رقمنة العمل القضائي .. والعدالة الناجزة

  •     بقلم : فريد شوقي

    لعل من أهم التحديات التي تواجه عملية تطوير قطاع القضاء بالمحاكم هو تكدس عدد القضايا بصورة كبيرة مما يؤدي إلى تأخر صدور الأحكام القضائية النهائية في الآلاف من القضايا لفترات زمنية تصل في بعض الحالات إلى سنوات خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار حق الاستئناف الذي يكفله القانون للمتنازعين والمحكوم عليهم .

    ورغم المناداة منذ سنوات طويلة بضرورة العمل على الحد من طول فترة التقاضي " الناجمة عن كثرة عدد القضايا مع قلة عدد القضاة " والوصول الى العدالة " الناجزة "وضرورة مواكبة التطوير التكنولوجي والاستفادة من تعميم استخدام الكمبيوتر في تسريع عملية التقاضي من خلال بناء قاعدة بيانات إلكترونية ضخمة وتتم تغذية الكمبيوتر بكل البيانات والمعلومات الخاصة بالقضايا " مع تصنيفها وفقا لعدة فئات " وكذلك الأحكام القضائية المسبقة بحيث تساعد هذه القاعدة القاضي في اتخاذ حكمه النهائي في القضية .. الأمر الذي يساعد في تسريع عملية التقاضي لاسيما أنه من المتعارف عليه في المحاكم أنه يمكن الاسترشاد والرجوع لبعض الأحكام السابقة دون أن يكون ذلك محل شك أو اعتراض من جانب المتنازعين .

    ومؤخرا وقعت وزارة الاتصالات وهيئة قضايا الدولة بروتوكولا لتنفيذ مشروع ميكنة وتطوير وتحديث منظومة العمل القضائي والإداري بالهيئة بهدف تطوير العمل القضائي والإداري من خلال تنمية استخدام المعاملات الإلكترونية والوسائل التكنولوجية الحديثة، والمساهمة في تحقيق التحول إلى المجتمع الرقمي وبناء مجتمع معلوماتي عصري، ودعم كفاءة إدارة الأنشطة الحكومية، وتنمية الموارد البشرية والفنية للعاملين لدى الطرفين، وتطوير التطبيقات والبرامج الموجودة بالهيئة والمستحدثة من خلال تطبيق البروتكول لتكون قابلة للاستضافة على أسس الحوسبة السحابية وغيرها من احتياجات البنية التكنولوجية.

    وبموجب البروتوكول يتم تنفيذ عدد من المشروعات والتي تشمل مشروع الدعم الفني للتطبيق المطور بواسطة هيئة قضايا الدولة، ومشروع التدريب التخصصي لطرفي البروتوكول وذلك لدعم إدارة مراكز معلومات قضايا الدولة، ومشروع بناء وسائل تأمين رقمية ، كما ينص البروتوكول على التعاون المشترك في تنفيذ مشروع نشر تطبيقات مشروع برنامج القضايا والبرامج الإدارية، وتطوير مشروع أرشفة قضايا ووثائق الهيئة، وتطوير بوابة موحدة لخدمات هيئة قضايا الدولة، وتبلغ ميزانية العمل بالبروتوكول 120 مليون جنيه.
    ولعلنا نتفق على أن  تحسين خدمات التقاضي يعد من أهم متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام لمواكبة التطورات المتلاحقة في عصر المعلومات لاسيما في ظل تزايد عمليات سرقة وتبديد وإتلاف العديد من المستندات الورقية المهمة للفصل في آلاف القضايا سواء من قبل بعض المحامين أو من قبل المحاكم نفسها الأمر الذي يتطلب ضرورة التدخل بقوة من جانب وزارة الحق لحماية حقوق المواطنين الذين لا يجدون أمامهم إلا القضاء للحصول على حقوقهم .

    نعتقد أيضا أنه يمكن للتكنولوجيا المساعدة في تحسين أداء القضاة أنفسهم بما يتواكب مع التغيرات المتلاحقة من خلال توفير موقع إلكتروني يتضمن قاعدة محدثة من القوانين " التى تم تغييرها أو تعديلها " والأحكام القضائية الحديثة سواء على المستوى المحلي أو العالمي خاصة فيما يستجد من جرائم " كالجرائم الإلكترونية – ونزاعات حقوق الملكية الفكرية في مجال البرمجيات " .

    نتوقع في ظل حرص وزارة العدل على اتخاذ خطوات إيجابية في مجال ميكنة مختلف المؤسسات والجهات التابعة لها أن يكون عنصر تأهيل القضاة تكنولوجيا وتوافر الأدوات المساعدة على جدول أجندتها بما ينعكس إيجابا على انخفاض الفترة الزمنية لصدور الأحكام القضائية بين المتنازعين وعودة الحق لأصحابه .

     

    نتطلع في ظل الحديث عن مصر الرقمية  عن توجه وزارة العدل نحو مزيد من ميكنة كل عمليات التقاضي المعمول بها في المحاكم والنيابات والهيئات القضائية بما يتيح للمتقاضين إمكانية معرفة الأوراق المطلوبة منهم عبر الإنترنت وكذلك متابعة إجراءات سير القضية عبر الإنترنت مع الاحتفاظ بصورة رقمية من كل المستندات التي يتم تقديمها للمحكمة لاسترجاعها إلكترونيا في أي وقت " للقضاء على عمليات التلاعب واختفاء أو سرقة بعض تلك المستندات " كما ستتاح أمام المتقاضين إمكانية الحصول على صورة إلكترونية من الأحكام القضائية النهائية بعد صدورها فى أى وقت من خلال موقع إلكتروني على الإنترنت.

    نؤكد أنه من المهم سرعة تنفيذ عملية الميكنة لكل جهات وزارة العدل على مستوى كل المحافظات وبصورة متوازنة بحيث يكون هناك تطوير شامل لجميع المحاكم القضائية بما ينعكس بشكل إيجابي على زيادة الثقة فى إجراءات التقاضى بالمحاكم والنيابات العامة بجانب تسريع تلك الإجراءات واختصار الفترة الزمنية لصدور الأحكام القضائية النهائية ولاسيما أن تأخر العدالة يؤدي إلى تزايد شعور الإحباط لدى كل المظلومين ويجعلهم يائسين من حصولهم على حقوقهم .

    في النهاية نعتقد أن ميكنة إجراءات التقاضي بوزارة العدل سيؤدي إلى زيادة الشفافية في متابعة هذه الإجراءات بما يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة القضاة ومتابعتهم ومراجعتهم لكل الإجراءات السابقة ومدى سلامتها من الناحية القانونية لاسيما عند انتقال القضية من محكمة لأخرى .

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن