منذ لحظة ظهورها الأولى، لم تكن الطائرات بدون طيار — أو ما يُعرف اختصارًا بـ"الدرونز" — سوى أدوات تجريبية محدودة الاستخدام، لكن خلال العقدين الأخيرين، شهدت هذه التكنولوجيا تطورًا مذهلًا وانتشارًا واسعًا، جعلها واحدة من أكثر الابتكارات تأثيرًا في مجالات متعددة، تتراوح بين التصوير السينمائي والمسح الجغرافي، وصولًا إلى الزراعة الذكية والتوصيل التجاري، بل وحتى العمليات العسكرية المعقّدة.
ورغم أن مصطلح "الدرونز" أصبح شائعًا في وسائل الإعلام وبين الجمهور، إلا أن هناك خلطًا كبيرًا يحدث بينه وبين "المسيّرات" العسكرية، إذ يستخدم البعض المصطلحين وكأنهما مترادفان، رغم وجود فروقًا جوهرية في الشكل والتقنية والوظيفة، فكلمة "درون" تُستخدم غالبًا للإشارة إلى الطائرات الصغيرة بدون طيار المُخصّصة لأغراض مدنية مثل التصوير الجوي أو الترفيه أو التسليم، وتتميّز بخفة وزنها وسهولة تشغيلها.
أما "المسيّرات" العسكرية فهي منظومات جوية مُعقّدة تُستخدم في عمليات التجسس، والاستطلاع، وأحيانًا في تنفيذ الضربات الدقيقة، وتتميّز بحجمها الأكبر، وإمكاناتها المتقدمة، واعتمادها على الذكاء الاصطناعي والتوجيه بعيد المدى وهو ما ظهر جليا في الأحداث الأخيرة بين إيران وقوات الإحتلال الاسرائيلية، هذا الخلط في المفاهيم يجعل من الضروري توضيح الفروق بين الاستخدامات المدنية والتطبيقات العسكرية للطائرات بدون طيار، خاصة في ظل تصاعد حضورها في مختلف ميادين الحياة.
أولًا: الهدف من الاستخدام — مدني مقابل عسكري
الفرق الأهم بين النوعين يكمن في الهدف من تصنيعهما وتشغيلهما:
درونز التصوير
تُستخدم لأغراض مدنية، مثل التصوير السينمائي، تغطية الفعاليات، إنتاج المحتوى الرقمي، والتوثيق السياحي، مثال: DJI Mavic – طيارة صغيرة بكاميرا عالية الدقة، ويمكن استخدامها فى:
- التصوير الفوتوغرافي والفيديو: لإنتاج محتوى سينمائي وإعلاني عالي الجودة.
- التفتيش والمراقبة المدنية: فحص خطوط الكهرباء، أنابيب النفط، وحالة المباني.
- الزراعة الدقيقة: مراقبة المحاصيل وتحديد أماكن المشاكل.
- رسم الخرائط والمساحة: إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للمناطق.
- الاستخدام الترفيهي: هواية شائعة للتحليق واستكشاف الأماكن من الأعلى.
المسيرات العسكرية:
تُطوّر خصيصًا لأغراض استخباراتية أو قتالية، مثل تنفيذ غارات جوية، مراقبة تحركات العدو، أو تحديد الأهداف بدقة عن بعد، مثال: Bayraktar TB2 التركية، أو MQ-9 Reaper الأمريكية.
فعلى النقيض تمامًا، تقف "الطائرات المسيرة العسكرية" أو ما يُعرف بـ "UAVs" (Unmanned Aerial Vehicles) كأدوات استراتيجية في الترسانات العسكرية حول العالم.
هي ليست مجرد كاميرات طائرة، بل منصات استخباراتية وهجومية متكاملة. "الدرون العسكري غيّر قواعد اللعبة في ساحة المعركة، أصبحنا قادرين على جمع معلومات استخباراتية دقيقة جدًا وتنفيذ ضربات جراحية دون تعريض حياة الطيارين للخطر"، يوضح لواء متقاعد في القوات المسلحة المصرية فضل عدم ذكر اسمه، وتتجسد مهامها في:
- الاستطلاع والمراقبة (ISR): رصد تحركات العدو وجمع المعلومات الاستخباراتية.
- تحديد الأهداف (Targeting): مساعدة القوات البرية في توجيه نيران المدفعية أو الضربات الجوية.
- الهجوم والتسليح: حمل صواريخ وقنابل موجهة لضرب أهداف محددة.
- الحرب الإلكترونية: التشويش على أنظمة اتصالات العدو.
- نقل الإمدادات: في بعض الحالات، تُستخدم لنقل الإمدادات للمناطق النائية أو الخطرة.