نبضات
بقلم : خالد حسن
ستحدث السيارات الكهربائية ثورة في مجال تخفيض استهلاك الطاقة الأحفورية وتقليل ملايين الأطنان من التلوث الهوائي على كوكب الأرض الناجم عن مخلفات السيارات التلقليدية ، التي تستخدم البنزين والسولار ، وما تنتجه من غازات ضارة مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكسيدات النيتروجين والجسيمات في الجو ، مما يحسن جيدًا نوعية الهواء ويعود بفائدة سنوية عالية يمكن ان تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات سنويًا .
وفي هذا الإطار تتوافق غالبية حكومات العالم حاليا على تشجيع إنتاج السيارات الكهربائية في ظل الحديث عن الاقتصاد الأخضر والمدن الذكية لتخفيف الخسائز المتزايدة والناجمة عن التلوث البيئي خاصة إذا علمنا أن نفقات تشغيل السيارات الكهربائية تعادل نحو 25 % من نفقات تشغيل السيارات التقليدية ، التي تعمل بالبنزين أو الديزل ، وكذلك فإن تكلفة الصيانة والدعم الفني للسيارات الكهربائية لاتتجاوز 30 % مقارنة يالسيارات التقليدية.
تعهد صانعو السيارات العالميين التقليديين، بتحويل خطوط إنتاج سياراتهم تدريجياً إلى كهربائية، لكن الجداول الزمنية تختلف إذ يتفق معظم المديرين التنفيذيين في مجال صناعة السيارات، على أن التحول إلى السيارات الكهربائية أمر لا مفر منه، أما مدى سرعة إجراء هذا التحول فهو السؤال المحوري، وهو سؤال يقود استراتيجيات متباينة.
في الوقت نفسه، فإن التخلف عن المنافسين في عروض السيارات الكهربائية، قد يكلف صانعي السيارات فرصة لتأسيس أنفسهم، في مجال نمو رئيسي خلال العقود القليلة المقبلة، كما يقول التنفيذيون.
ومؤخرا كشفت كبرى شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية " جوجل ، أبل ، إل جي ، سوني ، سامسونج وأخيرا هواوي " عن خطط دخولها إلى مجال إنتاج السيارات الكهربائية الذكية ومن ثمة فإن السؤال المنطقي لماذا قررت هذه الكيانات التكنولوجية المتخصصة في صناعة الهواتف الذكية وتكنولوجيا المعلومات الانتقال إلى صناعة جديدة بالكامل ؟
والاجابة على هذا السؤال تكمن فيما تمتلكه هذه الكيانات من خبرات وتقنيات متقدمة فى مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وانترنت الاشياء والالكترونيات وربما تكون هذه المزود الحالي لشركات تصنيع السيارات الكهربائيه بالعديد من هذه الحلول الابتكارية المتعلقة بهذه التقنيات الحديثة من خلال مراكز البحث والتطوير بهذه الكيانات التكنولوجية بالاضافة امتلاك هذه الكيانات الى المئات من الكفاءات البشرية المتخصصة فى هذه التقنيات والتى سيتم الاعتماد عليها فى تطوير النموذج الخاص بالسيارة الكهربائيه لكل شركة .
كذلك من المتصور أن يكون هذا التوجه يمثل مرحلة جديدة في نشاط شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية التى تبحث دائما عن تطوي حجم اعماله لاسيما وأن مجال السيارات الكهربائيه يشكل فرص النمو فيها كبيرة للغاية ويكفى ان نشير هنا إلى أكبر شركة لتأجير السيارات في العالم لا تمتلك سيارة واحدة وهى تطبيق " أوبر " وهى شركة لتكنولوجيا المعلومات وهو ما دفع شركة " ابل " للإعلان عن طرحها لسياراتها الكهربائية في عام 2024 ضمن مشروع " Project Titan " كما أعلنت شركة " ال جي " عن دخولها مع شركة كندية لإقامة شركة جديدة لتصنيع السيارات الكهبائية ، باستثمارات مليار دولار، وتهدف الشركة الجديدة لتقديم أنظمة الطاقة بالكامل لبعض منتجي السيارات الكهربائية .
وعلى المستوى المحلي استعرض الدكتور مصطفى مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء، مشروع تصنيع سيارة كهربائية مصرية، وذلك بحضور الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمود صقر ـ رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، والدكتور محمد الغمرى، عميد البحوث التطبيقية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، حيث يهدف المشروع الذي يحقق هدف توطين صناعة السيارات الكهربائية محلياً من خلال انتاج سيارة كهربائيه يتراوح سعرها بين 100 – 170 الف جنيه.
حيث استعرض الدكتور محمد الغمرى، عناصر السيارة الكهربائية التي سيتم تصنيعها محلياً وآلية تطويرها، مشيراً إلى العوائد المنتظرة من هذا المشروع سواء من الناحية الاستثمارية، وكذا إتاحة فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في الصناعات المغذية، إلى جانب توفير العملة الصعبة نظراً لتقليل فاتورة الاستيراد.
وتناول عميد البحوث التطبيقية بالأكاديمية العربية، الخطوات التنفيذية للمشروع، موضحاً أنه يتم العمل على بدء التصنيع خلال 6 أشهر للسيارة المخصصة للاستخدام داخل المدينة بمكون محلي 60%، مع العمل على رفع المكون المحلي إلى 90% خلال 24 شهراً من بدء الإنتاج، عبر مشروع بحثي ممول من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، بهدف تصميم جميع المكونات الألكترونية والكهربية محلياً.
وفى سبيل تحقيق هذا الحلم فانه سيتم إنشاء مجمع لتصنيع السيارات الكهربية على مساحة 50 ألف متر، واتخاذ ترتيبات لتعميق المكون المحلي في التصميم الميكانيكي، والمحركات، والدوائر الالكترونية، للوصول إلى نسبة 100% ، كما أن المشروع يستهدف تلبية احتياجات السوق المصرية من مختلف الطرازات، وتطوير تصميم مصري للسيارات المنتجة من خلال كوادر وطنية عالية المستوى أنه حال إنتاج سيارة مصرية بأعداد مؤثرة إقتصادياً، فقد أبدت شركات أجنبية استعدادها للشراكة لإنشاء مصنع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وكذا تصنيع المحركات محلياً.
ونضم صوتنا إلى القائمين على هذا المشروع لإعفاء جميع مكونات انتاج السيارة الكهربائية المصرية من الجمارك أسوة بالإعفاء الذي تتمتع به السيارات الكهربائية المستوردة والمصنعة بالخارج، مع منح حافز بقدر 50 ألف جنيه لمشتري السيارة الكهربائية مصرية الصنع، حيث اكد رئيس مجلس الوزراء أنه ستتم دراسة هذه المطالب مع الوزراء المعنيين.
فى النهاية أعتقد أن سوق السيارات الكهربائية المحلية خلال السنوات القادمة سيشهد دفعة قوية ونموا إيجابيا ملموسا بما يتماشى مع تطلعات المواطنين لاقتناء سيارة بأسعار تنافسية وتكلفة تشغيل منخفضة بجانب دورها في تخفيض التلوث البيئي بالإضافة إلى ان أسعار السيارات الكهربائية المستوردة من الخارج تبدأمن 700 ألف جنيه وهى تكلفة لا تتناسب مطلقا مع الغالبية العظمى راغبى اقتناء السيارات فى مصر .