ارتفاع اسعار الغاز تنعش الطلب على تقنيات انتاج الهيدروجين الاخضر فى اوروبا

  •  

    كتب : محمد حلمي

     

    أدّى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى تغيير معادلة التكافؤ في التكلفة، حيث لم تعد تكاليف الهيدروجين الأخضر بحاجة للانخفاض بنفس القدر حتى تكون قادرة على المنافسة .

    وتتوقع "بلومبرغ إن إي إف" أن مجرد استبدال الطلب الحالي على الهيدروجين بالنوع الأخضر في صناعات مثل تكرير النفط وإنتاج الأسمدة يمكن أن يقلّل من طلب "الاتحاد الأوروبي" على الغاز بنسبة 12%.

    تزامن ذلك مع تضاعف سعر الكربون في "الاتحاد الأوروبي" تقريباً خلال العام الماضي، ما جعل الغاز الخالي من الانبعاثات أكثر جاذبية وهو ما دفع أوروبا مليارات الدولارات من أجل تمويل التزامات جديدة تهدف لبناء سوق للهيدروجين منخفض الكربون، للاستغناء عن الغاز الطبيعي الروسي.

    ترى "بلومبرغ إن إي إف" (BloombergNEF) أن قفزة أسعار الغاز الأوروبية بنحو 450% العام الماضي، جعلت التكلفة المستقبلية المنافسة للوقود الأخضر تقترب بنحو عقد من الزمن عن الموعد المحدد، حيث انضمت صناديق الاستثمار إلى الحكومات والمؤسسات، لبناء خطط طموحة، تجعل من الهيدروجين بديلاً للوقود الأحفوري قابلاً للتطبيق في التصنيع والنقل والتدفئة.

    قال فيل كالدويل، الرئيس التنفيذي لشركة تكنولوجيا الهيدروجين "سيريس باور هولدنغ" (Ceres Power Holdings Plc)، ومقرها بريطانيا: "إنها نقطة تحوّل، سترى رأس المال يتدفق على نطاق واسع الآن ولن يكون هناك مجال للتراجع".

    كسر الإدمان الروسي

    رغم نبذ روسيا من المسرح العالمي بسبب غزو أوكرانيا، يبقى بعض أشد المنتقدين بحاجة للنفط والغاز للحفاظ على استمرار عمل اقتصاداتهم، ولذلك تسرّع أوروبا جهودها لكسر ذلك الإدمان، حيث تخطط "فورتسكيو غروب ميتال" (Fortescue Group Metals) لمشروع بقيمة 50 مليار دولار، لبناء سلسلة توريد الهيدروجين، بالتعاون مع عملاق الطاقة الألمانية "إي دوت أون" (E.ON SE)، كما تبني "سكاتك إيه إس إيه" (Scatec ASA) النرويجية مصنعاً للإنتاج بقيمة 5 مليارات دولار، وكذلك خصص صندوق الاستثمار "إتش واي 24" (Hy24) 1.6 مليار دولار للبنية التحتية.

     

    أشار الملياردير أندرو فورست مؤسس " فورتسكيو" في مقابلة، إلى تزايد الاهتمام بقضية الهيدروجين، ويرجع ذلك في الأساس إلى فوائده المناخية، فيما زادت الحرب من اهتمام المستثمرين به وسط تسليط الضوء على الحاجة إلى أمن الطاقة.

    وأضاف "فورست" في لندن: "تسارعت تدفقات الأموال بعد توغل الدبابات عبر الحدود، وترسّخ في ضمير وأذهان الناس أن الأمر أصبح ضرورة مادية ومالية".

    مستثمري الهيدروجين

     

    توقّع نحو 93% من منتجي ومستخدمي ومستثمري الهيدروجين، الذين حضروا اجتماع المائدة المستديرة الذي نظّمته "بلومبرغ إن إي إف" الشهر الماضي، تعزيز الحرب نموّ صناعة الهيدروجين الأخضر. وقال المشاركون، إن دعم الإنتاج المحلي والواردات من مصادر جديرة بالثقة يمثّل ضرورة مهمة لتحقيق ذلك النمو.

    لطالما كان إنتاج الهيدروجين الأخضر أكثر تكلفة من النوع التقليدي، المصنوع من الغاز الطبيعي، والذي يتسبب في إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

    بدأت الأمور تتغير الآن، حيث وجد محللو "بلومبرغ إن إي إف" أن الهيدروجين الأخضر، الذي تصنعه آلات تُعرف بـ "المحلل الكهربائي" والتي تعمل بالرياح والطاقة الشمسية، سيكون منافساً من حيث التكلفة مع المنتج القائم على الوقود الأحفوري في الوقت الحالي.

    تكلفة الطاقة المتجددة

    قال مارتن نيوبرت، كبير المسؤولين التجاريين في شركة "أورستد أيه/إس" (Orsted A/S)، أكبر مطوّر لمزارع الرياح البحرية، والتي تخطط لإنتاج الهيدروجين الأخضر لعملاق الشحن "إيه بي مولر ميرسك" (A.P. Moller-Maersk): "لا شك أن هناك تطوراً كبيراً يشهده الهيدروجين المتجدد".

    أشارت التوقعات في وقت سابق إلى عدم تكافؤ التكلفة حتى عام 2030، لكن انخفاض تكلفة المحلل الكهربائي، والنمو الهائل في توربينات طاقة الرياح وألواح الطاقة الشمسية  ، جعل الإنتاج أرخص.

     

    من ناحيته قال إيفان بافلوفيتش، المدير التنفيذي في بنك "ناتيكسيس سي آي بي" (Natixis CIB) الفرنسي، الذي يقوم بتمويل إنتاج الوقود: "الاقتصاد يتجه نحو الهيدروجين الأخضر، فالمشاريع التي يتم عرضها علينا أصبحت أكثر قابلية للتمويل الآن من وجهة نظر مصرفية".

    لكن انخفاض التكاليف لم يقطع إلا جزءاً من الطريق، وقد تنخفض أسعار الغاز مرة أخرى، ويعود الاقتصاد إلى ما كان عليه قبل ذلك، لكن الحرب عززت الدعم السياسي اللازم لتوسيع نطاق الصناعة.

     

    انتاج الهيدروجين الأخضر

     

    ضاعف "الاتحاد الأوروبي" هدفه الخاص بقدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 80 غيغاوات بحلول العام 2030، مقارنة بأقل من 1 جيجاوات في الوقت الحالي. وللمرة الأولى وضعت بريطانيا مؤخراً هدفاً محدداً بشكل واضح لإنتاج ما لا يقل عن 5 جيجاوات من الهيدروجين باستخدام المحلل الكهربائي بحلول العام 2030.

     

     

     

     

     

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن