم من اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو 2025، وما صاحبها من مخاوف أولية بشأن اتساع نطاق التوترات الإقليمية وتداعياتها المحتملة على الأسواق العالمية – فقد جاءت التأثيرات الفعلية على أسواق النفط والسلع والأسواق المالية العالمية أقل حدة من المتوقع، موضحة أن ذلك ساهم في دعم قرار الإبقاء على مستهدفات النمو دون تعديل للعام المالي 2025/2026، وفقًا لتقديرات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدف تحقيق معدل نمو يبلغ نحو 4.5%، مع الاستمرار في متابعة التطورات الجيوسياسية وتقييم آثارها المحتملة على النشاط الاقتصادي.

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن