بقلم : ايمن صلاح
يقولون ان الانسان ابن بيئته، وهو قول صحيح الى حد بعيد حيث يمر الانسان عبر حياته منذ ولادته وحتى مماته بالعديد من الأحداث والتجارب التى تفرضها عليه البيئة المحيطة به سواء كانت هذه البيئة عائلية أو مجتمعية، تلك الأحداث والتجارب التى تؤثر تأثيرا مباشرا فى معتقدات وسلوك وعادات وتقاليد الفرد فيما يسمى بالموروث الثقافى الذى يتولد ويتكون لدى الفرد ليكون دلالة بعد ذلك على ثقافة الفرد والمجتمع الذى يعيش فيه ذلك الفرد الذى يؤثر ويتأثر فى ذلك المجتمع بصورة تلقائية نتيجة التعايش والمخالطة، أما عن مفهوم الثقافة ذاته كمصطلح فيرى العالم الشهير (مالينوفسكى) الثقافة على أنها تلك الوسيلة التى تحسن من وضع الانسان حيث يستطيع مواكبة التغيرات الحادثة فى مجتمعه أو بيئته عند تلبية احتياجاته الأساسية، بينما يرى (تايلور) الثقافة على أنها نظام متكامل يشتمل على كل من المعرفة والفن والقانون والعادات والتقاليد والأخلاق وغيرها من الأمور التى يكتسبها الانسان بوصفه أحد أفراد المجتمع، ويعرف (سايبر) الثقافة على أنها الصفة التى يتصف بها الانسان ويكون مصدرها الارث الاجتماعى بحيث تكون مجموعة من الأفكار والمعلومات والخبرات التى تنتشر فى مجتمع ما بسبب التأييد الاجتماعى لها ويكون أساسها التراث، ولم تقف تعريفات الثقافة عند هذا الحد ولكن كان هناك الكثير من الرؤى لمفهوم الثقافة عند كثير من العلماء الآخرين.
وتتكون ثقافة أى مجتمع من العديد من العناصر التى تمنهج الموروث الثقافى لدى ذلك المجتمع ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
الثقافة المادية: التى تشير الى الأمور المادية التقنية كالاتصالات والنقل والطاقة التى تتوفر فى مجتمع ما، والتى يؤدى توافرها الى احداث تغيرات مرغوبة أو غير مرغوبة فى ثقافة أى مجتمع.
اللغة: تعكس اللغة قيم وطبيعة المجتمع، وتمتلك بعض الدول أكثر من لغة والعديد من اللهجات التى من المهم أن تؤخذ بعين الاعتبار لأن عدم فهم اللغات أو اللهجات قد يؤدى الى مشاكل فى التواصل، واذا وجد شخص ضمن ثقافة مختلفة عن الثقافة الأصلية يكون من المهم تعلم اللغة السائدة ضمن الثقافة الجديدة، أو على الأقل يكون هناك من يفهمها ويترجمها.
القيم الجمالية: وتشير القيم الجمالية الى كل ما يتعلق بالجمال والذوق الرفيع داخل أى ثقافة كالموسيقى والرقص والدراما وغيرها من الفنون السائدة، ويؤدى اختلاف هذا العنصر بين مجموعة من الثقافات الى الاختلاف فى التصاميم والألوان وغيرها من أمور القيم الجمالية.
التعليم: ويشير التعليم الى الأفكار والمهارات والمواقف التى يتم نقلها الى الأفراد، اضافة الى التدريب فى مجالات معينة، ويهدف التعليم دائما الى احداث تغيير فى المجتمع، كما يمتلك كل مجتمع مستوى من التعليم يختلف عن المجتمعات الأخرى.
الدين: يساعد الدين السائد ضمن أى ثقافة فى مجتمع ما على تفسير الكثير من سلوكيات الأفراد الذين يعيشون فيه، وهو أفضل وسيلة تساعد على الاجابة عن سبب تصرف الأشخاص بتصرفات معينة بدلا من الاجابة عن كيف يتصرف الأشخاص بتلك التصرفات.
الاتجاهات: تنشأ القيم فى معظم الأوقات من أساس دينى، أما الاتجاهات فتدل على الموروث الاجتماعى للسلوك البشرى الذى ساعد على تشكيل الثقافة.
التنظيم الاجتماعى: ويشير التنظيم الاجتماعى الى الأسلوب والطريقة التى يتعامل بها أفراد المجتمع مع بعضهم البعض، والتى تنظم حياتهم.
وللثقافة أهمية كبرى لكل المجتمعات فهى التى تتوارث بها سمات الأجداد وتتواتر بها مثل وقيم السلف، وهى التى يمكن من خلالها فهم الذات والغوص فى معرفة أصله وتاريخه بصورة جلية تؤدى الى تعزيز كرامته واعتداده بنفسه، كما أن الثقافة تؤدى الى التنوير والدراية بتطور الأفراد والمجتمعات، والعمل الدؤوب على تطوير وتحسين القيم الأخلاقية، وعادة ما تؤدى الثقافة الى انضباط المجتمعات.
وننتقل الى تبيان كيفية اكتساب الفرد للثقافة حيث يرى الكثيرون أن القارىء النهم أو المطلع الفذ هو المثقف الحقيقى الا أننى شخصيا أختلف مع هذا الرأى حيث أرى أن القراءة والاطلاع ما هما الا مجرد أدوات للثقافة بينما أرى أن المثقف الحقيقى هو ذلك الفرد الذى يحسن استخدام تلك الأدوات ليكون قادرا على التحليل والدرس واستخلاص العبر، المثقف الحقيقى هو الذى يستطيع امتلاك رؤية نافذة ومعتبرة.
الثقافة عنصر من عناصر الحياة نستطيع من خلالها قراءة التاريخ ومعرفة وتحليل الحاضر ومن ثم بناء المستقبل .... الثقافة هى الخط الفاصل للأمم بين الحضارة والتخلف.