بقلم لطيفة زيناينا
مستشارة في استراتيجيات الاتصال والابتكار في الذكاء الاصطناعي، متخصصة في الفنادق الفاخرة وتحليل بيانات السياحة الدولية، ضمن مكتب الاستشارات Elite Consulting ومقره باريس.
سوق في توسع مستمر
نمو هائل في عام 2024
في غضون سنوات قليلة، أصبح الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في التحول الرقمي على مستوى العالم. في عام 2023، بلغت قيمة صناعة الذكاء الاصطناعي 241 مليار دولار، مسجلةً نموًا بنسبة 80٪ مقارنة بالعام السابق. وقد استمرت هذه الديناميكية في عام 2024، مدفوعة بالتوسع الكبير في قطاعات مثل الرعاية الصحية، والمالية، والتجزئة، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي.
مع استمرار الاستثمارات العامة والخاصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت الشركات تتبنى هذه الحلول لتحسين الكفاءة، وتبسيط العمليات، وتقديم تجارب مخصصة للعملاء. ومن المتوقع أن يتضاعف السوق ليصل إلى 511.3 مليار دولار بحلول عام 2027.
القطاعات الرئيسية للذكاء الاصطناعي في 2024
1. التعلم الآلي: المحرك الرئيسي للسوق
يُعد التعلم الآلي (Machine Learning)، الذي تبلغ قيمته الحالية 158 مليار دولار، أكبر القطاعات في السوق. ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم بنسبة 122٪ ليصل إلى 355 مليار دولار بحلول عام 2027. تُستخدم هذه التقنية لأتمتة المهام المعقدة وتحليل البيانات في الوقت الفعلي، مما يعزز أداء الشركات في مختلف القطاعات.
2. الذكاء الاصطناعي التوليدي: قطاع واعد
يُعرف الذكاء الاصطناعي التوليدي باستخداماته في إنشاء المحتوى، والترميز، وإجراء الدراسات السوقية. بحلول عام 2027، من المتوقع أن يمثل هذا القطاع ربع إجمالي قيمة السوق، مقارنة بنسبة 18٪ في عام 2023.
3. معالجة اللغة الطبيعية (NLP)
باعتبارها ثاني أكبر مصدر للإيرادات في قطاع الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تنمو قيمة معالجة اللغة الطبيعية (NLP) من 23.5 مليار دولار في 2023 إلى 45.7 مليار دولار في 2027، بزيادة تبلغ 94٪. تستخدم هذه التقنية بشكل رئيسي في المساعدات الافتراضية والدردشة الآلية.
4. قطاعات أخرى في نمو مستمر
تشمل القطاعات الأخرى ذات النمو السريع التقنيات المستقلة، ورؤية الحاسوب، والروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي يُتوقع أن تبلغ قيمتها 42.5 مليار دولار، 38.2 مليار دولار، و30.2 مليار دولار على التوالي بحلول عام 2027.
تأثير اجتماعي غير مسبوق
زيادة كبيرة في عدد المستخدمين
في عام 2023، استخدم 254 مليون شخص أدوات الذكاء الاصطناعي، أي أكثر بـ 2.5 مرة مقارنة بعام 2020. مع معدل تبنٍ يبلغ 60 مليون مستخدم جديد سنويًا، من المتوقع أن يتجاوز عدد المستخدمين نصف مليار شخص بحلول عام 2027.
الولايات المتحدة ستتصدر القائمة بـ 181 مليون مستخدم، تليها الصين بـ 52 مليون مستخدم.
تبنٍ عالمي مدعوم بالاستثمارات
تعمل الاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير، جنبًا إلى جنب مع الطلب المتزايد على الحلول المؤتمتة، على تعزيز هذه الزيادة. الشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي تكتسب ميزات تنافسية كبيرة، سواء في تحسين تجربة العملاء أو في استغلال البيانات بشكل أكثر فعالية.
إسهام اقتصادي غير مسبوق
وفقًا لدراسة أجرتها PwC، من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي ما يصل إلى 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030، وهو إسهام تاريخي.
ستلعب القطاعات الرائدة مثل التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية دورًا رئيسيًا في تحقيق هذا النمو.
الشركات التي تدمج هذه التقنيات في استراتيجياتها تعزز مرونتها وقدرتها التنافسية. وفي الوقت نفسه، تزيد الحكومات من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي للحفاظ على تفوقها التكنولوجي.
خاتمة: الذكاء الاصطناعي، ركيزة المستقبل
يمثل عام 2024 مرحلة تحول محورية في تطور الذكاء الاصطناعي. مع التوقعات بنمو هائل، والابتكارات المستمرة، واعتماد واسع النطاق عبر جميع القطاعات، يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل أسس الاقتصاد العالمي.
«لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد فرصة، بل أصبح ضرورة استراتيجية. إنه في صميم خلق القيمة وتعزيز القدرة التنافسية المستقبلية. فهم تأثيره واستباق تطوراته أمران أساسيان للشركات التي تسعى للبقاء ذات صلة في عالم دائم التغير.»
