كتب : سماح سعيد – على الديب
قطاع الأصول الرقمية، عندما خسر أكثر من تريليوني دولار من قيمته، وانهارت سلسلة مشروعات خلال 2022، أبرزها بورصة إف تي إكس " FTX " حينها، اتخذ النقاش بشأن إخضاع قطاع العملات المشفرة لرقابة الجهات التنظيمية مساراً مختلفاً إلى حد كبير.
حيث أقامت الاضطرابات أيضاً المخاطر في معركة كانت تغلي تحت السطح بالفعل في الكونجرس الاميركي بشأن اختيار جهة تنظيم السوق الكبرى في البلاد التي يتوجب عليها قيادة مسيرة الإشراف على قطاع التشفير، سواء كان من الأفضل انتقاء هيئة الأوراق المالية والبورصات، أم لجنة تداول السلع الآجلة للعب هذا الدور وعلى نحو منفصل، أوضحت هيئة الأوراق المالية والبورصات أنَّها تعتبر أغلب الأصول الرقمية أوراقاً مالية، وهو تصنيف يتطلب استيفاء مجموعة كبيرة من الشروط، فيما أصدرت أكبر الجهات التنظيمية المسؤولة عن القطاع المصرفي في الولايات المتحدة تعميماً عن مخاطر قطاع التشفير.
وأدى انهيار "إف تي إكس" واتهامات الاحتيال الجنائي الموجهة لمؤسس البورصة المشارك، سام بنكمان فريد، إلى حرج واسع النطاق في الكونغرس وفي أوساط الهيئات التنظيمية، حيث قدّم بنكمان فريد -ومديرون آخرون كبار في "إف تي إكس"- تبرعات سخية لحملات الدعاية للديمقراطيين والجمهوريين، كما قاموا بدور رئيسي في محاولة لصنع إطار تنظيمي جديد يعكس أولويات بعضهم في مجتمع التشفير.
برغم إشارة الجهات التنظيمية إلى حقيقة أنَّ أزمات قطاع التشفير لم تزعزع استقرار الأسواق المالية التقليدية؛ انتُقدت هذه الهيئات لتقاعسها عن اتخاذ إجراءات للتصدي لأسوأ الانتهاكات في القطاع.
وانضم مديرو قطاع التشفير وعمالقة القطاع المالي، مثل شركة "سيتادل سيكيوريتيز" (Citadel Securities)، إلى مسعى القطاع خلال 2022 لدعم مشروع قانون بمجلس الشيوخ يمنح لجنة تداول السلع الآجلة -وهي الهيئة الرقابية الأميركية المخولة بتنظيم تداول العقود الآجلة والمشتقات- سلطة أكبر لتنظيم أصول قطاع التشفير.
في الوقت الراهن، تشرف اللجنة بصورة مبدئية على العقود الآجلة في قطاع التشفير. وقالت أكبر منصات تداول العملات المشفَّرة إنَّ الأصول المدرجة بها يجب أن تُعتبر سلعاً، مما يعني أنَّها أغراض ترتفع وتنخفض قيمتها بعيداً عن ربحية المشروع الذي ينتجها.
حتى بعد انهيار "إف تي إكس"، أشار رئيس مجلس إدارة اللجنة، روستين بِنمان، إلى أنَّ الانهيار كان مثالاً على الأسباب التي تجعل وكالته بحاجة إلى المزيد من السلطة في الإشراف على تداول العملات المشفَّرة.
من ناحية اخري قال العديد من معارضي مشروع القانون في مجلس الشيوخ إنَّ قواعد هيئة الأوراق المالية والبورصات تحمي صغار المستثمرين أكثر. تم إنشاء هيئة الأوراق المالية والبورصات عقب انهيار السوق عام 1929، وترى الهيئة أنَّ مهمتها الأساسية هي حماية المستثمرين من خلال طلب الكثير من الإفصاحات من الكيانات المالية.
من جهته قال غاري غنسلر رئيس مجلس إدارة الهيئة، ، وهو رئيس سابق للجنة تداول السلع الآجلة، رد على الانتقادات بأنَّ القواعد التنظيمية التقليدية لا تضاهي واقع العملات المشفَّرة، وأضاف أنَّ الهيئة قد تتخلى عن بعض قواعدها لتتناسب مع الأصول الرقمية بشكل أفضل، وفي الوقت ذاته، تضمن حماية المستثمرين أيضاً، إذا عملت البورصات مع الهيئة للتسجيل.
أعلنت الهيئة رأيها بوضوح في الأصول الرقمية، وذكرت أنَّها تشبه المشروعات المموّلة من قبل المستثمرين التي تُصنّف كأوراق مالية، وبالتالي؛ تندرج تحت مظلة قواعدها. وظهرت المخاوف بين متداولي العملات المشفَّرة، عندما قامت الهيئة بخطوة غير معتادة في قضية تداول بناءً على معلومات داخلية في منتصف 2022، وميّزت 9 أصول مشفَّرة على أنَّها أوراق مالية.