كتب : ساره نور الدين
بينما يرزح قطاع الاتصالات تحت وطأة الأضرار الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية، تطل مخاطر بشرية برأسها منذرة بِعَواقب وخيمة على البنية التحتية للاتصالات العالمية.
ففي البحر الأحمر، ساحة الصراعات الجيوسياسية المتأججة، تعرضت 4 كابلات بحرية لأضرار جسيمة خلال الفترة الأخيرة، ما أدّى إلى تعطيل شبكات الاتصالات والإنترنت على مستوى العالم، مُخلّفةً انقطاعات واسعة النطاق أثرت على 25% من الاتصالات والإنترنت داخل الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا.
وحذّر خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد وهدان، من خطر جديد يهدد الإنترنت، ألا وهو الكابلات البحرية التي تمر عبر منطقة الشرق الأوسط.
وأعلنت شركة HGC العالمية للاتصالات، فقدان 25% من سعة بيانات الإنترنت بين آسيا وأوروبا، ويعود ذلك إلى انقطاع الكابلات البحرية التي تنقل البيانات بين القارتين.
أوضح ، أن "17% من حركة الإنترنت في العالم تمر عبر البحر الأحمر من خلال 16 كابلًا رئيسًا تربط الشرق بالغرب والجنوب بالشمال".
وأشار إلى أن "تضرر 4 كابلات بحرية مؤخراً في المنطقة نفسها، تسبب في التأثير على 25% من حركة الإنترنت والاتصالات حول العالم".
وحذر من كارثة عالمية وشيكة، مع ازدياد احتمالية انهيار شبكات الكابلات البحرية التي تُشكل العمود الفقري للإنترنت، إذ يمر تحت سطح البحر نحو 550 كابلًا، تنقل 95% من البيانات العالمية، وهي عرضة لعوامل طبيعية وتغيرات جيوسياسية تُهدد استقرارها.
وأكّد وهدان ضرورة البحث عن بدائل سريعة لهذه الكابلات، خاصة بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت لها الألياف الضوئية على مستوى العالم، والتي تتعدى عشرات المليارات من الدولارات في اليوم الواحد.
وكشفت تقارير صحفية عن سعي شركات الاتصالات الكبرى لتوفير بدائل عن الكابلات البحرية التي تمر عبر مياه البحر، وذلك للحد من الخسائر الناجمة عن الانقطاع اليومي للإنترنت، وفق محمد وهدان.
وأوضح أن "الإنترنت الفضائي يُعد أحد أبرز الحلول المطروحة، إذ يُمكنه الوصول إلى شبكة الإنترنت من خلال الأقمار الصناعية دون الحاجة إلى وسيط".
ولكنه أشار إلى أن "هذا الحل التقليدي يتطلب توافر بنية تحتية رقمية قوية لاستقبال البيانات، بالإضافة إلى تكلفته المرتفعة".
وحذّر خبير التكنولوجيا والتحول الرقمي، رودي شوشاني، من مخاطر اتساع رقعة الصراعات في منطقة البحر الأحمر على الإنترنت والاتصالات العالمية.
وأكد ضرورة الوصول إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة والوصول إلى حل سلمي يضمن عدم تفاقم الصراعات، خاصةً أن هذه المنطقة تُعدّ ممرًا رئيسًا للكابلات البحرية التي تنقل الإنترنت والاتصالات عبر دول العالم.
وأوضح أن "أيّ ضرر يلحق بهذه الكابلات سيؤدي إلى انقطاع الإنترنت والاتصالات في العديد من دول العالم، ما سيترتب عليه عواقب وخيمة على مختلف القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع والأمن".
ودعا شوشاني جميع الأطراف المعنية إلى التعاون من أجل ضمان سلامة وأمن الكابلات البحرية، وحماية الإنترنت والاتصالات العالمية من أيّ مخاطر.
وأشار إلى ضرورة إنشاء بنية تحتية عابرة للقارات تتضمن كابلات إضافية تكون بديلة للكابلات البحرية التي أصبحت مهددة بصورة متزايدة، بعد تضرر نحو 200 كابل خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن "هذه التهديدات تشمل الأنشطة البشرية مثل أعمال الصيد والصيانة، والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير"، وحثّ على تطوير وتحديث تكنولوجيا الأقمار الصناعية، وإن كانت لا تؤدي مهمة الكابلات البحرية ذاتها من حيث السرعة والتكلفة، إلا أنها تُخفف من وطأة الخسائر التي تتكبدها الشركات والمؤسسات والبورصات العالمية.
وأشار شوشاني إلى أن "الحوسبة السحابية والخدمات الرقمية تُشكّلان حلولًا بديلة مهمة، إذ تتيحان دمج التكنولوجيا في جميع القطاعات الخدماتية والاقتصادية وغيرها".