الاقتصاد الابتكاري .. والحرب على" كورونا "

  • بقلم : خالد حسن

     

    مع تجاوز عدد الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس  كورونا " المستجد " لنحو 5 آلاف إنسان وإعلان "منظمة الصحة العالمية " أن الفيروس أصبح وباء عالميا أصاب نحو 135 ألف مريض ، مع تعافي نحو 65 % منهم فى أكثر من 110 دول فإن العديد من الخبراء حذروا من تفاقم الآثار السلبية للفيروس على الاقتصاد العالمي وتراجع حركة التجارة الدولية ومن ثمة تباطؤ عملية التنمية الاقتصادية خلال عام 2020 خاصة أنه حتى الآن لم يتم اكتشاف علاج مباشر له رغم التحسن الكبير الذي كشفت عنه الصين ، المصدر الرئيسي للفيروس ـ الأسبوع الماضي .

    ورغم أن العالم استقر منذ ثمانينيات القرن الماضي على تبني مفاهيم التجارة الحرة ، وموافقة غالبية دول العالم على اتفاقية الجات  بهدف تحسن استغلال الموارد الطبيعية وتعظيم الاستفادة منها إلا أن أزمة فيروس " كورونا " أعادت إلى السطح بقوة مفهوم وضع القيود والعراقيل أمام حركة التجارة الدولية الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام إمكانية نوعية جديدة من التحديات للاقتصاد العالمي.

    وفي نفس هذا الإطار حذر الاتحاد الأوروبي من مخاطر "إرباك النشاط الاقتصادي"، وذلك بعد حظر السفر لمدة شهر من الدول الأوروبية إلى الولايات المتحدة والذي أعلنه مؤخرا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستثناء بريطانيا التي لم تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي ، حيث أكد شارل ميشال ـ رئيس المجلس الأوروبي  أن الاتحاد الأوروبي سيعمد إلى تقييم هذا الحظر الذي أعلنه الرئيس الأمريكي من جانب واحد وبدون التباحث مع الاتحاد الأوروبي موضحا أن أوروبا تتخذ كل الإجراءات الضرورية لاحتواء انتشار فيروس كورونا  " كوفيد-19 " والحد من الإصابات بالفيروس، وتواصل تقديم الدعم للأبحاث المتعلقة بمكافحة الفيروس القاتل.

     

    وحرص الرئيس ترامب ، فى كلمته للشعب الأمريكي وجهها من البيت الأبيض ، على التاكيد أن هذه القيود تشمل أيضا "الحجم الهائل للتجارة والشحن" بين أوروبا والولايات المتحدة، و"أشياء أخرى مختلفة ريثما نحصل على الموافقة موضحا أن الإدارة الأمريكية قادرة على مواجهة فيروس كورونا ، لاسيما بعد أن سجلنا انخفاضا في أعداد المصابين خلال الأيام الماضية مع تخصيص أكثر من 8 مليارات دولار لمواجهة الفيروس كورونا.

     

    ودعا في كلمته الكونجرس إلى إقرار تخفيضات ضريبية على رواتب الأمريكي لمواجهة تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد بعد إغلاق أعمال كثيرة وانهيار البورصات لافتا إلى أنه سيطلب من وزارة الخزانة أن تضع تسهيلات على دفع الضرائب "لبعض الأشخاص والأعمال التي تأثرت سلبا من جراء الوباء، وهي خطوة برأيه ستضخ نحو 200 مليار في الاقتصاد الأمريكي.

     

    وبالطبع فإن مثل هذه الإجراءات والقيود على  تدافعنا للتساؤل كيف يمكن إيقاف الخسائر الاقتصادية الناجمة عن فيروس " كورونا " ؟ وما هو دور طبيعة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مساعدة العالم لتجنب المزيد من الاستنزاف لكل موارده ؟ وكيف يمكننا التوسع في تبني مؤسسات الأعمال ، سواء الحكومية أو الخاصة ، مفهوم التحول الرقمي ؟

     

    وفي تصوري فإن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمكن أن يكون هو "المفتاح السحري " في حرب العالم مع فيروس " كورونا " من خلال ما يتيحه من حلول ابتكارية سواء لتعزيز مفهوم " العمل عن بعد "  في جميع مؤسسات الأعمال ، سواء حكومية أو خاصة ، بالإضافة إلى ميكنة ورقمنة كل الخدمات التي يحتاج إليها المواطن والحصول عليها من أي مكان وفي أي وقت. 

