بقلم : خالد حسن
صناعة تقديم خدمات المعلومات للغير " التعهيد " Outsourcing " تعد بالفعل هى احد اهم قصص النجاح التي يفخر بها قطاع تكنولوجيا المعلومات والتي تضافرت فيها الجهود الحكومية ، ممثلة في هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات " إيتيدا " ، التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، والقطاع الخاص ممثلا في المستثمرين والشركات المحلية والأجنبية وأسفرت هذه الشراكة عن وضع أسس قوية لهذه الصناعة بات قوامها أكثر من 200 ألف شاب يعملون في هذه الصناعة.
وبالطبع والارقام مرشحة للمضاعفة خاصة في ظل ما نمتلكه من إمكانيات ومقومات تجعلنا في مصاف أكثر الدول القادرة على جذب المزيد من الاستثمارات في هذا المجال بشهادة العديد من المؤسسات الدولية وكان اخرها الجمعية الأوروبية لصناعة التعهيد؛ والتي اختارت مصر كأفضل بيئة جاذبة لمراكز الاتصالات وأن مصر تعد واحدة من أسرع وجهات خدمات التعهيد نموًا في العالم ، سواء تعهيد نظم الأعمال BPO أوتعهيد تكنولوجيا المعلومات ITO ، وتعتبر مركزًا محوريًا لتقديم خدمات التعهيد وتدعم نمو أعمال مئات من الشركات العالمية، كما تعد واجهة استثمارية مُفضلة بين صانعي القرار فيما يتعلق بمجال خدمات العملاء العابرة للحدود.
وكشفت الداراسة ، التي أجرتها شركة "إيرنست أند يونج" الاستشارية العالمية ، عن تنامي الطلب فى السوق العالمية على الخدمات العابرة للحدود والذي من المتوقع أن يبلغ نحو 540 مليار دولار وبنسبة معدل نمو سنوي من 8% إلى 9٪ حتى عام 2026 الأمر الذي يؤكد أن السوق العالمية لهذه الصناعة تتيح لنا فرصا كبيرة ومتنوعة لزيادة حصتنا في هذه السوق ، والتي تبلغ حاليا نحو 4.5 مليار دولار .
ومؤخرا أطلق الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد (2022-2026) حيث تستهدف الاستراتيجية مضاعفة حجم الصادرات من منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود بنحو ثلاثة أضعاف، وتقديم حزمة حوافز جديدة لجذب الاستثمارات، وتعزيز تنافسية مصر في مجالات البحث والتطوير وخدمات القيمة المضافة بما يساهم في تسريع نمو اقتصاد المعرفة مؤكدا أن مصر لديها العديد من المزايا التنافسية التي تعزز من قدرتها على تحقيق ريادة عالمية في مجال صناعة التعهيد لما تحظى به من موقع متميز بالإضافة لوفرة الكوادر الشابة التي تمتلك المهارات اللغوية والرقمية .
ومن أهم المحاور التي تتضمن الاستراتيجية وجود برامج ومبادرات نوعية لصقل مهارات الشباب والعاملين بصناعة التعهيد بما يضمن بناء قدرات وكفاءات على مستوى مهني يواكب متطلبات سوق العمل الدولي ووفقا لمعايير الشركات متعددة الجنسيات، وفي القطاعات المختلفة للصناعة، وطبقا لحاجة كل منطقة جغرافية واللغات الأكثر طلبًا، بما يساهم فى سد فجوة المهارات، والتغلب على التحديات لكى تصبح مصر منافسا قويا في سوق خدمات التعهيد العالمية.
وكشفت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ، وهي التي قامت بوضع الاستراتيجية المصرية بالتعاون مع شركة "إيرنست أند يونج" العالمية بناء على دراسة وافية وموضوعية للسوق المصرية .
إن الاستراتيجية المستفبلية الجديدة لدعم صناعة التعهيد المصرية تتضمن ثلاث ركائز رئيسية هى تطوير قدرات الكوادر البشرية، وتطوير النظام البيئي للصناعة، والتسويق والترويج الدولي لمصر حيث تشتمل تلك الركائز مجتمعة على تسع مبادرات رئيسية تحقق الأهداف المنشودة ومن أهمها تحقيق طفرة فى الصادرات المصرية من الخدمات العابرة للحدود بنمو سنوى يقدر بنسبة 19٪، وخلق ما يقرب من 215 ألف فرصة عمل خلال فترة تنفيذ الاستراتيجية.
ولعل أهم ما أكده المهندس عمرو محفوظ ـ رئيس "إيتيدا" أن الاستراتيجية تم إعدادها على النحو الذي يسهم في تعزيز الثقة والمصداقية مع شركاء الصناعة الرئيسيين، من خلال الرصد الدقيق لهيكل تكلفة الصناعة ومقارنته بالدول المنافسة الأخرى، الأمر الذى ساهم فى صياغة ووضع برامج وحوافز أكثر فعالية وقدرة على جذب المستثمرين؛ وحرصنا خلال صياغة الاستراتيجية على مراعاة خلق فرص عمل كثيفة أفقيا، بالتوازى مع بناء قدرات الدولة المصرية في مجال الخدمات المتخصصة عالية القيمة وخلق مكانة عالمية لمصر والترويج لها في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والبرمجيات المدمجة وتصميم الرقائق الإلكترونية وتشجيع الاستثمار في هذه المجالات.
ووفقا لدراسة تشمل الاستراتيجية مجموعة من الحوافز والبرامج المصممة خصيصًا من منظور المستثمر تستهدف بالأساس تحسين القدرة التنافسية للتكلفة الإجمالية لصناعة التعهيد بمصر مقارنة بالدول المنافسة، عوضا عن جذب إلاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشجيع التوسع فى الاستثمارات الموجودة بالفعل كما تم اجراء نقاشات واسعة حول سبل تفعيل الاستراتيجية إذ أبدى عدد من الشركات المحلية والعالمية العاملة في مصر رغبتها في التعرف عن كيفية الاستفادة وآليات الحصول على الحوافز الجديدة وكذلك الوصول إلى المهارات والكوادر الشابة المؤهلة.
في اعتقادي أننا نجحتا ـ نحو عقدين من الزمن - في توجيه الأنظار بقوة نحو قطار صناعة تقديم خدمات المعلومات للغير ، واتاحة فرص عمل حقيقية لعشرات الآلاف من الشباب المصري ، وأثمرت رحلة الترويج العالمية لامتلاكنا مقومات صناعة " Outsourcing " عن وجود العديد من الكيانات المحلية والعالمية التي يعمل جميعها على تصدير خدماتها للخارج وحان الوقت بعد اكتسابنا المعرفة والخبرات أن تكون مصر واحدة من أهم دول العالم في هذه الصناعة .
في النهاية نؤكد أن التخصص والتميز بات أحد أهم متطلبات النجاح في الأسواق بحيث نستطيع أن نقدم قيمة مضافة لا يستطيع غيرنا تقديمه . آمل أن تشكل الاستراتيجية الجديدة قفزة نوعية كبيرة في نجاح صناعة التعهيد المحلية وتوسعها عالميا في تقديم خدمات المعلومات للغير وأن ننجح في نشر هذه الصناعة على مستوى المحافظات لخلق الآلاف من فرص العمل الجديدة لأبنائنا المؤهلين للعمل بها .
