المركزي الأوروبي يحذر من صعود العملات المستقرة

  • كتب : وائل الجعفري

     

     

    يشهد النظام المالي العالمي مرحلة جديدة من الجدل حول مستقبل النقود الرقمية، مع صعود العملات المستقرة التي ترتبط في معظمها بالدولار الأميركي وتُستخدم على نطاق متزايد في المدفوعات والتداولات الإلكترونية.. يثير هذا التطور تساؤلات جوهرية حول مدى تأثيره على استقرار الأنظمة النقدية التقليدية، خاصة في الاقتصادات الكبرى مثل منطقة اليورو.

     

    في الوقت نفسه، تتسارع خطوات الولايات المتحدة لتقنين هذا القطاع عبر تشريعات تُنظم إصداره واستخدامه، مما يمنح هذه العملات زخماً إضافياً ويضع الاقتصادات الأخرى أمام واقع مالي متغير. وتأتي هذه التحركات في سياق تنافسي عالمي يخلط بين الابتكار المالي والمخاطر المرتبطة بانتقال رؤوس الأموال وأساليب الدفع.

     

    وسط هذه التحولات، تتزايد تحذيرات خبراء المال وصانعي السياسات النقدية من تداعيات الاعتماد الواسع على العملات المستقرة، خصوصاً في اقتصادات تتعامل بعملات رئيسية غير الدولار. وهو ما يفتح النقاش حول سيادة السياسات النقدية وأدوات التحكم المالي التقليدية في مواجهة هذا التغيير السريع.

     

    ونقل تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تحذيرات مسؤول كبير في البنك المركزي الأوروبي من أن صعود العملات المستقرة المرتبطة بالدولار الأميركي "يهدد بتقويض سيطرة البنك على السياسة النقدية".

     

    ووفق المستشار في وحدة البنية التحتية للسوق والمدفوعات في البنك المركزي الأوروبي، يورجن شاف، فإن التبني السريع للعملات المستقرة قد يترك منطقة اليورو تواجه ظروفًا مماثلة للاقتصادات الناشئة "المدولرة"، حيث يمكن أن يؤدي الاستخدام الواسع النطاق للعملة الأميركية إلى إعاقة جهود صناع السياسات المحليين لتحديد أسعار الفائدة أو السيطرة على المعروض النقدي.

     

    ارتفعت التداولات العالمية للعملات المستقرة - الرموز التي تتبع قيمة العملات الورقية وتشكل حجر الزاوية في تداول العملات المشفرة - إلى حوالي 250 مليار دولار، حيث ترتبط الغالبية العظمى منها بالدولار، حيث يسعى دونالد ترامب إلى ترسيخها كركيزة أساسية للتمويل السائد.

     

    وفي مقال نُشر على مدونة البنك المركزي الأوروبي الاثنين، كتب شاف: "إذا أصبحت العملات المستقرة بالدولار الأميركي مستخدمة على نطاق واسع في منطقة اليورو - سواء للمدفوعات أو الادخار أو التسوية - فقد تضعف سيطرة البنك المركزي الأوروبي على الظروف النقدية".

     

    وقال أيضا إن "الانهيار غير المنظم" لعملات القطاع الخاص المستقرة قد "يتردد صداه في جميع أنحاء النظام المالي"، مع تزايد قلق البنوك المركزية بشأن انتقال العدوى.

     

    تدير Tether وCircle أكبر عملتين مستقرتين، ولكن من المتوقع أن يمهد إقرار التشريع الأميركي التاريخي هذا الشهر لتنظيم القطاع الطريق أمام بنوك وول ستريت لإطلاق عروضها الخاصة.

     

    ويضيف تقرير الصحيفة البريطانية: العملات المستقرة مدعومة بأصول آمنة، مثل السندات الحكومية، بنسبة متطابقة، وهي مصممة لتكون بمثابة جسر بين العملات المشفرة والنظام المالي السائد.

    يزعم داعموها أنها أكثر كفاءة من التحويلات المصرفية الدولية، إلا أن إخفاء هويتها جعلها قنوات شائعة لتهريب المخدرات وغسل الأموال.

    يُمثل تحذير البنك المركزي الأوروبي أحدث مخاوف محافظي البنوك المركزية بشأن نمو العملات المستقرة.. وقد صرّح بنك التسويات الدولية الشهر الماضي بأن أداء العملات المستقرة كعملة "ضعيف"، لأنها لا تحظى بدعم البنوك المركزية، وتفتقر إلى الحواجز الكافية ضد الاستخدام غير المشروع، ولا تتمتع بالمرونة اللازمة للتمويل اللازم لإصدار القروض.

    إن الإطلاق المحتمل لعملات مستقرة تدفع فائدة للمودعين قد يؤدي إلى استنزاف الأموال من الودائع المصرفية التقليدية، مما يعيق قدرة المقرضين على توفير الائتمان للاقتصاد.

    مخاطر تدريجية

    يرى خبير أسوق المال، محمد سعيد، أن صعود العملات المستقرة في منطقة اليورو لا يشكل تهديداً مباشراً للسياسة النقدية حتى الآن، لكنه ينطوي على "مخاطر تدريجية" قد تتزايد مستقبلاً، لا سيما في حال توسّع استخدامها كوسيلة للدفع بالتجزئة أو تنويع الودائع المصرفية.

     

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن