كتب : شيماء حسن
في ضوء التوجه العالمي نحو إعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً على مختلف الأصعدة مع اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية، والتعايش مع فيروس كورونا ومواجهة آثاره السلبية وتكاليفه الباهظة التي عصفت بالاقتصاد العالمي وكافة قطاعات الأعمال وكبريات الشركات في أنحاء العالم، تبرز أهمية استكشاف الملامح الرئيسية للخبرات والتجارب المختلفة في مجال استعادة النشاط الاقتصادي، لاستخلاص الدروس المستفادة منها واستشراف ما سوف يكون عليه العالم مستقبلاً لوضع الاستراتيجيات والخطط المصرية المناسبة للتعامل مع المرحلة المقبلة وفق أسس علمية ومنهجية.
واستمراراً لدوره المحوري الفكري والبحثي، أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة الأستاذ أسامة الجوهري مساعد رئيس الوزراء، العدد الثاني من سلسلة "كوفيد 19: إعادة تشغيل الاقتصاد" تحت عنوان "تدابير وإجراءات وقائية".
وأكد "الجوهري" أن هذه السلسة غير الدورية تأتي في سياق توضيح التداعيات الخطيرة والوخيمة لجائحة "كوفيد – 19" على جميع بلدان العالم في المجالات المختلفة: الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وتأثيرها الشديد على سوق العمل العالمي، فيما يعد أسوأ أزمة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية بحسب ما وصفته "منظمة العمل الدولية".
وأوضح "رئيس المركز" أن السلسلة تهتم في الأساس بتتبع أهم التقارير والمقالات التحليلية التي تصدر عن المؤسسات الدولية لعرض الأفكار والرؤى الرئيسية التي تضمنتها، موضحاً أن العدد الثاني منها يسلط الضوء على الضوابط والمعايير الوقائية المتعلقة بتعزيز السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل وإجراء الاختبارات وتتبع الحالات المصابة واتباع سياسات العمل المرن والتوسع في العمل عن بعد، بالإضافة إلى بناء الثقة بين الحكومات والأفراد والشركات.
اضاف "الجوهري"، أن هذا العدد تم تقسيمه لأربعة أقسام رئيسية تتناول عرضاً لـ 29 موضوعاً صادراً عن مؤسسات عالمية كبرى، منها: معهد استانفورد لأبحاث السياسة الاقتصادية، ومجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المتحدة، والمعهد الفنلندي للصحة المهنية، كما اشتمل على مقالات صادرة عن كلية كيندي بجامعة هارفاد، وجامعة نورث إسترن، وجامعة روتجرز، وإدارة السلامة والصحة المهنية التابعة لوزارة العمل الأمريكية، ومجلة فوربس، وكذلك جريدة فايننشال تايمز، وإدارة الصحة والسلامة البريطانية، بالإضافة إلى شركة ماكينزي ومعهد هندرسون بي سي جي ومجموعة بوسطن الاستشارية.
وأشار "رئيس المركز" إلى أن الاقسام الأربعة تتناول سبل تحقيق التوازن بين إعادة تشغيل الاقتصاد وسلامة الأفراد من خلال مجموعة من الإرشادات والإجراءات الوقائية، بالإضافة إلى الضوابط الخاصة بالعمل عن بعد وطبيعة الوظائف التي يمكن القيام بها من المنزل، إلى جانب كيفية إسهام اختبارات الكشف عن الفيروس في تجنب عمليات الإغلاق الواسعة التي تعاني منها بلدان عدة وتجارب العديد من البلدان في هذا الصدد خاصة وان الاختبارات كانت لها بمثابة الأداة الأكثر فعالية لتخفيف تدابير التباعد الاجتماعي تدريجياً وإعادة تشغيل الاقتصاد مرة أخرى.
كما أضاف "الجوهري" أن العدد الثاني في قسمه الرابع تناول دور الثقة في إعادة تشغيل الاقتصاد، وذلك من خلال توضيح مؤشرات الثقة في أداء الحكومات في ظل الأزمة الحالية "كوفيد -19"، مشيراً إلى أن معدل ثقة الشعوب بالمؤسسات الحكومية على مستوى العالم وصل إلى أعلى مستوياته خلال الجائحة، في حين انخفضت معدلات الثقة في القطاع الخاص نظراً لتسريح معظم العمالة في قطاعات عديدة وتخفيض الأجور.
وتطرق "الجوهري" إلى بعض النتائج من خلال الدراسات والمقالات التي استند اليها العدد الثاني من السلسلة والتي أظهرت بعض أولويات الدول في المرحلة القادمة للتعافي من آثار أزمة كورونا والتي تتمثل في تطبيق الرقمنة والابتكار وريادة الأعمال من أجل بناء اقتصاد تنافسي مع إيجاد التوازن بين التحول الرقمي وحماية البيانات الشخصية والاستثمار في البحث والتطوير ، فضلاً عن استغلال ما كشفت عنه الجائحة في تحديد القدرات المطلوبة بهدف تعزيزها في المستقبل على مستويات الأفراد والشركات والحكومة، وأخيراً تطوير المرونة الاقتصادية والاجتماعية خاصة وأن وباء "كوفيد 19" كشف عن هشاشة النظم الاقتصادية في العديد من البلدان وعدم مرونتها في السعي لتحقيق النمو السريع وتحسين الناتج الاقتصادي.
وشدد "رئيس المركز" على أن الكثير من الدراسات تؤكد أيضاً أن إنهاء الإغلاق لن يؤدي إلى عودة الأوضاع إلى طبيعتها كما كانت من قبل ما يستوجب الحذر، خاصة وأنه سيكون هناك أنماط وأشكال متباينة على مستوى الأنشطة الاقتصادية داخل الدولة الواحدة، وبين أقاليم ومناطق البلد، مع تباينات عدة بين بلدان العالم بعضها البعض.
جدير بالذكر، فقد أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، العدد الأول من سلسلة "كوفيد19: إعادة تشغيل الاقتصاد، تحت عنوان "رؤى وخبرات دولية"، وقد تناول العدد، 27 موضوعًا صادراً عن مؤسسات عالمية كبرى، حيث ينقسم هذا العدد إلى ثلاثة أقسام رئيسية، حيث اختص الأول بطرح الرؤى المتباينة بشأن مفارقة الحفاظ على صحة الأفراد وإعادة تشغيل الاقتصاد، كما انتقل القسم الثاني لاستعراض مقترحات الخبراء ومؤسسات الفكر بشأن مراحل وآليات ومحاذير إعادة تشغيل الاقتصاد، وأخيراً استعرض القسم الثالث عدداً من الخطط الوطنية لإعادة فتح الاقتصاد، ومنها على سبيل المثال أسبانيا وماليزيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.