بي دبليو سي : 3.5 مليار دولار الخسائر السنوية للاضطرابات النفسية الغير معالجة بالخليج بما يعادل 37.5 مليون يوم عمل إنتاجي

  • " pwc " : تطبلق تقرير جديد بعنوان "لماذا يجب على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الاستثمار في الصحة النفسية"

     

     

    كتب : وائل الحسينى

     

     في وقت الذي يعاني فيه حوالى 15% من سكان دول مجلس التعاون الخليجي من العديد من اضطرابات الصحة النفسية خلال السنوات التي جرى النظر فيها، يكشف التقرير الأول لـ بي دبليو سي الشرق الأوسط، وهو ضمن سلسلة من التقارير التي تناقش "أسباب وجوب استثمار حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في الصحة النفسية"، التأثيرات المقلقة لعدم معالجة الاضطرابات النفسية وأثرها على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. 

     

    فقد أدّى فيروس كورونا (كوفيد-19) في دول مجلس الدول التعاون الخليجي، كما هو الحال في مختلف أنحاء العالم، إلى تفاقم الأعباء المرتبطة بالاضطرابات النفسية. وعلى الرغم من ذلك، يبلغ عدد الأطباء النفسيين لكل 100,000 نسمة في دول مجلس التعاون الخليجي الست 2.85 فقط.

     

    وبالنظر لما سبق، هناك حجة قوية للاستثمار في الصحة النفسية في دول مجلس التعاون الخليجي. فعلى الصعيد العالمي، وجدت الدراسات أنه مقابل كل دولار واحد يُستثمر في علاج اضطرابات الاكتئاب والقلق، هناك عائد قدره 4 دولارات في تحسين الصحة والإنتاجية. 

     

    من جهتها قالت لينا شديد، الشريك المسؤول عن قطاع الرعاية الصحية في بي دبليو سي الشرق الأوسط: "يعاني شخص واحد من كل أربعة أشخاص من شكل من أشكال الاضطرابات النفسية خلال حياته. ومع ذلك، فإن أكثر من 75٪ ممن يحتاجون إلى رعاية صحتهم النفسية لا يسعون إلى ذلك".


    أضافت شديد إلى جانب الآثار المدمّرة التي قد تلحق بالذين يعانون من هذه الاضطرابات ومحيطهم، قد يكون لاضطرابات الصحة النفسية الغير معالجة تبعات سلبية ضخمة على المستوى الاقتصادي - من حيث خسائر الأجور نظرًا إلى تراجع الإنتاجية وازدياد التكاليف الطبية على السواء. لذلك، أصبحت الحاجة الاقتصادية للاستثمار في الصحة النفسية أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. وفي تقريرنا الذي اطلقناه حديثًا، نقدر أنه في دول مجلس التعاون الخليجي يتم فقدان ما لا يقل عن 37.5 مليون يوم إنتاجي سنويًا بسبب الاضطرابات النفسية الغير معالجة وهو ما يعادل 3.5 مليار دولار. ومن الواضح تمامًا أنه إذا لم يتم التعامل مع الاضطرابات النفسية بشكل صحيح، فستظل تتسبب في زيادة الخسائر في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي".

     

    مضيفة: "أما الخبر السار فيكمن في تعدد التدخلات الفعالة من حيث التكلفة المتاحة للحكومات من أجل المساعدة على تحسين النتائج التعليمية، وتقليص التكاليف المرتبطة بالعدالة الجنائية، وتعزيز الإنتاجية في مكان العمل، وبشكل خاص خفض نسبة الوفيات وتحسين جودة حياة مواطنيها". 

     

    نقص التقارير وعدم الإبلاغ بشكل كافٍ 

    تشير تقديرات الدراسة المعنية بقياس تأثيرات عبء  وآثار الاضطرابات النفسية على مستوى العالم، إلى أن الاضطرابات النفسية شائعة في دول مجلس التعاون الخليجي تمامًا مثل الدول الأخرى حول العالم ولكن لا يتمّ الإبلاغ عنها بشكل كافٍ نتيجة انخفاض مستوى التوعية، والنقص في عدد أخصائيي رعاية الصحة النفسية، والقيود على تأمين التمويل المناسب والعادل. ويُذكر أن حوالى 75% من الأشخاص الذين يواجهون صعوبات على مستوى الصحة النفسية لا يسعون إلى الحصول على مساعدة الأخصائيين. 

    ففي المملكة العربية السعودية، 80% من الذين يعانون من اضطرابات نفسية حادّة، لا يسعوا إلى تلقي العلاج. علاوةً على ذلك، يستوفي حوالى 34% من السعوديين المعايير الخاصة بإحدى اضطرابات الصحة النفسية في مرحلة ما من حياتهم، ومع ذلك، 4% فقط من ميزانية وزارة الصحة مخصصة للصحة النفسية.

    الوصمة الاجتماعية السلبية

    تُعتبر الوصمة الاجتماعية السلبية إثر الإصابة بالاضطرابات النفسية من بين العوائق الرئيسية التي تحول دون الوصول إلى رعاية الصحة النفسية في دول مجلس التعاون، وغالبًا ما يُعزى ذلك الاعتقادات الخاطئة السائدة والفهم المحدود للتشخيص، والمعتقدات الاجتماعية والثقافية، والتصوير النمطي للأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية في الإعلام. وبالفعل، أظهر استطلاع شمل 1,000 مشارك في الإمارات العربية المتحدة أن حوالي 30% من المشاركين أعربوا عن ترددهم حيال طلب المساعدة خوفًا من أن يقوم أصحاب العمل بإصدار أحكام سلبية وإلحاق الضرر بتقدّمهم الوظيفي.

    كما يعتبر الوصول إلى خدمات رعاية الصحة النفسية في دول مجلس التعاون صعبًا بسبب تغطية التأمين المحدودة لحالات الصحة النفسية والخدمات عالية التكلفة. ففي الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال قد تصل تكلفة جلسة العلاج النفسي الواحدة إلى 1000 درهم إماراتي. 

     

    من جهتها قالت الدكتورة فرح يحيى، قطاع الرعاية الصحية في بي دبليو سي الشرق الأوسط: "إن تحقيق المستوى الأمثل للصحة النفسية للسكان يستلزم تعاونًا بين أصحاب المصلحة من كافة القطاعات. لكن الحكومات، بما أنها ’جهة الرعاية الأساسية‘ للصحة العامة، قادرة على تحمّل المسؤولية الرئيسية والحرص على تعزيز الصحة النفسية وإمكانية وصول جميع الفئات التي تحتاج إلى الرعاية إلى الخدمات ذات الصلة. ويساهم اتخاذ مثل هذه الخطوات في تحديد القدوة التي يتعيّن على الشركات والمجتمعات المحلية الاحتذاء بها".

     

    أضافت نقدم في هذا التقرير إطار عمل مستوحى من قواعد البناء الأساسي لمنظمة الصحة العالمية في نظام الرعاية الصحية ومكوّناتها الستة، والتي تستطيع مساعدة حكومات دول مجلس التعاون في تعزيز نظم الصحة النفسية التي تطبقها. ومع تعدد الخطوات التي يتعيّن علينا اتخاذها في هذا المجال، نستطيع إنجاز الكثير منها." 

     

    وبالحديث عن اللمكوّنات الستة لنظم الرعاية النفسية، فهي: حوكمة نظام الصحة النفسية، ومعلومات الصحة النفسية، والتوعية بالصحة النفسية وإزالة الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي، والقوى العاملة في مجال الصحة النفسية، وتقديم خدمات الصحة النفسية، وتمويل الرعاية في مجال الصحة النفسية. 



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن