كتب : باكينام خالد
لطالما كان سفر الأعمال حجر الزاوية للنجاح العالمي، ومحركاً للعلاقات الجيدة مع العملاء والتعاون بين أفراد الفريق وتحقيق النمو على الصعيد المهني. لكن وعلى الرغم من أهميته، إلا أن تخطيط رحلات الأعمال وإدارتها غالباً ما تكون أشبه بالمتاهة من حيث تعقيداتها واستهلاكها للوقت والانتكاسات العديدة التي قد تواجهها.
وتأتي هذه التصريحات على لسان جواو كارفاليو، المدير التنفيذي لشركة "إس إيه بي كونكر" في منطقة جنوب أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، الذي أشار كذلك إلى أن البيانات الأخيرة من "إس إيه بي كونكر" كشفت أن 82% من مسافري الأعمال أفادوا بأن شركاتهم تحتاج إلى موافقات مسبقة لرحلات الأعمال الخاصة بهم، فيما شهد 67% زيادة في التركيز على هذه الإجراءات في شركاتهم خلال عام 2024، وقال كارفاليو معلقاً: "إن الموازنة بين الكفاءة والامتثال ستبقى تحدياً ملموساً للعديد من المؤسسات".
وأضاف تشكل موافقات السفر التقليدية عبئاً ثقيلاً على الموظفين والمديرين على حد سواء، وقد تستغرق ساعات من البحث من أجل المواءمة مع التفضيلات وضمان التوافق مع توجيهات الشركات وميزانياتها. وحتى في هذه الحالة، قد لا يوافق المسؤولون الذين لديهم رؤى أوضح للسياسات على هذه الخطط، ما قد يتسبب في المزيد من التأخير والإحباط".
وسلط كارفاليو الضوء على حقيقة أن الذكاء الاصطناعي يسهم في إحداث تحول جذري في كيفية تعامل الشركات مع الترتيبات اللوجستية الخاصة بالسفر، وأوضح يقوم الذكاء الاصطناعي بإحداث تحول في تجربة المسافرين ومديري السفر وذلك من خلال أتمتة العمليات التي تستغرق وقتاً طويلاً وضمان الامتثال للسياسات. وبدءاً من تخطيط مسارات الرحلات وصولاً إلى تدوين النفقات، تساعد هذه الأدوات في إعادة رسم ملامح قطاع السفر التجاري وتوفير الوقت وتحويل التركيز باتجاه فوائد السفر. ويمكن للمسافرين إتمام عملية حجز مبسطة تقلل من الوقت اللازم للتخطيط من أيام إلى دقائق وذلك من خلال الاستفادة من المساعدين الرقميين المعززين بالذكاء الاصطناعي".
وانطلاقاً مما سبق، يكشف كارفاليو ثلاث طرق يقوم المساعدون الرقميون المعززون بالذكاء الاصطناعي من خلالها بتبسيط عملية تخطيط السفر:
1. دعم تطوير خط سير الرحلة
قد يبدو تخطيط السفر في بعض الأحيان أشبه بتجميع أجزاء أحجية معقدة، إذ يتطلب تنسيق العناصر الرئيسية مثل مواعيد الرحلات وحجوزات الفنادق والنقل والتفضيلات الشخصية، الاهتمام بالعديد من التفاصيل الدقيقة. وقد تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً من قبل مديري السفر، كما قد تكون عرضة للأخطاء نتيجة إمكانية تجاهل بعض الجوانب المهمة.
ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدد جوانب الاختلاف المتعددة أو التفاصيل المفقودة أو التناقضات ما يتيح للمخططين اتخاذ قرارات سديدة وذكية. ويضمن الذكاء الاصطناعي من خلال إلغاء أوجه القصور، توفير تجربة تخطيط أكثر دقة وبساطة بما يسهم في تحقيق وفورات في الوقت والموارد القيّمة.
2. ضمان الامتثال مع سياسات الشركات
ما أن يتم تسليم مسار الرحلة لكي تتم مراجعته، فإنه يخضع لكشوفات امتثال متعددة قد تؤدي إلى تعديلات يمكنها أن تتسبب بتأخير الحجوزات.
ويقوم الذكاء الاصطناعي بتبسيط هذه العملية من خلال دمج تقديرات التكلفة بشكل مباشر في مساراتها وضمان التوافق بينها منذ بداية العملية. كما يقلل الذكاء الاصطناعي من الوقت المطلوب للموافقة ويلغي التأخيرات غير الضرورية وذلك من خلال مراعاة مدة الرحلات والوجهات والخدمات الإضافية.
هذا وتشير التقديرات إلى أن جميع مسافري الأعمال تقريباً (95%) منفتحون على استخدام الذكاء الاصطناعي لحجز رحلاتهم، حيث يمكن لهذه الأدوات مع التدريب المناسب تحسين كفاءة التخطيط بشكل كبير. من جانبها تتيح عمليات التحقق من الامتثال وتقديرات التكلفة الآلية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي اتخاذ القرارات بسرعة ودقة أكبر.
3. تدوين النفقات وإعداد التقارير عنها
أصبح بمقدور المساعدين الرقميين المعززين بالذكاء الاصطناعي الآن وبدقة تقدير تكاليف السفر، ورصد نفقات السفر وإعداد التقارير عنها، وتعبئة تقارير النفقات بالمعلومات بدقة وسرعة.
ويمكن لمنصات الذكاء الاصطناعي إعطاء الموافقة على النفقات بصورة تلقائية في حال تطابق الإجمالي مع التقدير الأصلي، ما يوفر وقت المديرين وفرق التمويل، ويضمن سداد النفقات بسرعة.
وتعد هذه الميزة مناسبة للعديد من مسافري الأعمال، إذ أشار استطلاع "إس إيه بي كونكر" إلى أن 37% من مسافري الأعمال يفكرون في استخدام الأتمتة المعززة بالذكاء الاصطناعي لدعم تدوين النفقات وإعداد التقارير عنها.
ما هي الخطوات التالية للأتمتة المدروسة
صحيح أن الشركات تطّلع وباستمرار على الأنباء حول الكيفية التي سيقوم الذكاء الاصطناعي من خلالها "بإحداث تغيير جذري" وثورة في القطاعات المختلفة مستقبلاً، إلا أن العاملين في قطاع سفر الأعمال أخذوا يشعرون بالفعل بفوائد الأتمتة المدروسة.
وستقدم الإصدارات المستقبلية للمساعدين الرقميين المعززين بالذكاء الاصطناعي على الأرجح توصيات سفر مخصصة قائمة على التفضيلات السابقة، وتقديرات التكلفة ذات المصداقية الأكبر والمدعومة من المعايير السائدة في القطاع.
واختتم كارفاليو: "إن دمج الذكاء الاصطناعي مع أدوات تخطيط السفر سيتعمق بالتزامن مع استمرار تطور هذه التكنولوجيا. ويقوم قادة قطاع سفر الأعمال ببطء ولكن بثبات بإعطاء المزيد من الاهتمام الأمر الذي يؤدي إلى عودة سفر الأعمال إلى احتلال موقع مهم له على الخريطة".