الحوسبة الهجينة هي " مفتاح السر " لضمان استمرار الخدمات وعدم توقفها بالكامل فى حال حدوث تهديدات
الحوسبة متعددة السحب اهم متطلبات مواجهة مخاطر الاحتكار التقني والتكاليف الزائدة والقيود القانونية التي يفرضها المزودين
كتب - محمد عصام
تعرضت كل من شركة " مايكروسوفت " ، العالمية للتكنولوحيا ، و شركة أمازون ويب سيرفيسز "AWS"، أكبر مزود لخدمات الحوسبة السحابية في العالم، لأزمة تقنية خلال الأيام الماضية، أثرت على آلاف الشركات التي تعتمد على الحوسبة السحابية حول العالم، حيث توقف خدمات منصات Snapchat وReddit وCanva، بالإضافة إلى بنوك عالمية مثل Lloyds وHalifax، وألعاب Roblox وFortnite، تلك الشركات والمنصات التي كانت تعتمد اعتمادا كليا على بنية AWS السحابية وكذلك خدمات "مايكروسوفت" السحابية أزور" Azure " .
وتظهر تساؤلات الكثيرين حول الفرق بين الحوسبة السحابية والهجينة، بعد أزمة أمازون ويب سيرفيسز، حيث يرى الكثير من الخبراء حول العالم أن الحوسبة السحابية تعني استخدام الخوادم والتخزين وقواعد البيانات والبرمجيات لتكون بديلة للسيرفر ولكن بتقنيات أعلى وأكثر قوة وتحمل لعمليات التخزين، بينما الحوسبة الهجين تعتبر مزيج بين الخوادم التقليدية والخوادم السحابية، والتي تمنح أمان وتحكم أعلى في البيانات خاصة الحساسة.
السحابة الهجينة وثلاثة مكونات
وكشف الدكتور عبد الرحمن زعلول، استشاري وخبير أمن المعلومات بجامعة القاهرة، عن السبب الرئيسي وراء أزمة أمازون ويب سيرفيسز، مشيرا إلى حدوث عطل في نظام أسماء النطاقات (DNS) داخل مراكز بيانات أمازون في منطقة شمال فيرجينيا، وهي المنطقة الأهم في بنية الشركة السحابية، حيث أن نظام الـDNS هو المسؤول عن توجيه الأجهزة إلى العناوين الصحيحة للمواقع والخدمات أصبحت التطبيقات غير قادرة على العثور على وجهتها رغم أنها تعمل فعليًا.
كما أكد استشاري وخبير أمن المعلومات بجامعة القاهرة، في تصريح لـ عالم رقمي، أن المؤسسات حول العالم تواصل التوسع في تبني أنظمة الحوسبة السحابية الهجينة، التي تمثل مزيجا متكاملا من البنية التحتية المحلية والسحابة العامة والسحابة الخاصة، بما يتيح تنسيق البيانات وإدارة التطبيقات بكفاءة عبر جميع البيئات، مؤكدا أن أنظمة الحوسبة السحابية الهجينة، كانت هي الحل الأمثل لـ منع حدوث أزمة أمازون ويب سيرفيسز " وكذلك خدمات "مايكروسوفت" السحابية أزور" Azure " ..
أشار أن السحابة الهجينة تقوم على ثلاثة مكونات رئيسية، أولها النظام المحلي الذي يعتمد على إدارة الخوادم والبرامج داخل المؤسسة، والثاني السحابة العامة التي تقدمها شركات عالمية مثل Amazon AWS وGoogle Cloud وMicrosoft Azure وتوفر خدمات متعددة تشمل البنية الأساسية (IaaS)، والمنصات (PaaS)، والبرامج (SaaS)، مشيرا إلى أن المكون الثالث هو السحابة الخاصة الذي يوفر مستوى أعلى من الأمان والتحكم داخل بيئة مخصصة لجهة واحدة فقط.
وأضاف زعلول أن التطور الحالي في الحوسبة السحابية الهجينة تجاوز مجرد الدمج المادي بين الأنظمة، ليشمل بيئة ذكية ومرنة تدعم التشغيل الآلي وإدارة البيانات والتطبيقات عبر منصات متعددة، بما يسهم في خفض التكاليف وتعزيز الأمان والاعتمادية في مختلف القطاعات.
البنية التحتية الخاصة
من جانبه، أكد المهندس بلال الحفناوي، خبير أمن تكنولوجيا المعلومات، أن هناك خلطا شائعا بين مفهومي الحوسبة السحابية الهجينة والحوسبة متعددة السحب، موضحًا أن الثانية تشير إلى استخدام خدمات من أكثر من مزود سحابي واحد لتجنب الاعتماد الكامل على جهة واحدة، بما يقلل من مخاطر الاحتكار التقني والتكاليف الزائدة والقيود القانونية التي قد تفرضها بعض الشركات المزودة.
وأشار الحفناوي، في تصريح لـ عالم رقمي، إلى أن البنية الحديثة للحوسبة السحابية الهجينة تطورت لتعمل جنبًا إلى جنب مع أنظمة الحوسبة متعددة السحب، حيث تعتمد معظم المؤسسات الكبرى اليوم بيئة متكاملة تجمع بين السحابة العامة والخاصة والبنية التحتية المحلية، إضافة إلى خدمات من مزودين عالميين متعددين، ما يوفر مرونة أكبر في إدارة البيانات والتطبيقات.
وأضاف أن منصات الحوسبة الهجينة الموحدة تلعب دورا محوريا في تحديث التطبيقات عبر ما يعرف بالـ"خدمات المصغرة" (Microservices)، وهي وحدات برمجية صغيرة يمكن تشغيلها بشكل مستقل داخل حاويات يتم تنسيقها بواسطة أنظمة مثل Kubernetes، مما يسمح بالتشغيل الآلي للتطبيقات عبر مختلف البيئات السحابية.
وأوضح الخبير أن هذه الأنظمة لم تعد بحاجة إلى مراكز تشغيل محلية كما في السابق، إذ يمكن الآن استضافتها عبر مراكز بيانات خارجية أو شبكات افتراضية خاصة، ما يجعلها أكثر كفاءة وأمانا واستدامة في دعم التحول الرقمي للمؤسسات.
عزل البيانات الحساسة
وبحسب مؤشر التحول الرقمي الصادر عن شركة IBM العالمية، تبرز التقنية الهجينة كحل مثالي لقطاعات شديدة الحساسية، مثل المؤسسات المالية، حيث تتيح عزل البيانات الحساسة على خوادم محلية مع استخدام تطبيقات سحابية عامة لتقديم خدمات مصرفية رقمية آمنة وسريعة، كما تمثل أساسا قويا لخطط التعافي من الكوارث عبر حفظ نسخ احتياطية من الأنظمة في سُحب عامة، مما يضمن استمرار الأعمال في حالات الطوارئ.
وتسهم بيئات السحابة الهجينة في تطوير واختبار التطبيقات بسرعة وبتكلفة أقل، وتدعم آليات "التدفق السحابي" للتعامل مع الارتفاع المفاجئ في حجم البيانات والزيارات الإلكترونية.
ومع صعود حوسبة الحافة وتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبحت الحوسبة السحابية الهجينة قاعدة أساسية لتحليل البيانات في الوقت الفعلي وتشغيل النماذج اللغوية العملاقة بأمان وكفاءة.








