بقلم ايمن صلاح
سلوكيات مقبوحة وأنماط مفضوحة فى السماوات المفتوحة (2)
كنت قد كتبت منذ سنوات مقالا بعنوان (سلوكيات مقبوحة وأنماط مفضوحة فى السماوات المفتوحة) أنتقدت فيه أداء بعض القنوات الفضائية التى كانت تبث السموم من الأكاذيب والأباطيل وأيضا الفسوق والمجون دون رقيب أوحسيب ضاربة بمواثيق الشرف الاعلامى عرض الحائط، ولم أكن أتصور حينها أننا ربما نكون فى جنة من القنوات الفضائية مقارنة بما نراه اليوم من نار تلك القنوات التى تحرق وتلتهم البقية الباقية من الأخلاق والفضيلة فى المجتمع المصرى وتهدم تقاليد وأسس ذلك المجتمع من جذوره.
لقد أصبحت احدى القنوات عالية الكثافة متابعة ومشاهدة بحكم انتمائها اسما الى أحد الأندية الرياضية الذى يحظى بنصيب ليس بالقليل من المحبين والمشجعين فى مصر، أصبحت منبرا لهتك الأعراض والخوض فى ذمم الأشراف والتشكيك فى انجازات وقيم الآخر وبث الفتن والأكاذيب بين أبناء الشعب الواحد بما ينذر بعواقب أقل ما يمكن وصفها به هى أنها وخيمة قد تؤدى الى تهديد السلم العام للدولة والأمن للمجتمع المصرى، والغريب أن كل هذا يحدث على مسمع ومرأى من كل أجهزة الدولة الرسمية وغير الرسمية دون أن تحرك ساكنا أو يهتز لها طرف، ذلك الأمر الذى يجعل كل جموع الشعب المصرى بمن فيهم مشجعو ذلك النادى العريق يتساءلون عمن يقف وراء ذلك الرجل الذى يمتلك تلك القناة فعليا بينما هى على الورق مملوكة لاحدى الشركات الاعلامية الوطنية التى تتمتع بسمعة طيبة، مما يزيد الشكوك والتساؤلات فى النفوس عن سبب هذا الصمت المريب عن تلك الخروقات الأخلاقية والاعلامية التى تلوث أسماعنا كل ليلة فى غياب كامل للقانون.
لم يعد هذا الرجل الذى يطل علينا بصوته القبيح وأفعاله وأقواله المزرية كل ليلة فى تلك القناة الا رمزا للاسفاف والتطاول وسوء الخلق والبلطجة فى دولة تسعى الى اقرار الحق والعدل وتطبيق مبادىء المواطنة والمساواة، تلك المثل التى طالما دعا اليها رئيس الدولة بذاته متمتعا بحسن الخلق وعفة اللسان حتى أننا لم نسمعه يوما يتلفظ بلفظ غير لائق أو يهاجم حتى أعدائه وأعداء مصر، ولكن كيف للدولة المصرية وهى تتخذ من الرئيس نموذجا وقدوة للعمل الجاد والأخلاق الحميدة والمبادىء والمثل العليا أن تصمت على ذلك النموذج الآخر الذى يضرب ما يسعى اليه الرئيس بسلوكه المشين الذى فاق كل تصور، ان هذا الرجل لم يترك فى مصر أما الا سبها ولا رجلا الا شوهه ولا مهنة الا أهانها ولا قدوة الا عابها حتى وصل به الأمر الى تشبيه أراذل المجتمع بأحد شهداء مصر البارين الذى وجب عمن يريد ذكره أن يتوضأ ويتطهر قبل أن يذكر اسمه. فهل هانت مصر الى هذا الحد على مسئوليها! هل هان الشهداء الذى قضوا نحبهم من أجل أن نحيا جميعا وأمثال هؤلاء الأراذل الى هذا الحد!.
ان التحول الذى نراه فى بلادنا بوجود هذا الطاعون من دولة للقانون الى دولة الغاب الذى لا يستطيع فيها لا القوى ولا الضعيف الحصول على حقوقه المشروعة سواء كان ذلك بسبب حصانة أو حماية أو أى شىء غير معلوم للكافة انما ينذر كما أسلفت بعواقب وخيمة، فهل من المطلوب ان يحصل المظلوم على حقوقه خارج الأطر القانونية بسبب تعطيل القانون فى مواجهته! هل من المطلوب تشويه صورة القدوة والمثل الأعلى بين شابنا وأطفالنا! هل من المطلوب أن نتجاوز حتى فى حق الحيوانات من خلال تعريفنا لمعنى الأسود!
على الدولة بكل مؤسساتها دون استثناء أن تضطلع بمسئولياتها وأن تقف بكل حزم وقوة أمام هذا التيار الجارف من سوء الخلق وخرق القانون، وأن تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها تعمل على اقرار العدل والمساواة بين جموع الشعب، واعمال القانون أمام الجميع دونما تفرقة أو حماية لأحد وأن تتخذ من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المنهج والشريعة فى ذلك حين قال "انما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" رواه البخارى.