بقلم : رانيا جول
محلل أول لأسواق المال في XS.com
واصلت عملة البيتكوين تسجيل ارتفاعات قياسية جديدة في الأيام الأخيرة، وهو ما يثير تساؤلات بشأن مستقبل السوق الرقمي والاحتمالات التي يخبئها. بعد أن تجاوزت البيتكوين مؤخراً مستوى 89000 دولار، وهو مستوى يعتبره الكثيرون في الاسواق بداية طريق للوصول إلى 100 ألف دولار بحلول نهاية عام 2024. ورغم الزخم القوي الذي يحفز هذا الارتفاع، لا يمكن تجاهل العوامل التي قد تؤثر على استدامة هذا الاتجاه الصعودي. وهنا تجدر بي الاشارة إلى ضرورة إضافة البيتكوين إلى محافظ المستثمرين كجزء من استراتيجية تنويع الأصول. ولكن هل هذا الارتفاع حقيقي بما يكفي ليصل بالعملة إلى مستويات تاريخية جديدة؟ أم أنه مجرد ارتفاع مؤقت قد يتعرض للتصحيح في المستقبل القريب؟
من خلال دراسة الاتجاهات السابقة لعملة البيتكوين، وجدت أن العملة في مرحلة أكثر تطورًا مقارنة بالفترات السابقة. ورغم أن الارتفاعات الأخيرة مثيرة، إلا أن بيانات القياس البيئي في السوق تشير إلى أن الزيادة الحالية في البيتكوين لا تزال أقل من نموه التاريخي بعد حدث "النصف" (Halving)، وهو ما يعزز الفكرة القائلة بأن البيتكوين قد يشهد مزيدًا من الارتفاع في المستقبل.
وبرأيي يعكس هذا الواقع أن البيتكوين في دورة متجددة قد تساهم في دفع قيمتها لمستويات أعلى. ومع أن التوقعات ببلوغ العملة 100 ألف دولار قد تكون مبالغ بها للبعض، إلا أن الارتفاع المستمر في السعر يعكس توجهًا إيجابيًا قويًا، مدعومًا بزيادة اهتمام المؤسسات الكبيرة التي تنصح المستثمرين على زيادة حيازتهم للعملات المشفرة بشكل عام، والبيتكوين بشكل خاص.
ومن وجهة نظري فإن إحدى العوامل المهمة التي تساهم في الزخم الصعودي الحالي هي تأثير الانتخابات الأمريكية، حيث أثار فوز دونالد ترامب في الانتخابات مزيدًا من التفاؤل في الأسواق تجاه العملات المشفرة. والسياسة المتوقعة من قبل ترامب والتي تدعم العملات الرقمية قد تكون حافزًا إضافيًا للارتفاع، خاصة مع وجود توقعات واسعة النطاق بأن البيتكوين يمكن أن يصل إلى 100 ألف دولار في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
وزيادة الطلب على البيتكوين يعكس بدوره تحولًا في استراتيجية المستثمرين، حيث يزداد الإقبال على شراء العملة بعد فترة من التماسك. ومع استمرار المستثمرين في الاحتفاظ بالبيتكوين وعدم بيعه، يزداد الشعور بأن العملة الرقمية هي "الملاذ الآمن" في ظل التغيرات الاقتصادية الكبرى. وفي هذه المرحلة، بدأ المستثمرون على المدى الطويل في اتخاذ قرارات قوية بعدم البيع بأسعار أقل من 100 ألف دولار، مما يعكس رغبتهم في الاستفادة من الارتفاع الكبير المتوقع.
من جهة أخرى، أعتقد أن حاملي البيتكوين على المدى الطويل لم يعودوا مستعدين للتخلي عن العملة إلا إذا وصلت إلى مستويات أعلى. وهذه اللامبالاة تجاه التراجع السعري، مع عدم رغبة البائعين في الوقوف أمام الزخم الصعودي، يعكس الثقة المتزايدة في مستقبل البيتكوين كأصل رقمي. وبالفعل، شهدت صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين تدفقات ضخمة خلال الأسبوع الماضي، وهو ما يعتبر إشارة قوية على معنويات إيجابية في السوق. وقد تكون هذه التدفقات الاستثمارية علامة على أن البيتكوين في طريقه لتوسيع نطاق انتشاره في الأسواق المالية التقليدية، مما يزيد من احتمالات تحقيق أهداف الأسعار العالية التي يراها البعض حقيقة في المدى المتوسط.
ومع ذلك، يبقى سؤال مهم حول مدى استدامة هذا الارتفاع. فرغم أن البيانات تظهر نشاطًا كبيرًا في تدفقات الأموال إلى صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين، إلا أن البيانات من منصة Ecoinometrics تشير إلى أن الارتفاع الحالي لا يتماشى بعد مع النمو التاريخي للعملة. ففي الماضي، كانت أسواق العملات المشفرة تشهد ارتفاعات حادة بعد أحداث النصف، حيث يتوقع المحللون استمرارية الاتجاه الصعودي في المدى الطويل. ولكن لا يمكن تجاهل إمكانية التصحيحات في الأسعار، خاصة مع وجود بعض المؤشرات التي تدل على أن البيتكوين قد اقترب من منطقة ذروة الشراء، وهو ما قد يتسبب في بعض التقلبات السريعة في الأسعار قريباً.
وأعتقد أنه في الوقت الحالي من الصعب تحديد مدى استدامة هذه الارتفاعات، ولكن العوامل المحفزة مثل فوز ترامب، واستمرار إقبال المستثمرين على البيتكوين، واستقرار سوق العملات الرقمية، تشير إلى أن البيتكوين قد يكون في طريقه لتحقيق مزيد من المكاسب. ومع تزايد الاهتمام المؤسساتي وارتفاع تدفقات الاستثمارات، هناك فرصة حقيقية أن نرى البيتكوين يتجاوز حاجز 100 ألف دولار في الاشهر او الاسابيع القليلة القادمة. ومع ذلك، ينبغي على المستثمرين أن يتوخوا الحذر من التصحيحات المحتملة في الأسعار، وأن يكونوا مستعدين للتعامل مع التقلبات الكبيرة التي قد تواجهها السوق.