وجهه نظربقلم ايمن صلاح
منذ أن قامت ثورة الثلاثين من يونيو التى أعتبرها واحدة من أعظم الثورات فى تاريخ البشرية لأسباب عدة كان أهمها أن معظم الشعب المصرى قد شارك فيها وثار لحماية بلاده من الاحتلال الاخوانى البغيض ولاستعادة هوية أمه كانت قاب قوسين أو أدنى من الاندثار لو استمر ذلك الحكم الفاشى الخائن الذى استهدف تحويل مصر بأسرها الى بؤرة ارهابية على خريطة الكرة الأرضية، منذ تاريخ تلك الثورة المجيدة والأمل يحدونا بأن نبنى مصر جديدة من جميع الأوجه الاقتصادية والمجتمعية والسياسية، مصر نستطيع بها أن نتباهى بين الأمم بأن نضعها فى مصاف الدول الحديثة المتحضرة، مصر قادرة على أن تصل الماضى الخالد العتيد بمستقبل زاهر مجيد. ولا يستطيع أن ينكر جاحد أو حاقد أننا ربما نكون قد قطعنا خطوات للأمام فى بناء مصر اقتصاديا حتى وان كانت المعاناة مستمرة حيث أن نتاج الاصلاح الاقتصادى لا يمكن أن تظهر آثاره بين عشية وضحاها ولكن ستظهر ملامحه تباعا عما قريب بعون الله، ولكى نحمى أى انجاز قومى فلابد له من بناء سياسى يحميه يعتمد على القواعد الديمقراطية المتعارف عليها من حيث احترام الدستور والقانون، والفصل بين السلطات، وتطبيق القانون على الجميع، وحرية ابداء الرأى، وتشجيع العمل الحزبى وتمهيد الطريق له، واحترام آراء المعارضة الشريفة، وما الى ذلك من القواعد الديمقراطية. والسؤال الذى قد يتبادر الى الاذهان هو هل استطعنا أن نخطو نفس الخطى بنجاح فى جميع المسارات المتوازية التى تؤمن وتضمن تحقيق الأهداف ثم الحفاظ عليها!! هل استطعنا أن ننجز فى المسار السياسى كما فعلنا فى المسار الاقتصادى!! لقد كانت أولى خطواتنا الديمقراطية بعد ثورة يونيو هى بناء دستور جديد يهدف الى العدالة الاجتماعية وارساء القواعد الديمقراطية واستتبع ذلك العديد من الخطوات كان من أهمها الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية مستهدفين بناء حياة سياسية سليمة، ولكن لأننا أدمنا اهدار كل الفرص المتاحة وأصبحنا نعيش حياة التندر على مسلسل الفرص الضائعة أبينا الا أن نضيع الأمل فى السير فى مسار بناء حياة سياسية وديمقراطية سليمة، فها نحن ذا وبعد أقل من خمس سنوات من اقرار الدستور الذى تم الاستفتاء عليه من الشعب نعبث به ونتجه الى تعديله أو زيادة بعض المواد اليه.
لكل قضية فى الحياه شكل ومضمون، ولتعديل الدستور وهو من أهم قضايا الأمة أيضا شكل ومضمون، فأما المضمون فهو فحوى ومغزى التعديلات وكون هذه التعديلات مفيدة أو ضارة وهذا أمر لن أتطرق اليه فى الوقت الحالى حتى تنتهى كل التعديلات ويتم اقرارها بصفة نهائية حتى نستطيع حينها تحليلها وتفنيدها لنستنتج ايجابياتها أو سلبياتها، ولكن ما سأتطرق اليه اليوم هو شكل القضية ذاتها من حيث توقيتها ومن حيث مصدرها، فأما عن التوقيت فهو أمر يشى بالفساد وعدم الدراسة المستفيضة فكيف لنا أن نعيش خمس سنوات فقط بدستور ثم نقرر فجأة أن نعدله قبل أن تكتمل تجربة تطبيقه خاصة وأن الدساتير ليست من النصوص التى يمكننا تعديلها كل يوم ولكن يمكن التعديل كلما واجهنا مشكلة تطبيق حقيقية أو أزمة معينة تتطلب التعديل وهذا لا يمكن له أن يحدث الا بعد التطبيق الكامل للدستور ولمدة زمنية معتبرة نستطيع من خلالها اكتشاف الثغرات الدستورية ومعالجتها.
ثم نأتى بعد ذلك الى مصدر طلب التعديل وهو فى حالتنا هذه مجلس النواب الذى من أهم مقومات وجوده احترام الدستور والقانون، ولكن للأسف عهدنا بهذا المجلس هو عدم احترام القوانين أو احترام الشعب الذين هم نوابه والمفترض بهم حماية مصالحه وحمايته، وايضا عدم احترام سلطات الدولة الأخرى مثل السلطة القضائية، بل لن أكون مغاليا ان قلت أن هذا المجلس يتستر على الخارجين على القانون من أولئك الذين يتذرعون بالحصانة بين جنباته، فكيف لنا أن نثق بمجلس نواب تلك هى أفعاله وذلك هو أداؤه!! كيف نثق فى نواياه!! وكيف نثق فى نتائج أعماله!!
هل نحن نعيش فى ظل هذا المجلس الحياة الديمقراطية أم أننا نعيش معه حياة المهلبية !!.