    ولعلنا نتفق أن سرعة عملية التحول الرقمي والتنمية التكنولوجية تتوقف لدرجة كبيرة على مدى قدراتنا على توفير الموارد المالية اللازمة لدعم متطلبات هذه العملية والانتقال إلى الاقتصاد الرقمي إذ لا يمكن الحديث عن ميكنة نظم العمل وبناء شبكات المعلومات والاتصالات سواء بالمؤسسات الخاصة أو الحكومية دون وجود النفقات المالية اللازمة لذلك .

    وعلى مدار الأعوام الماضية فإن الكثير من مؤسسات الأعمال تجد نفسها مطالبة بقوة لترشيد نفقاتها والعمل في نفس الوقت على زيادة قدراتها التنافسية في الأسواق وبالطبع ربما تبدو هذه المعادلة صعبة التحقق إلا أن الكثير من شركات التكنولوجيا بدأت في تطوير مجموعة من الحلول التقنية التي تجمع بين التكلفة المنخفضة وفي نفس الوقت منح مؤسسات الأعمال الفرصة للنمو وتحسين الأداء وتحقيق الأرباح وهذا ما بات يُعرف بحلول الحوسبة السحابية أو بمعنى آخر أن يتم تعامل مؤسسات الأعمال من جميع الحلول التكنولوحية على أساس أنها خدمات يمكن الحصول عليها عبر الإنترنت .

    ولعل الدعوة  إلى " الاستمرار في الاستثمار في الإبداع  والتطوير " يشكل نواة أساسية لهذه المعادلة الصعبة والذي حاولت شركات التكنولوجيا تقديمه على مدار العام الماضي ويبدو أنها ستستمر في طرحه على مدار السنوات القادمة لتشجيع طلب مؤسسات الأعمال بمختلف فئاتها " صغيرة ، متوسطة ، كبيرة "  على الحلول التكنولوجية  .

     

    ومن ثمة  فإنه من المهم أن نشير لمخاوف معظم أصحاب الأعمال حول التكنولوجيا والتي يمكن حصرها في ثلاثة محاور أساسية أولها أن قادة الأعمال في معظم مناطق العالم يطالبون بتكنولوجيا أقل تكلفة، وأعتقد أن هذا مطلب عادل، وأظن أن كل صناعة يجب أن تشعر بحجم الضغوط لتقدم المزيد في مقابل التكلفة، وتتمحور النقطة الثانية حول طول الوقت الذي يستغرقه نشر حلول المعلومات الجديدة، ولذا فنحن في صناعة التكنولوجيا يجب أن نهتم بتوفير الإمكانية للأعمال لتكون تكنولوجية بالفعل, وثالثا، تاتى قضية توفر المعلومات إذ يعاني قادة الأعمال من عدم امتلاك المعلومات التي تسمح لهم باتخاذ القرارات ، وهنا ما نقصده  بالإبداع هو ما يسمح للقيادة باتخاذ أفضل القرارات ، لتحسين خدمات العملاء، لتقليل التكلفة، ولأن الوقت هو المال بالنسبة للمنتجات الجديدة، فنحن نرغب في تقديم التكنولوجيا التي تساعد لتقليل تكلفة استخدام التقنيات الحديثة.

     

    نؤكد أن الفائز الوحيد من هذه الأزمة هو الذي سيبقي على معدلات استثماراته الحالية في البحث والتطوير ليتمكن من قيادة السوق بعد انتهاء الأزمة لاسيما أن صناعة البرمجيات ستشهد خلال الأعوام العشرة المقبلة ابتكارات جديدة ستعادل في قوتها قوة اختراع الحاسبات والإنترنت والهواتف المحمولة وعلى رأسها مفهوم الحوسبة السحابية  ، الذي يمكن أن يكون حلا تكنولوجيا منقذا لكثير من مؤسسات الأعمال التي تريد إقامة بنيتها التحتية للمعلومات , كما أن مهمة المبرمجين وخاصة في الدول النامية ستكون كيفية تصميم برامج تعمل على هذه الأجهزة وتجعلها أيضا بسيطة أمام المستخدم . 

    في النهاية نؤكد أن الانتكاسات الاقتصادية الحالية تسببت بتراجع معدّل نمو الأعمال، مما فرض تحديات جديدة أمام شركات التصنيع التي تتطلع للمنافسة على الساحة العالمية ورغم أهمية الإدارة الفعالة للتكاليف والنفقات، إلا أن الشركات لا تتميز عن بعضها عمليا إلا من خلال الابتكار في المنتجات والخدمات التي توفرها وأن الإجراءات الأسرع وأنظمة تقنية المعلومات الجيدة تمثل قاعدة مهمة للتوفير في التكاليف وتحقيق التميز والمرونة في العمل، بما يساعد على اتخاذ القرارات الصحيحة المرتكزة على المعلومات، وإرساء أسس قوية لتشجيع الابتكار حيث تلتقي الشركة بعملائها .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن