نبضات الانترنت ... ومستقبل اقتصاد الفضاء العالمي

  • بقلم : خالد حسن

    لم تعد الأقمار الصناعة مجرد تعبير عن القوة العسكرية والتكنولوجية لدولة ما بل أصبحت احد أهم متطلبات التنمية الاقتصادية الشاملة وتعظيم الاستفادة من ثورة الاتصالات ونقل البيانات لتقديم خدمات تجارية . 

    والشهر الماضي أستضافت وكالة الفضاء المصرية، فعليات مؤتمر «نيو سبيس إفريقيا 2025»، بمدينة الفضاء المصرية، بمشاركة أكثر من 500 ممثل من نحو 60 دولة من قادة صناعة الفضاء والشركات التجارية العاملة في هذا القطاع في إفريقيا ، والذي شهد اطلاق " وكالة الفضاء الإفريقية " داخل المدينة، في تجسيد لالتزام مصر بتعزيز التعاون والتكامل الأفريقي في علوم وتكنولوجيا الفضاء لتحقيق التنمية المستدامة والابتكار.

    واستهدف تمكين اقتصاد القارة الإفريقية من خلال الابتكار الفضائي، حيث تشهد صناعة الفضاء في إفريقيا تطوراً ملحوظاً، إذ بلغت قيمتها 19.49 مليار دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن تنمو بنسبة 16.16% لتصل إلى 22.64 مليار دولار بحلول عام 2026 اذ تعد القارة الإفريقية موطناً لأكثر من 270 شركة فضاء ناشئة، تعمل على تطوير تقنيات فضائية مبتكرة، وتقديم خدمات مدعومة بالتكنولوجيا الفضائية لتلبية احتياجات الأسواق في قطاعات متنوعة، كما يسعى المؤتمر أن يكون منصة موحدة تجمع مختلف المهنيين من قطاعات صناعة الفضاء، لتعزيز التعاون وتطوير حلول إبداعية وشاملة لمواجهة التحديات واستغلال الفرص في القطاع الفضائي الإفريقي.

    وفى نفس الاطار أكد الدكتور شريف صدقي الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية ، خلال مشاركته فى فاعليات مؤتمر سات اكسبو ٢٠٢٥ ، أن مصر والمنطقة العربية وأفريقيا تلعب دوراً ريادياً في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، مشيراً للنجاح الباهر لمؤتمر "نيو سبيس أفريقيا 2025" الذي أبدى خلاله الزوار الغربيون إعجابهم بالتقدم المصري في هذا المجال، وتراكم الخبرات العلمية والتقنية الوطنية منوها لأهمية التعاون الاستراتيجي مع الصين، الذي يمثل أحد الركائز الأساسية لتقدم مصر في تكنولوجيا الفضاء، حيث قدمت الصين دعماً تقنياً كبيراً، وتم توقيع اتفاقيات لإنشاء محطة أبحاث قمرية دولية، في خطوة تعكس طموحات مصر في استكشاف الفضاء.

    وأكد صدقي على اهتمام الدولة الكبير بالبيانات الفضائية ودورها في تحقيق التنمية المستدامة، مشدداً على أهمية تطوير البنية التحتية والتقنيات الخاصة بجمع وتحليل البيانات الفضائية لخدمة الاقتصاد والمجتمع.

    واتساقا مع هذا كشف تقرير لمؤسسة جلوبال داتا " GlobalData " ، المتخصصة في مجال البيانات والتحليلات ، انه من المتوقع أن ينمو سوق الاقتصاد الفضائي العالمي بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) بنسبة 4.0٪ من 421.0 مليار دولار في عام 2024 إلى 511.2 مليار دولار في عام 2029 ، مدفوعًا بزيادة في نشر الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض (LEO) وتحسين الإنتاجية في تصنيع معدات الأقمار الصناعية ، والتنافس. إطلاق المشهد الخدمات، والطلب على الخدمات حول اتصالات البيانات، والملاحة، ورصد الأرض  كما كشف أن التطبيقات الفضائية، التي تشمل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والملاحة ومراقبة الأرض، هي أكبر قطاع من اقتصاد الفضاء وستنمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 2.9٪ لتصل إلى 334.8 مليار دولار بحلول عام 2029.

     

    وبالطبع فان الاتجاهات الجديد فى صناعة الفضاء العالمية والمتمثلة فى انخفاض تكاليف التصنيع والإطلاق ، ودخول الشركات غير الغربية إلى سوق اقتصاد الفضاء وعلى رأسها الصين والهند ، وزيادة عسكرة الفضاء ، والاستخدامات الجديدة للبيانات من الفضاء هي محركات النمو الأخرى لاقتصاد الفضاء.

     

    تشير سيناريوهات مختلفة إلى معدلات نمو مختلفة لسوق اقتصاد الفضاء خلال العقد المقبل. وتشمل القضايا التي ربما تقيد النمو استمرار البيئة الاقتصادية العالمية الصعبة حاليًا، وخروج روسيا الدائم من اقتصاد الفضاء، وما إذا كانت الشركات الصينية قادرة على تحقيق طموحات البلاد الفضائية. إن الجدوى المالية غير المؤكدة لشركات الأقمار الصناعية والصواريخ الشابة وانخفاض عائد السوق على الاستثمار على المدى القصير ، إلى جانب البيئة الاقتصادية العالمية الحالية ، يمكن أن يؤدي إلى توقف ثقة المستثمرين في اقتصاد الفضاء بعد عام 2025.

