بقلم : فريد شوقي
بصرف النظر عن مدى الاختلاف أو الاتفاق مع القائلين بإن التحديات الاقتصادية الحالية ، بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا ، ربما تحمل فى طياتها فرصة للاستثمار في قطاعات معينة من الاقتصاد المحلى إلا اننى أستطيع التأكيد أن جوهر الأزمة بالنسبة لنو 90 % من مؤسسات الاعمال فى الاقتصاد المصرى ، والمتمثلة فى الشركات الصغيرة والمتوسطة ، تكمن فى فقدان الثقة فيما هو قادم وذلك نتيجة أساسية لغياب المعلومات ونقص الحقائق التى يمكن أن يعتمد عليها فى اتخاذ قراراتها سواء الاستهلاكية أو الاستثمارية أو الادخارية ناهيك عن الشكوك التى تحول دون قدرتها على المشاركة فى تنفيذ بعض المشروعات الحكومية ، وانها مغلقه على الشركات الكبيرة ذات الامكانيات والقدرات المالية والفنية ، الامر الذى يحيط اصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فى انه لن تستطيع اكتساب الخبرات المطلوبة لتنمية قدراتها التنافسية .
وإذا كان حديث الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من ان مبادرة "فرصتنا...رقمية" ، التي كانت أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) في مايو الماضي بحضور عدد من رؤساء الشركات العالمية والمحلية ، أتاحت عبر المنصة الخاصة بها نحو 31 فرصة فى مشروعات التحول الرقمي فى العديد من الجهات الحكومية بقيمة تقديرية لحجم الأعمال المعروضة للشركات الصغيرة والمتوسطة بنحو 80 مليون جنيه مؤكدا الشركات الصغيرة والمتوسطة تلعب دورا هاما في النمو الاقتصادي بالإضافة لخلق فرص عمل كثيفة للشباب وان مثل هذه المبادرات تفتح افاقا واسعة لها من أجل اكتساب الخبرات والحصول على سابقة أعمال حكومية لتعزز من تنافسيتها في السوقين المحلي والعالمي الامر الذي ىشكل طاقة نور وأمل للشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة فى مجال تكنولوجيا المعلومات فى تنمية حجم اعمالها والاستفادة من عمليات التحول الرقمي التى تتبناها جميع الجهات الحكومية فى الوقت الحالى .
وفى نفس الاطار كشف الدكتور محمد معيط وزي المالية عن مجموعة من الحوافز الضريبية التى تتضمنها قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغ ، ونتصور انها ستقضي على امخاوف الكثي من الكيانات الصغيرة ومتناهية الصغر وتساعدها فى الاندماج فى الاقتصاد الرسمي والاستفادة من الحوافز التى يتم منحها للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر ومنها تاكيده أن هناك نظامًا ضريبيًا مبسطًا لهذه المشروعات يمد جسور الثقة مع أصحابها بهدف تنميتها؛ باعتبارها إحدى ركائز النمو الاقتصادى، الغنية بالوظائف حيث الضريبة وفقًا للقانون الجديد، قطعية مُبسطة حسب حجم المبيعات أو الأعمال دون الحاجة إلى دفاتر أو مستندات أو فواتير شراء، موضحًا أن حجم المبيعات أو الأعمال يتحدد بإقرار صاحب المشروع، من خلال إقرار ضريبى مبسط سنوى واحد يُعده بدقة، ومصلحة الضرائب تثق فى تقديره .
ولعل اهم ما كشف عنه وزير المالية انه لن يُزورك مأمور ضرائب ، لا مأمور ضرائب ولا محاسب / فأنت خبير نفسك وعليك ان تحدد حجم مبيعاتك ةنحن نثق فى تقديرك.. فلا دفاتر ولا مستندات ولا فواتير شراء الضريبة بل والاهم من ذلك انه إذا قلت المبيعات أو الأعمال عن 250 ألف جنيه تكون الضريبة ألف جنيه سنويًا، وإذا قلت عن 500 ألف جنيه تكون الضريبة 2500 جنيه، وإذا قلت عن مليون جنيه تكون الضريبة 5 الاف جنيه سنويًا، وإذا تراوحت المبيعات أو الأعمال من مليون إلى 2 مليون جنيه تكون الضريبة 5 ,٪ من حجم المبيعات أو الأعمال، وإذا ترواحت من 2 مليون إلى 3 ملايين جنيه تكون الضريبة 75,٪، وإذا تراوحت من 3 ملايين إلى 10 ملايين جنيه تكون الضريبة ١٪ .
كما كشف الوزير عن إعفاء المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر لعقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود التسهيلات الائتمانية والرهن وعقود تسجيل الأراضى، لافتًا إلى تخفيض الرسوم الجمركية من ٥٪ إلى ٢٪ على الآلات والمعدات والأجهزة اللازمة للنشاط
وأعتقد أن تشجيع ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتنمية حجم أعمالها يمكن أن يشكل حلا واقعيا للازمة الاقتصادية وإتاحة الفرصة لاستيعاب أيدى عاملة جديدة خاصة فى ظل جفاف منابع التمويل المتاحة لهذه المؤسسات من جانب المؤسسات التمويلية وخاصة البنوك .
وبالنظر لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فان هناك آلاف الشباب الذين تم تأهيلهم وتدريب من خلال برامج التدريب التكنولوجى التى تقوم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ولديهم الأفكار والطموح الذى يتحطم على صخرة نقص الإمكانيات المالية البسيطة والتى تتراوح تقريبا بين 50- 100 ألف جنيه تمثل مطلبا أساسيا حتى يمكن لهؤلاء الشباب شق طريقهم فى سوق المعلومات وليس ملايين الجنيهات كما يحصل عليها البعض !
نريد أن تأخذ المرحلة القادمة منحنى التنفيذ الفعلى لدعم الصناعات الصغيرة فى مجال تقديم خدمات المعلومات والبرمجيات ونريد أن نفعل التنسيق والتعاو بين هيئة " ايتيدا " وجخاز تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى مجال تكنولوجيا المعلومات وكذلك ان يساهم كل من الصندوق والاتحاد التعاونى فى إقامة عدد من الحضانات ،ولتكن حضانة واحدة على مستوى كل محافظة تضم 50 – 100 مشروعا للشباب ، ويكون هناك اتفاق " مسبق " مع بعض شركات التكنولوجيا العالمية بحيث تعمل مشروعات الحضانات لصالح مشروعات إنتاجية معينة تستفيد منها الشركات العالمية سواء على المستوى المحلى أو على المستوى العالمى .
إذ يمكن أن تستفيد هذه الشركات العالمية بطريقتين الأولى أنها ستبيع منتجاتها التكنولوجية اللازمة لاقامة المشروعات الجديدة بتلك الحضانات كذلك يمكنها الحصول على احتياجاتها من مشروعات الحضانات بأسعار منخفضة مقارنة بالأسعار العالمية بحيث تكون هذه الحضانات بمثابة مراكز تطوير لمنتجاتها بدون أن تتحمل أى تكاليف أو أعباء وفى نفس الوقت تضمن مشروعات الحضانات استمرار نشاطها كذلك سنضمن إتاحة فرص جديدة للآلاف من الشباب .
فهل يمكن أن نرى فى عام 2012 تحول ايجابيا وملموسا فى اليات دعم الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى مجال التكنولوجيا لاسيما ونحن نتحدث عن عملية التحول الرقمي ؟