كشف فريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا وجامعة ميريلاند عن ثغرة أمنية خطيرة تهدد خصوصية الاتصالات حول العالم، بعدما تمكنوا من التقاط بيانات حساسة تُبث عبر الأقمار الصناعية من دون أي حماية أو تشفير.
بدأت القصة حين اشترى الفريق جهاز استقبال فضائي لا يتجاوز سعره 800 دولار، ووجهوه نحو السماء لمدة ثلاث سنوات متواصلة، ليكتشفوا ما وصفوه بـ"الصدمة التقنية".
وكشف الفريق أن نحو نصف الاتصالات الفضائية في العالم تُبث مكشوفة تمامًا، بحسب تقرير نشره موقع "digitaltrends" واطلعت عليه "العربية Business".
تسريبات تشمل مكالمات وبيانات عسكرية
البيانات التي تم التقاطها لم تقتصر على إشارات عادية، بل شملت مكالمات ورسائل من شبكة "T-Mobile"، وبيانات الإنترنت الخاصة بركاب الطائرات، وحتى أوامر تشغيل لمحطات طاقة ومنصات نفطية.
تمكن الباحثون من التقاط اتصالات عسكرية وشرطية تتضمن مواقع انتشار القوات وتفاصيل مهام حساسة، وجميعها كانت تُرسل في الهواء بلا أي حماية رقمية.
تهديد للأمن القومي والخصوصية الشخصية
تقول الدراسة إن ما تم اكتشافه يهدم الاعتقاد السائد بأن أنظمة الاتصالات الفضائية آمنة بطبيعتها، إذ أثبت الباحثون أن أي شخص يمتلك المعدات المناسبة والمعرفة التقنية البسيطة يمكنه التنصت على نطاق عالمي.
وتحذر الدراسة من أن هذه الثغرة قد تُستغل في التجسس على الجيوش، أو تعطيل البنى التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء والنفط، أو حتى سرقة بيانات حساسة من مؤسسات كبرى.
ويؤكد الباحثون أنهم تمكنوا من مراقبة نحو 15% فقط من حركة الاتصالات الفضائية، ما يعني أن حجم المشكلة الحقيقي أوسع بكثير مما تم رصده.
وبحسب تقديراتهم، فإن وكالات استخبارات عالمية ربما تعرف عن هذه الثغرة منذ سنوات وتستغلها فعلاً في عملياتها السرية.
استجابة محدودة من الشركات
بعد نشر النتائج، سارعت شركات كبرى مثل "T-Mobile" و"AT&T" إلى تشفير إشاراتها الفضائية، إلا أن العديد من مزودي الخدمة حول العالم لم يتخذوا أي إجراءات بعد.
أعلن الباحثون أنهم سيقومون بنشر الأدوات البرمجية التي استخدموها مجانًا، كي يتمكن الآخرون من اختبار مدى أمان اتصالاتهم الفضائية بأنفسهم.
يحذر خبراء الأمن السيبراني من أن هذه الثغرة قد تمثل أخطر تهديد للبنية التحتية الرقمية العالمية منذ سنوات، إذ تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التجسس، لا عبر الإنترنت فقط، بل من السماء ذاتها.