    وسيتوقف نمو السوق في المستقبل أيضا على تطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام وخدمات تقاسم الركوب بأسعار معقولة وأكثر تواترا من شأنها أن تزيد من فترات الحمولة في بعثات الإطلاق. ومن غير المرجح أن يسهم القطاعان الفرعيان للسياحة الفضائية والاستعمار إسهاما كبيرا في سوق اقتصاد الفضاء عموما حتى ما بعد عام 2030.

     

    وفى اعتقادى لم يعد الفضاء المجال الوحيد للحكومات وشركات الطيران والدفاع الحالية. لقد جعل التقدم التكنولوجي في التصنيع والدفع وإطلاق الصواريخ من الأسهل والأقل تكلفة المغامرة في الفضاء. اكتسبت الشركات التي سعت إلى الفرص الناشئة ميزة المحرك الأول. كانت سبيس إكس أول شركة خاصة تطلق مركبة فضائية إلى المدار وتعيدها بأمان إلى الأرض. وفي الوقت الحالي، تتقاضى الشركة من العملاء 69.5 مليون دولار لكل إطلاق مركبة إطلاق متوسطة الرفع القابلة لإعادة الاستخدام جزئيًا.

     

    فى تصورى أصبح هذا القطاع تنافسيًا بشكل لا يصدق ، حيث طورت العديد من الشركات الناشئة مفاهيم للصواريخ والأقمار الصناعية الفعالة من حيث التكلفة لمنافسة عمالقة الطيران. وتواصل المجموعات الساتلية الكبيرة تعزيزها للتنافس مع ستارلينك ومجموعات أمازون كايبر الضخمة المستقبلية. اندمجت يوتلسات ون ويب في عام 2022 ، واستحوذت Viasat على Inmarsat في عام 2023 ، واستحوذت SES على Intelsat في عام 2024. وسيستمر هذا التوطيد في السوق.

     

    أصبحت اتصالات النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية الضرورة الاستراتيجية الجديدة التي تؤثر على السيادة الوطنية والأمن القومي والبنية التحتية الرقمية الوطنية. ويمكن للبلدان المتخلفة في البنية التحتية السكنية والمشاريع ذات النطاق العريض الأرضي استخدام النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية للمساعدة في سد الفجوة مع البلدان المتقدمة وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر ورقمنة قطاعات الصناعة.

    ومن شأن أوجه التقدم التكنولوجي، مثل الرادار ذي الفتحة الاصطناعية المحمولة في الفضاء لرسم خرائط السطح التفصيلية والتكنولوجيا البصرية (الليزر) من السواتل إلى الأرض لنقل البيانات فائقة السرعة، والشبكة غير الأرضية 5G، وتكنولوجيا تحويل جهاز إلى جهاز ساتلي، أن تعزز الاستشعار عن بعد وقدرات الاتصالات. يمكن أن يعزز التوزيع الكمومي (QKD) للاتصالات عبر الأقمار الصناعية أمن نقل البيانات للبنوك وشركات مراكز البيانات ومراكز البيانات الحكومية ومراكز بيانات الشركات. وستفيد جميع هذه التقنيات اقتصاد الفضاء في عام 2025.

    وبالتاكيد فان تشابك اقتصاد الفضاء مع قطاع النفط والغاز والتعدين لعدة عقود بالفعل ، والآن مع انخفاض تكاليف الاتصالات للنطاق العريض عبر الأقمار الصناعية إلى جانب التقنيات الجديدة ، فإن العديد من القطاعات من الزراعة إلى الاستجابة للطوارئ والكوارث. وستستفيد وسائل الإعلام من انتشار التغطية عبر الأقمار الصناعية فضلاً عن القدرة الجديدة التي ستأتي عبر الإنترنت، مما يعكس زيادة بأكثر من 65 مرة بين عامي 2015 و2025".

    فى النهاية يجب الاشارة الى أنه من المتوقع أن ينمو إجمالي سوق الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من 15 مليار دولار إلى 457 مليار دولار خلال العقد المقبل ، وفقا لتقديرات مؤسسة جولدمان ساكس ، لاسيما مع دخول " أمازون " الشهر الماضي، فى منافسة قوية مع شركة " ستارلنك " واطلاق مشروع " كويبر " الذي من المقرر أن يضم في نهاية المطاف أكثر من 3200 قمر اصطناعى فى المدار المنخفض، بهدف توفير خدمة الإنترنت العالي السرعة إلى المناطق النائية حول العالم، بما في ذلك المناطق المتضررة من الحروب والكوارث وبالتالى فان على وكالات الفضاء العربية والافريقية الا تقف مكتوفى الأيدى بل يجب ان يكون لها دور ملموس فى صناعة الانترنت الفضائى حتى لا نفاجىء باننا خارج هذا السوق ومجرد مستخدمين لثورة الاتصالات المقبلة .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن