" اوبر- كريم" ..وجنى ثمار اقتصاد المعرفة

  •      بقلم : خالد حسن

     

    في كتابه "إستراتيجيات الحياة" وضع الدكتور فيليب ماكرو قائمة بالقوانين التي تسير عليها حياة الناس، وكان خامس هذه القوانين، والذي ينطبق كذلك على عالم الأعمال، "الحياة تكافئ الأفعال" والذي يعني أن الأفكار والنوايا لا قيمة لها ما لم تتحول إلى واقع فعلي، وهنا يمكن اعتبار الدول التي تشجع الشباب على تحويل أفكارهم إلى مشاريع على الأرض، هي الدول الأجدر بالبقاء في ظل هذا السباق المحموم في عالم الابتكار والتفوق الاقتصادي والتقني، والامارات ومصر باتت تحتل مواقع متقدمة سواء في المنطقة أو على مستوى العالم بمجال تبني وتشجيع رواد الأعمال هي مثال يحتذى، لكن لا ينبغي التوقف عند الإنجازات الحالية فقط فأمام رواد الأعمال في المملكة كثير مما يستطيعون تقديمه.

    ومؤخرا كشف تقرير مؤسسة "ماجنيت" الدولي  لعام 2018 عن استثمارات الاجنبية فى الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تزايد حجم هذه الاستثمارات على مدار السنوات العشر الماضي لتتجاوز نحو 19 مليار دولار وكان عام 2018 بمثابة عام الطفرة والذى شهد ضخ استثمارات اجنبية بقيم 893 مليون دولار فى صفقات للاستحواذ او التمويل ل 366 شركة من دول المنطقة حيث احتلت دولة الامارات العربية المتحج المرتبة الاةولى بنسبة 30 من مجموع هذه الصفقات يليها جمهورية مصر العربية بنسبة 22%، ثم لبنان بنسبة 10%، واستكملت المراكز الثمانية الأولى كل من الأردن 8%، والمملكة العربية السعودية بنسبة 7% ومن ثم تونس والبحرين وعُمان بنسبة 4%. وأشار التقرير نفسه إلى أن إجمالي تمويل الشركات الجديدة في العام 2018 ارتفع بنسبة 31% عن العام 2017.

     وفى مفاجئه سارة  ، وسياق منصل ، تم الكشف الاسبوع الماضى عن اكبر صفقة فى تاريخ قطاع تكنولوجيا المعلومات بمنطقة الشرق الاوسط من خلال استحواذ شركة " اوبر " ، العالمية  المتخصصة فى تقديم خدمات تاجير السيارات فى العديد من دول العالم ، على شركة " كريم " الاماراتية ، والعاملة ايضا فى مجال تقديم خدمات تاجير السيارات ولكن فى المنطقة العربية ، بقيمة تناهز 3.1 مليار دولار وللمرة الاولى يصبح لدينا شركة للتكنولوجيا تستطيع ان تتجاوز قيمتها المليار دولار بل 3 مليار دولار .

    ورغم تخوف البعض من ان هذه الصفقة ستؤدى الى التاثير سلبيا على المنافسة فى تقديم خدمات تاجير السيارات عبر تطبيقات الهواتف الذكية فاننى أتصور ، ومن واقع التجارب العملية السابقة ، ان هذه الصفقة سيكون لها العديد من الفوائد على مجتمع الابداع التكنولوجى وريادة الاعمال العربى وهو ما سيترجم فى صورة افكار ابتكارية جديدة لصالح المستخدم العربى .

    ولعل قائم الفوائد من هذه الصفقة تطول الا اننى ساقتصر حديثى هنا على مجموعة من النقاط اولها ان دخول احدى شركات التكنولوجيا العربية الى نادى الشركات " المليارديرية " هو امر ايجابى جدا ويعطى انطباع جديد لحجم الفرص المتاحة للنمو فى اسواق منطقة الشرق الاوسط ويفتح شهية المستثمرين واللاعبيين التكنولوجيين الكبار للتعرف على امكانية التواجد فى هذا السوق والمشاركة فى تطويره عبر ضخ استثمارات مالية جديدة .

    وتتمثل الفائدة الثانية انه مع قيمة مالية تتجاوز 3.1 مليار دولار لشركة " كريم " فانه اصبح لدينا نحو 50 او 100 مليون جديد ، من العاملينعليا بالادارة فى شركة " كريم " وكل منهم بات يمتلك الخبرة والحافز والتمويل الذى يسمح له بالبحث عن افكار ابتكارية جديدة يمكنه ان يبدأ من خلالها كرائد اعمال ، يمتلك كافة المؤهلات للنجاح ، وهنا يحضرنا قصة مؤسسى موقع " مكتوب " ، للكتب ، عندما قاموا ببيع موقعهم نجحوا فى اطلاق موقع " سوق " والذى بات احد اهم منصات التجارة الالكترونية فى منطقة الشرق الاوسط واستحوذت عليه ايضا شركة " امازون العالمية "للتجارة الالكترونية .

    وفى اعتقادى ان اهم مزايا صفقة " اوير – كريم " انها تعطى الامل للكثير من رواد الاعمال فى امكانية النجاح والوصول الى العالمية بشرط الايمان بقدراتهم والتصميم على النجاح واستمرار بذل المجهود وايجاد حلول خارج الصندوق للمشاكل التى يمكن يتم مواجهتها خلال التشغيل الفعلى .

    كذلك من مزايا هذه الصفقة انها تؤكد ان العمل الجاد لا يعتمد بصورة اساسية على امتلاك الاموال والاستثمارات المالية الضخمة بقدر ما يمتلك الكفاءات البشرية المؤهلة والقادرة على تنفيذ الافكار الابداعية وتطويرها وفقا لاحتياجات وظروف السوق لتكون قادرة على مواجهة الطلب وتنمية فى نفس الوقت .

    ذلك من المهم الا ان نفعل اهمية هذه الصفقة فى التاكيد على اهمية المشروعات القائمة على المعرفة وتوظيف التكنولوحيا او ما بات يعرف باقتصاد المعرفة فى جذب الاستثمارات الاجنبية كغيرها من الصناعات التقليدية بل واكثر بكثير الامر الذى يتطلب ضرورة تكاتف كافة الاطراف ، الحكومية والخاصة والمجتمعية ، لتشجيع ونشر مفهوم ريادة الاغمال خاصة بالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .

    فى النهاية نؤكد اهمية التوسع فى نشر الحضانات التكنولوجية على مستوى المحافظات ، خاصة ان نمتلك كفاءات بشرية لديها الدراية والخبرة الطويلة بهذا المجال ، و أن نفتح قنوات الاتصال مع الصندوق الاجتماعى والاتحاد التعاونى للمساهمة فى دعم وإقامة عدد من الحضانات ،ولتكن حضانة واحدة على مستوى كل محافظة تضم 50 مشروعا للشباب ، ويا حبذا لو كان هناك اتفاق " مسبق " مع بعض شركات التكنولوجيا العالمية بحيث تعمل مشروعات الحضانات لصالح مشروعات إنتاجية معينة تستفيد منها الشركات العالمية سواء على المستوى المحلى أو على المستوى العالمى .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن