كتب : وائل الحسينى – باكينام خالد
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً استعرض خلاله سوق العقارات عالمياً ومحلياً من حيث الأرقام والمؤشرات والتحديات التي تواجهه بدءًا من جائحة كوفيد-19 مرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية وما تبعها من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وأشار التحليل أن قيمة سوق العقارات العالمية قد بلغت نحو 3.69 تريليونات دولار عام 2021، ومن المتوقع أن يُسجل معدل النمو لسوق العقارات نحو 5.2٪ خلال (2022- 2030)، ويرجع هذا النمو المتوقع بشكل رئيس إلى ارتفاع عدد السكان عالميًّا.
استعرض مركز المعلومات مؤشرات سوق العقارات في عدد من الدول المختلفة وكان من أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت نموًا في سوق العقارات عام 2022 بلغ نحو 5.7%، ليُسجل نحو 369.9 مليار دولار أمريكي، مقارنة بنحو 349.9 مليار دولار عام 2021، وقد ظهر تأثير جائحة كوفيد-19 جليًا على إيرادات سوق العقارات فيها عام 2020، حيث انخفضت إيرادات القطاع بنسبة 5.3% ليبلغ نحو 332.5 مليار دولار عام 2020، مقارنة بنحو 351.1 مليار دولار عام 2019.
أما حصة آسيا والمحيط الهادئ من سوق العقارات عالميًّا فقد بلغت نحو 52.6٪ عام 2021، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى ارتفاع معدلات ملكية المنازل في المنطقة، وتشير التقديرات إلى أن الصين إحدى الدول الرائدة في المنطقة، حيث تبلغ حصتها نحو 64.8٪ من سوق العقارات في آسيا والمحيط الهادئ، كما أن ارتفاع أعداد السائحين في الدول النامية مثل الهند والفلبين وإندونيسيا وتايلاند وفيتنام يدعم نمو سوق العقارات في المنطقة.
ويعد قطاع الإسكان في الصين أحد أهم القطاعات الاقتصادية، وقد عانى هذا القطاع من تباطؤ النمو السكاني والاقتصادي، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 نحو 3٪، وهو أقل من المستهدف من قبل الحكومة الصينية (5.5%)، وقد تصاعدت الأزمة العقارية في الصين عندما تخلفت شركة إيفرجراند Evergrande - ثاني أكبر مطور عقاري في الصين- عن سداد ديونها، وهو ما أدى إلى طلب العديد من الشركات الكبرى الحماية من دائنيها، كما أدت الأزمة النقدية إلى تأجيل العمل في العديد من مشروعات الإسكان المباعة مسبقًا في الصين.
وتطورت الأزمة العقارية في الصين عندما امتنع مشترو المنازل من دفع أقساط القروض العقارية على المنازل غير المكتملة، مما أدى إلى اضطراب الأسواق المالية، وبناء على ذلك فقد تدخلت الحكومة الصينية من خلال حث البنوك على زيادة دعم القروض للمطورين حتى يتمكنوا من إكمال المشروعات، كما خفض المنظمون أسعار الفائدة في محاولة لاستعادة ثقة المشترين.
ومع استمرار ركود العقارات، تراجع الطلب على العقارات من قبل المشترين، ويرجع ذلك إلى تباطؤ معدل النمو الاقتصادي والقيود الصارمة الخاصة بسياسة "صفر كوفيد"، لذا في أكتوبر 2022 تقلصت مبيعات أكبر 100 مطور عقاري بنسبة 26.5٪ عن العام الماضي، وذلك وفقًا لمسح خاص أجرته China Index Academy، وهي شركة أبحاث عقارية كبرى.
وفيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا فمن المتوقع أن تنمو سوق العقارات بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 6.3٪ خلال الفترة (2022 -2030)، ويرجع هذا النمو بشكل رئيس إلى ارتفاع عدد المشروعات السكنية والتجارية في المنطقة، فعلى سبيل المثال، وفقًا لتقرير اتجاه خط أنابيب البناء في الشرق الأوسط في الربع الثالث من عام 2021، بلغ عدد مشروعات الفنادق نحو 545 مشروعًا بإجمالي يقدر بحوالي 168 ألف غرفة في المنطقة.
وسلَّط المركز الضوء على إيرادات سوق العقارات حيث تحتل إيرادات الإيجار المرتبة الأولى من إيرادات سوق العقارات في الدول المتقدمة بنسبة 52.1٪ عام 2021، ويرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار المساكن في الدول المتقدمة، وزيادة الإقبال عليها من قبل المستأجرين، مما أدى إلى نمو القطاع، فعلى سبيل المثال، ترتفع نسبة الإيجارات في ألمانيا، حيث تم تأجير نحو 60٪ من العقارات عام 2021.
كما سجلت الإيرادات من ملكية العقارات السكنية نسبة بلغت 35.5٪ عام 2021، ويعود السبب الرئيس في هذا النمو إلى رغبة الأفراد في تملك منازلهم في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع معدل ملكية المنازل بين جيل الألفية ليسجل نحو 47.9٪ عام 2021 مقابل نحو 40٪ عام 2020.
ومن المتوقع أن تسجل العقارات التجارية معدل نمو سنوي قدره 5.1٪ خلال الفترة (2022- 2030)، ويرجع ذلك إلى نمو قطاع السياحة، ففي عام 2020، كانت فنادق Citadines Apart Hotel العلامة التجارية الأكثر نشاطًا في تايلاند مع خمسة مشروعات تتكون من 945 غرفة.
ومن المتوقع أن تسجل سوق العقارات التجارية في مصر نموًّا مركبًا قدره 5٪ خلال فترة (2022-2027) على الرغم من تداعيات جائحة كوفيد-19، وتطرق التحليل إلى استعراض مميزات القطاع العقاري المصري حيث يتميز بالدعم الحكومي لمشروعات البناء في جميع أنحاء البلاد، فضلًا عن نقاط السعر المواتية للمستثمرين الأجانب التي تدعم الطلب الجيد على الأسهم العقارية التجارية المحلية، كما تسمح المساحات الكبيرة للأراضي بتطوير مخزون استراتيجي جديد من العقارات في كل من الأسواق التي نغطيها، ويعد تحسين الخلفية التنظيمية لقطاع العقارات تطورًا يلقى ترحيبًا من قبل المستثمرين.
ويمتلك القطاع العديد من الفرص مثل ندرة الأصول ذات الدرجة الاستثمارية والطلب المتزايد على الأصول المنتجة للدخل الرئيس واللذان يوفران مساحة للمطورين الرأسماليين مما يؤدي إلى زيادة الضغط على معدلات إيجار العقارات الصناعية، بالإضافة إلى الاستثمار في مشروعات الطرق والموانئ والمطارات والتي تزيد من الفرص لتصبح مركزًا لوجستيًّا مركزيًّا في إفريقيا، بالإضافة إلى الطلب القوي على المساحات الصناعية في ميناء الإسكندرية، وتطوير مدن ومناطق صناعية جديدة بالدولة.