بقلم: ايمن صلاح
بعد مرور ثلاث سنوات من المقاطعة الكاملة بين مصر والسعودية والامارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى نتيجة لسلوك النظام القطرى المعادى لمصر ودول الخليج، جاء اتفاق العلا بالسعودية لينهى ولو نظريا حالة المقاطعة ويفتح بابا لعودة العلاقات الطبيعية بين الدول الخليجية ومصر مع قطر، الا أن هذا الاتفاق الذى كان مفاجئا للعديد من الأوساط السياسية لم يفصح عن بنوده خاصة ما يتعلق منها بالمطالبات الثلاث عشرة التى لم تتنازل عنها مصر ودول الخليج وأبت قطر الالتزام بها طيلة سنوات المقاطعة، ولكن ما يبدو واضحا هو ان هناك أطرافا دولية خارجية قد تدخلت فى هذا الأمر بقوة وبسطت نفوذها للتوصل الى هذا الاتفاق المفاجىء والاعلان عنه فى هذا التوقيت لخدمة أهدافها الدولية والاقليمية وبخاصة مع المد الايرانى فى المنطقة والذى يزداد تأثيره يوما بعد يوم اضافة الى ما يحدث فى الداخل الأمريكى بشأن انتقال السلطة المشوب بالقلاقل بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.
أما فيما يتعلق بموقف مصر من هذا الاتفاق فاننى أكاد أجزم أن موافقة مصر على التوقيع على هذا الاتفاق انما ينبع فقط من حرص مصر السياسى على وحدة الصف العربى وعدم الظهور وكأن مصر تعرقل محاولات الصلح الخليجية البينية، الا أنه فى ذات الوقت لن تفتح مصر ذراعيها لعودة علاقات طبيعية مع قطر بهذه السهولة لقناعة الادارة المصرية بفشل النظام القطرى فى كل الاختبارات السابقة التى صاحبت كل محاولات الصلح الماضية ويقينها بعدم وجود ارادة سياسية حقيقية لدى النظام القطرى لتغيير السلوك القطرى التآمرى سواء اتجاه مصر أو اتجاه المنطقة العربية بأسرها، فعلى مدار العقد الماضى لم يأل النظام القطرى جهدا فى اثارة القلاقل والفتن ونشر الارهاب وبث الأكاذيب والشائعات المضللة عبر اعلامه سواء فى مصر أو فى أى عمق حدودى لمصر.
وتأتى الريبة من الموقف القطرى والشك فى سلوكه المستقبلى تجاه مصر من خلال الشراكات الاستراتيجية لقطر مع العديد من الدول المناوئة لمصر أو حتى جماعة الاخوان المسلمين التى آوت قطر قيادييها وأقطابها وساندتهم، ولازالت، سياسيا ومعنويا وماليا لبذر الشقاق داخل المجتمع المصرى وزعزعة الاستقرار المصرى الداخلى، ولا يمكننا فى هذا الاطار نسيان ما فعله الاعلام القطرى وخاصة قناة الجزيرة ابان احداث يناير 2011 من حث على العنف ونشر للشائعات وتشويه لمصر، ثم الشراكة الاستراتيجية القطرية التركية التى وصلت الى حد انشاء قواعد عسكرية تركية على الأراضى القطرية فى سابقة هى الأولى من نوعها فى عالمنا العربى مع علمنا جميعا بالأهداف التركية فى السيطرة على مصادر الطاقة فى منطقة الشرق الأوسط وتهديدها الدائم لمقدرات مصر وثرواتها من الغاز الطبيعى فى البحر المتوسط بمباركة ومساندة كاملة من النظام القطرى وتزامنا مع حلم أردوغان الوهمى فى بناء خلافة اسلامية يسيطر بها على المنطقة بعد فشله فى اداء دور تركى فى الاتحاد الأوروبى، ثم يأتى بعد هذا التقارب القطرى الايرانى المريب الذى يعتبر بمثابة التهديد الاقليمى لكل دول الخليج، ويأتى أيضا الدور القطرى المشبوه فى تمويل بناء سد النهضة الأثيوبى الذى يقتطع من حصة مصر المائية ويهدد أراضيها بالجفاف، ولم يتوقف التآمر القطرى عند هذا الحد بل امتد ايضا لتمويل الجماعات الارهابية فى ليبيا على حدود مصر وحثها على التسلل الى الداخل المصرى للقيام بعمليات ارهابية بمصر بعد أن دعمت قطر الجماعات الارهابية فى سيناء بالمال والسلاح مما أدى الى استشهاد مئات من أبناء مصر عسكريين ومدنيين على يد هؤلاء الارهابيين بدعم ومساندة قطرية.
ان الايديلوجية الارهابية والتآمرية للنظام القطرى والتى جبلت عليها العائلة الحاكمة فى قطر منذ قديم الأزل تجعل اتفاق العلا على المحك وتضعه فى اختبار هو أقرب الى الفشل الا اذا رأينا معجزة فى زمن عزت فيه المعجزات تحول دفة الفكر القطرى من طريق الضلال الى طريق الهداية، وان غدا لناظره لقريب.