ديون مصر ومتغيرات العصر

  •  

     

    بقلم: ايمن صلاح 

    كثر الحديث فى الفترة الأخيرة وخاصة من جهات معادية لمصر عن الاقتصاد المصرى وتعاظم تشكيكهم فى قدراته ونموه المطرد واتجهوا فى هذا المجال الى ما يظنون أنه الحلقة الأضعف فى

    حلقات الاقتصاد المتصلة والمتكاملة للتدليل على صحة وجهة نظرهم المغرضة ألا وهى الدين الخارجى لمصر مستغلين فى ذلك عدم المام العامة من الشعب المصرى بالقواعد الاقتصادية والمفاهيم الحاكمة فى هذا الاطار، وبادىء ذى بدء يجب أن نؤكد أن مفهوم الدين الحكومى الخارجى للدول

    قد تغير فى القرن الجديد حيث أنه كان فى الماضى يمثل عبئا اقتصاديا وماليا على الموازنات العامة للدول بينما أصبح حديثا عنصرا من عناصر التنمية للدول وموردا من الموارد المالية الفاعلة والاقتصادية للموازنات العامة للدول بشرط حسن استغلال الدين ووضع الاشتراطات المناسبة

    له، ومع قليل من البحث فانك لن تجد دولة من الدول الكبرى فى العالم الا وقد استدانت واصبح الدين الخارجى لها من عناصر التنمية الاقتصادية لها فعلى سبيل المثال لا الحصر وصل حجم الدين الخارجى للولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من 22 تريليون دولار كأكبر دولة مدينة فى

    العالم تليها المملكة المتحدة ثم فرنسا ثم ألمانيا، وبالنظر للاقتصادات العالمية الناشئة التى يصنف الاقتصاد المصرى تحت مظلتها فتجد الدين الخارجى لدولة كالهند يتجاوز 456 مليار دولار بينما تتجاوز ديون تركيا الخارجية 412 مليار دولار، وحتى دول الشرق الأوسط النفطية

    ومنها دول عربية ذات ثروات هائلة فان ديونها الخارجية تتفاوت من دولة الى أخرى.

     


    اذن فان الدين الخارجى قد يكون نعمة وقد يكون نقمة طبقا لاستخداماته واشتراطاته، فكيف يكون الدين الخارجى نعمة وتطبيق هذه المعايير على الحالة المصرية؟


    أولا – من أهم الاشتراطات الاقتصادية التى تؤمن الدول المدينة هو أن يكون اجمالى دينها الخارجى غير متجاوز للحدود الآمنة والتى يتم تقديرها نسبة الى الدخل المحلى الاجمالى للدولة،

    وقد اختلفت العديد من المؤسسات الاقتصادية العالمية فى تحديد تلك النسبة حيث يحدد صتدوق النقد الدولى النسبة الآمنة للديون الخارجية بما يوازى 40% من الناتج المحلى الاجمالى، بينما حددت اتفاقية ماسترخت المؤسسة للاتحاد الأوروبى النسبة الآمنة للدين الخارجى بما يساوى

    60% من الناتج المحلى الاجمالى، وبالنسبة لمصر فان التقارير الاقتصادية فى هذا المجال اختلفت من حيث نسبة الدين الخارجى الى الدخل المحلى الاجمالى حيث خرجت بعض التقارير لتؤكد ان تلك النسبة هى 80% بينما أكدت آخر تلك التقارير بأن النسبة هى 29% ولا نستطيع هنا التأكيد

    على صحة بيانات احداها على الأخرى، وان كان من المؤكد أن هناك خطة لتخفيض تلك النسبة حتى تكون مثالية خلال عام 2022


    ثانيا – من أهم المعايير التى تحصن جودة الدين هو خدمة الدين أى الفوائد السنوية التى يتم الاتفاق عليها بين الدائن سواء كان دولة أو جهة مانحة مع الدولة المقترضة، وتعتبر مصر

    من أكثر دول العالم التى استطاعت الحصول على القروض بفوائد منخفضة جدا يقل أغلبها عن المستويات المتعارف عليها فى العالم.


    ثالثا – آجال القروض حيث أنه كلما زادت فترات السداد كلما كان ذلك من العناصر الايجابية للقرض لأنه بمرور الزمن تتضاءل قيمة القروض نسبة الى معدلات النمو المتوقعة، وبالنسبة

    لمصر فان 85% من قيمة ديونها الخارجية تصل آجالها أى فترات سدادها ما بين 20 الى 50 عاما مع توقعات بزيادة معدلات النمو فى مصر بدرجات كبيرة فى الفترات المستقبلية المتوسطة والبعيدة حتى أن معهد هارفارد للتنمية الاقتصادية أصدر مؤخرا تقريرا وضع مصر ضمن أكبر ثلاث دول

    فى العالم من حيث زيادة معدلات نموها كاقتصاديات ناشئة فى العقد القادم.


    رابعا – قنوات استخدام القروض حيث أن مصر كانت تستدين فى السابق لأغراض استهلاكية بينما فى عصرنا الحديث فان القروض تستخدم لأغراض استثمارية وتنموية للانفاق على مشروعات كبرى

    تعمل على زيادة الدخل القومى وتخفيض نسب البطالة وهو ما قد حدث فعليا حيث انخفضت نسبة البطالة فى مصر مؤخرا من 13% الى 8% اضافة الى ان المداخيل الناتجة عن تلك المشروعات الكبرى يستخدم جزء منها لتغطية خدمات الدين مما يساعد على رفع الأعباء عن كاهل الموازنة العامة

    للدولة.


    اضافة الى كل ما سبق فاننا لا نستطيع أن نغفل أن الحصول على قروض من جهات معينة مثل صندوق النقد الدولى على سبيل المثال الذى منح مصر قرضا قدره 12 مليار دولار بعدما أقر حزمة

    الاجراءات المصرية لاصلاح الاقتصاد المصرى الذى عانى كثيرا من التشوهات فى الفترات السابقة، لا نستطيع أن نغفل أن ذلك يعتبر يمثابة صك جدارة لقوة الاقتصاد المصرى وقدرته على التعافى والنمو، الأمر الذى أدى الى تدفقات للنقد الأجنبى الى مصر للاستثمار فى جميع المجالات

    ثقة فى اقتصاد مصر وثقة فى معدلات العائد على الاستثمار فى مصر.



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن