بقلم :ايمن صلاح
يخطىء من يظن أن الحرب ضد الارهاب التى تتم عملياتها على أرض سيناء الحبيبة يمكن أن تختفى بين عشية وضحاها، بل ان تلك الحرب ستستمر ما دامت قوى الشر التى تستهدف مصر وشعبها قائمة على الساحة السياسية الاقليمية والعالمية، ويخطىء أيضا من يظن ان هؤلاء الدواعش الذين أعلنوا مسئوليتهم عن استشهاد أبطالنا البواسل فى بئر العبد منذ أيام قليلة انما يفعلون تلك الفاحشة وهى قتل النفس التى حرم الله بدافع من دين أو عقيدة اللهم فقط منفذو تلك العمليات البائسة اليائسة الذين غرر بهم بواقع الجهل والفقر، ولكن الدوافع أكبر من ذلك بكثير والدوافع هنا ليست داعشية فالقيادات الداعشية التى تقوم بالتخطيط لتلك العمليات الارهابية الاجرامية فى مصر وعلى أرض سيناء تحديدا انما هم مجرد أداة تنفيذ بأجر من قبل قوى الشر السياسية التى اتقدت مضاجعها وغل صدور قياداتها بعدما فشلت مخططاتها فى اسقاط مصر فى السنوات الأخيرة فبدأوا اعادة التخطيط من جديد ليصبح تخطيطا بعيد المدى قد تم تقسيمه الى مراحل زمنية ربما تكون متباعدة الا أنه يحمل نفس الهدف الاستراتيجى القذر وهو اسقاط مصر. ولكن تعالوا نتدارس القصة من البداية لكى نتوصل الى السلوك الأعوج التى تتبعه تلك القوى السياسية ونتستنتج الأساليب التى يسلكونها والمنهجية التى يعتنقونها.
البداية كانت هى فى نجاح جماعة الاخوان فى الوصول الى حكم مصر، وبالمناسبة فانه لا فارق كبير بين الاخوان والدواعش بل انهما وجهان لعملة واحدة فالفئة الأولى نشأت فى أواخر عشرينات القرن الماضى بصنيعة المخابرات الانجليزية وبهدف وهمى زائف هو نشر الدعوة الاسلامية أى أن الواجهة كانت دعوية ولكن ظهر بعد سنوات قليلة الوجه الحقيقى لتلك الجماعة وهو محاربة نظام الحكم فى مصر بغرض الوصول الى السلطة وهو ما نجحوا فيه بالفعل عام 2012 أما الفئة الباغية الأخرى وهى داعش فقد نشأت بعد أفول نجم القاعدة لتحمل نفس الأهداف الشريرة فى منطقة الشرق الأوسط العربى وهو محاربة الأنظمة العربية بدعوى اقرار الدولة الاسلامية وازاحة الطواغيت كما يدعون بينما اتصالاتهم وثيقة وعميقة وان بدا غير ذلك مع العديد من أجهزة المخابرات الغربية وعلى رأسها المخابرات الأمريكية التى ظنت فى يوم من الأيام أن داعش ربما تكون يدا من أياديها المسلطة على المنطقة ولكن انقلب السحر على الساحر فتحولت تلك العلاقات الى المخابرات التركية التى أصبحت داعش أداة لينة فى أياديها، نعود الى بداية القصة كما أسلفت والتى تمثلت فى وصول جماعة الاخوان الى رأس السلطة فى مصر تلك الجماعة التى ارتبطت تآمريا مع قوى الشر فى الخارج، ومن يدرس السلوك الاخوانى يعلم أنها جماعة براجماتية يسهل عليها التضحية بأى شىء حتى لو كان الوطن فى سبيل بسط السلطة والنفوذ والتمكين مما سهل على قوى الشر الاقليمية وضح خططهم لبسط سيطرتهم على مصر التى كانت دائما وأبدا عصية على أعدائها بفضل شعبها الأبى صاحب الحضارة الضاربة فى أعماق التاريخ وبفضل جيشها الباسل الذى كان أيضا الدرع الواقى والسيف البتار الذى جعل أرض مصر مقبرة لكل الغزاة عبر التاريخ. عند وصول الاخوان الى حكم مصر ظهرت بعض المخططات التآمرية التى استهدفت بالأخص وضع سيناء ومحاولة طمس الهوية المصرية القائمة على التعددية الدينية وبروز الاستقطاب السياسى بل ان الأمر تعدى كل ذلك بالتخطيط لبناء جيش موازى يعمل كالميليشيات يدين بالولاء والبيعة فقط الى جماعة الاخوان ليكون لهم الظهير والسند أمام أى أحداث مستقبلية محتملة، الأمر الذى كان سيؤدى الى تفتيت وتقسيم مصر لا محالة تماما كما حدث فى العديد من الدول العربية فى اقليم الشرق الأوسط المستهدف، هذا الأمر الذى اتسق تماما مع أهداف قوى الشر الخارجية، ومن هنا كان التعاون الوثيق والتحالف الاستراتيجى بين اخوان الداخل وقوى شر الخارج.
وعندما سقط كل هذا بسقوط الاخوان فى مصر عبر ثورة شعبية هى الأكبر ضمن الثورات فى تاريخ البشرية وعودة مصر المختطفة الى شعبها وجيشها، جن جنون قوى الشر لفقدان حليفهم الاستراتيجى داخل مصر الا أنهم فى تلك اللحظة راهنوا على اسقاط الدولة المصرية وعودة حليفهم الى الحكم من جديد من خلال عملائهم بالداخل، وعملياتهم الارهابية التى انتشرت كالنار فى الهشيم فى سيناء، وأيضا من خلال آلة اعلامية عالمية تنهش فى جسد مصر ليل نهار، وبث القلاقل والأحداث الدامية والارهابية داخل محافظات مصر. فهل نجحت قوى الشر فى تحقيق أهدافها من خلال تلك الآليات؟ وماذا خططوا وفعلوا بعد ذلك للوصول الى اهدافهم التآمرية الدنيئة؟ هذا ما سنتحدث عنه فى مقال الأسبوع القادم ان شاء الله.