كتب : محمد الخولي
تفرض الولايات المتحدة ضوابط تصدير واسعة النطاق على الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، في محاولة لفرملة وصول الصين وغيرها من الخصوم إلى التكنولوجيا المتقدمة ذات التطبيقات العسكرية.
وفي هذا السياق، كشفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مطلع الأسبوع، عن نظام مراقبة الصادرات الذي يمنح 20 من الحلفاء والشركاء المقربين للولايات المتحدة إمكانية الوصول غير المقيد إلى الرقائق المتعلقة بالـ AI مع فرض متطلبات الترخيص على معظم البلدان الأخرى.
تهدف هذه السياسة إلى تصعيب مهمة استخدام الصين دول أخرى للالتفاف على القيود الأميركية الحالية والحصول على التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في كل شيء بدءاً من نمذجة الأسلحة النووية إلى الصواريخ الأسرع من الصوت.
وبحسب مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، فإنه: "الضوابط الجديدة توفر مزيداً من الوضوح لشركائنا الدوليين والصناعة، وتواجه التحايل الخطير ومخاطر الأمن القومي ذات الصلة التي تشكلها البلدان المثيرة للقلق والجهات الخبيثة التي قد تسعى إلى استخدام التقنيات الأميركية المتقدمة ضدنا".
ينص النظام على إنشاء نظام ترخيص ثلاثي المستويات للشرائح المستخدمة في تشغيل مراكز البيانات التي تعالج حسابات الذكاء الاصطناعي.
ولن تواجه الطبقة العليا، التي تضم أعضاء مجموعة السبع بالإضافة إلى دول مثل أستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وتايوان وهولندا وأيرلندا، أي قيود وتشمل الفئة الثالثة دولاً مثل الصين وإيران وروسيا وكوريا الشمالية، وهي الدول التي لا يجوز للشركات الأميركية تصدير منتجاتها إليها.
أما الفئة المتوسطة التي تضم أكثر من 100 دولة فسوف تواجه قيوداً وتراخيص لتصدير كميات تتجاوز هذه الحدود.
ونقل تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن مصدر مطلع على الخطط، قوله إن مبيعات سلسلة H20 من الرقائق التي تنتجها شركة إنفيديا للصين - وهي نسخة أقل قوة من الرقائق الأكثر تقدما التي تنتجها الشركة، والتي تم تعديلها لتلبية ضوابط التصدير الأمريكية للعملاء الصينيين - لن تتأثر بالضوابط الجديدة.
وذكرت وزيرة التجارة الأميركية، جينا رايموندو، إن السياسة تضمن أن الضوابط الجديدة لن "تخنق الابتكار أو الريادة التكنولوجية للولايات المتحدة".
لكن تلك السياسة أثارت ردود فعل عنيفة من جانب صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، كما أدان الاتحاد الأوروبي القواعد الجديدة.
وفي بيان مشترك، قالت نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية هينا فيركونين والمفوض ماروش شيفتشوفيتش إنهما "قلقان بشأن الإجراءات الأميركية التي تم تبنيها اليوم والتي تقيد الوصول إلى صادرات شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة لدول أعضاء مختارة في الاتحاد الأوروبي وشركاتها".
وأضافوا أن الاتحاد الأوروبي يمثل "فرصة اقتصادية للولايات المتحدة، وليس خطراً أمنياً"، وأنهم سيتعاونون "بشكل بناء" مع الإدارة الأميركية المقبلة.
وقال رئيس رابطة صناعة أشباه الموصلات، جون نيوفر نشعر بخيبة أمل عميقة لأن تحولاً في السياسة بهذا الحجم والتأثير يتم التسرع في إصداره قبل أيام قليلة من انتقال الرئاسة وبدون أي مساهمة ذات مغزى من الصناعة"، بحسب الصحيفة.
و"القاعدة الجديدة تخاطر بالتسبب في أضرار غير مقصودة ودائمة للاقتصاد الأميركي والقدرة التنافسية العالمية في أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي من خلال التنازل عن الأسواق الاستراتيجية لمنافسينا".
أشارت الصحيفة في تقريرها لانتقادات مصادر في الصناعة تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها هذه الخطوة، ووصفتها بأنها خطوة غير مسبوقة أظهرت أن واشنطن تحاول التحكم في سلسلة توريد الرقائق العالمية على حساب حلفائها وشركاتها مثل إنفيديا وأيه إم دي وديل وسوبرمايكرو.
وكانت شركة إنفيديا قد قالت في منشور على مدونتها:في حين أن هذه القواعد، التي تتخفى تحت ستار إجراء "مناهض للصين"، لن تفعل شيئاً لتعزيز أمن الولايات المتحدة.
ستتحكم القواعد الجديدة في التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك التكنولوجيا المتاحة على نطاق واسع بالفعل في أجهزة الكمبيوتر المخصصة للألعاب وأجهزة المستهلك.
"إن قواعد بايدن الجديدة لن تؤدي إلا إلى إضعاف القدرة التنافسية العالمية لأميركا، وتقويض الابتكار الذي أبقى الولايات المتحدة في المقدمة".
لكن المستشار البارز في مؤسسة راند، جيمي غودريتش، قد قال إن القواعد تشكل "إطاراً مهماً" يعزز الأمن القومي ولا يمنح شركات الذكاء الاصطناعي الصينية ميزة تنافسية على المجموعات الأميركية.
أضاف نقل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي الضخمة إلى دول ذات علاقات مشكوك فيها مع خصوم أجانب دون ضوابط يشكل مخاطر أمنية وطنية واقتصادية واضحة.. ولا يزال الإطار يسمح باستمرار تدفق ملايين الرقائق حول العالم، والمخاوف بشأن المنافسة الصينية في رقائق الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها في الوقت الحاضر".
وتساءلت مصادر الصناعة عما إذا كانت الولايات المتحدة مجهزة لمراقبة مثل هذا النظام الشامل الخاص بالشركات، وأعربت عن أملها في أن تتراجع إدارة دونالد ترامب عن الضوابط.