التكنولوجيا الزراعية ضرورة أساسية لضمان الأمن الغذائي

  • بقلم : حمد الشحي

     ممثل قطاع الأمن الغذائي والمائي من برنامج خبراء الإمارات

    عندما نفكر في الصناعات التي ساهمت التكنولوجيا في تحولها وتغييرها، فمن غير الممكن أن يكون قطاع الزراعة أو حتى الصناعات الغذائية أول ما يتبادر إلى الذهن. ولكن في مجالات الرعاية الصحية، والتمويل، والنقل، والترفيه، شهدنا تغييرات هائلة أحدثتها التطورات التقنية في هذه القطاعات وغيرها.

    ورغم هذه النظرة العامة، فإن القطاع الزراعي يشهد نهضة تقنية قد تكون غير ملحوظة، وقد حان الوقت بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتبني هذا التغيير من أجل ضمان أمنها الغذائي.

    تعمل تكنولوجيا الزراعة على ترسيخ مكانتها بسرعة باعتبارها من أهم القطاعات في جميع أنحاء العالم.

    وفقاً لتقرير صادر عن  Precedence Research، فقد بلغت قيمة سوق الزراعة الذكية 18.12 مليار دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن تزيد قيمته إلى أكثر من الضعفين ليصل إلى 43.37 مليار دولار بحلول عام 2030.

    وفيما تحدد حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تكنولوجيا الزراعة باعتبارها قطاعاً استراتيجياً عالي النمو. كان لي الشرف بالعمل تحت إشراف مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، ضمن برنامج خبراء الإمارات.

    وفي جلسات أقيمت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أكدت الوزيرة على أهمية التكنولوجيا الزراعية في استراتيجية الأمن الغذائي المحلي لدولة الإمارات، ودور الابتكارات الحديثة مثل المزارع العمودية والزراعة المائية في تطوير منظومة إنتاج غذائي مستدامة ومرنة.

    وتأكيداً لهذا الالتزام، قدمت أبوظبي عدداً من المبادرات، ومن ضمنها تقديم منح وحوافز بقيمة 545 مليون دولار للمساعدة في مواجهة تحديات الأمن الغذائي العالمي، ودعم إنشاء شركات التكنولوجيا الزراعية في الإمارة.

    تُظهر هذه الاستثمارات الكبيرة أن الصناعة مهيأة لتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل، لذلك لا يمكن استغراب تحول تكنولوجيا الزراعة إلى الصناعة الأكثر أهمية في غضون سنوات قليلة. وقد نتساءل، “لماذا؟”، فالإجابة ستكون بالنظر إلى الزيادة المتسارعة في عدد سكان العالم، والتي من المقدر أن تزداد بمقدار 2 مليار نسمة إلى قرابة 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050، وبالتالي فإننا نواجه تحدياً صعباً للغاية لضمان وجود ما يكفي من الغذاء لإطعام الجميع على الكوكب.

    هذا هو السبب في أن الاستثمار في قطاع تكنولوجيا الزراعة هو أمر أساسي لمستقبل أنظمة الأمن الغذائي، حيث يمكن أن يوفر حلولاً مستدامة للقضايا الملحة التي يواجهها العالم.

    ورغم أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر موطناً للعديد من مؤسسات التكنولوجيا الزراعية، فما تزال هناك إمكانات هائلة للتوسع في المستقبل. يمكن أن تساهم الصناعة في تعزيز الإنتاج المحلي وتطوير شراكات دولية لتنويع مصادر الغذاء، بما يتماشى مع الأهداف المحددة في الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051.

    ومع الفرصة التي تمتلكها التكنولوجيا الزراعية لتكون الدافع الأساسي نحو مشهد مزدهر في مجال الزراعة، فمن الضروري التراجع خطوة إلى الوراء وتطبيق عقلية شاملة لدفع هذا التغيير إلى الأمام. والمسألة التي يجب بحثها والعمل على تطبيقها، تتمثل في الوصول إلى أفضل طريقة لترسيخ مكانة دولة الإمارات باعتبارها وجهة جذابة لمستثمري التكنولوجيا الزراعية.

    تتمثل إحدى طرق تشجيع الاستثمار المحلي في التكنولوجيا الزراعية في وضع أطر عمل وباقات محددة حول العوائد المتوقعة للشركات التي تقرر تأسيس أعمالها في الدولة. هناك أيضاً حاجة إلى وجود موظفين ماهرين لديهم معرفة باختيار البذور المحلية، والإلمام بعمليات الإنتاج، وفهم كيفية عمل التكنولوجيا الزراعية.

    ورغم أن الدولة تستورد ما يصل إلى 90 في المائة من الطعام، فإن أكثر من 20 في المائة من المنتجات المخزنة في محلات السوبرماركت والمستخدمة في المطاعم تتم زراعتها محلياً. وهذا يدل على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تسير بالفعل في الاتجاه الصحيح لحل تحديات الغذاء والماء.

    ومع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في 2018، اتخذت حكومة الإمارات التدابير اللازمة لتقليل اعتمادنا على الواردات وتحسين الأمن الغذائي. ويتمثل الهدف الأسمى في أن تنتقل دولة الإمارات العربية المتحدة من المركز 23 على مؤشر الأمن الغذائي العالمي في عام 2022 إلى المركز الأول بحلول عام 2051.

    &

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن