مفهوم النجاح .... لمن ابتغى الهداية والارتياح


  • بقلم :ايمن صلاح 

    كثيرون يتساءلون هل كانت مسيرتهم فى الحياة ناجحة؟ هل استطاعوا على مر عمرهم طال أم قصر أن يحققوا النجاح الذى كانوا يأملون؟ هل تحقق لهم ما كانوا يخططون وتصوروا فى لحظة ما

    أنه النجاح الذى ينشدون؟ تساؤلات عديدة تمر بخلد كل منا من فترة الى أخرى لتقييم مسيرته فى الحياة والحكم اذا ما كان قد حقق النجاح أم أن عمره قد ذهب هباءا منثورا دون الوصول الى نجاح يذكر أو هدف يؤثر، ولكى نخوض فى عملية تقييم نجاح مسيرة كل منا علينا أولا أن نضع

    أيدينا على مفهوم كلمة النجاح وماهى عناصره ومقوماته ومن ثم الحكم على نجاحنا فى حياتنا من عدمه.


    البعض مثلا يرى أن النجاح هو الوصول الى حياة رغدة يتمتع فيها بطيب العيش متشحا بثروة تحميه من عثرات الزمان وتؤمنه غدر الغيب والأقدار، ويرى آخرون أن نجاحهم يتمثل فى قدرتهم

    على الوصول الى مناصب تمنحهم السلطة والقدرة على السيطرة والتحكم، بينما يرى آخرون


     أن نجاحهم

    ينبع من الشهرة التى تمنحهم الرضاء النفسى والاحساس بالذات وتجعلهم فى مجتمعاتهم ملء الأسماع والأبصار، وهكذا تتعدد الرؤى وتتمايز الأفكار حول كينونة النجاح ومقوماته وربما تكون كل الآراء السابق ذكرها صحيحة فيما يتعلق بمفهوم النجاح حيث أن النجاح فى حد ذاته مفهوم

    فلسفى لا يخضع لمعايير أو مقاييس محددة نستطيع بها التحليل والتقييم ثم الحكم من خلالها بالنجاح أو الفشل، فالنجاح فى النهاية هو وجهة نظر قد تصيب وتخطىء، وقد يرى بعضنا شخصا ما ناجحا بينما يراه آخر شخصا فاشلا طبقا لوجهة نظر كل منهما واتساقا مع مفهومه لكلمة "النجاح".



    وبما اننى أفترض اتفاقى مع قرائى الأعزاء على أن مفهوم "النجاح فى الحياة" انما هو وجهة نظر تخضع لرؤية كل منا فاسمحوا لى أن أدلو بدلوى وأوضح وجهة نظرى لمفهوم النجاح والتى

    أزعم أنها قد تكون الأقرب الى المنطقية والواقعية مع كامل تقديرى لكل الآراء والرؤى الأخرى التى لا أنكر قيمة ومغزى أى منها، أما عن رؤيتى للنجاح فى الحياة فانها تتمثل فى قدرة كل منا على تحقيق رسالة فى حياته تكون نبراسا له ولمن حوله أو خلفه فى حياته حتى بعد مماته

    فالنجاح الحقيقى هو الذى يبقى ولا يندثر برحيل الفرد وقد يصل نجاح انسان بهذا المفهوم والمعنى الى أن يصبح رمزا تتوارثه الأجيال من بعده وقدوة تحتذى به المجتمعات على اختلاف أنماطها بدءا من الأسرة الصغيرة الى المجتمع المحيط الى الوطن الكبير ونهاية بالبشرية أو العالم

    أجمع، حيث أنه يجب على كل منا أن يضع لنفسه رسالة فى حياته يعمل على تحقيقها فان حدث وحققها فقد ظفر بالنجاح فى حياته وان لم يحدث فانه يكفيه شرف المحاولة، وعليه فان كل نماذج النجاح التى يراها البعض والتى ذكرتها أعلاه ربما تكون صحيحة كما أسلفت ولكنها فى ذات الوقت

    أراها منقوصة حيث أن النجاح فى الحياة لا يمكن أن يكون مقتصرا على النجاح فى جمع الثروات أو الوصول الى المناصب العليا أو تحقيق الشهرة أو ما الى ذلك من رؤى النجاح الأخرى ولكن يجب أن يكون كل ذلك مقترنا برسالة تعطى قيمة وهدفا ساميا لكل ذلك أو بمعنى آخر يجب أن يكون

    كل ذلك وسيلة لتحقيق النجاح وليس هدفا فى حد ذاته للنجاح.




    ولكى تتضح الصورة علينا أن ننظر الى بعض النماذج التى تسوق لمفهوم النجاح الحقيقى فى الحياة، فالأم والأب اللذين استطاعا تربية أولادهما وتنشئتهم على الخلق الرفيع والدين الصحيح

    هما بالقطع ناجحان فى حياتهما وأديا رسالتهما على أكمل وجه، والمعلم فى محرابه الذى استطاع أن ينشىء جيلا ذا خلق رفيع وعلم نافع هو ناجح وقد أدى رسالة، والعامل الذى استطاع أن يؤدى عمله بحرفية واتقان فأفاد مجتمعه هو ناجح وقد أدى رسالة عظيمة، ثم اذا انتقلنا الى وجه

    أكبر من النجاح الذى وصل بأصحابه لأن يكونوا رموزا كما أسلفت وتذكرنا المخترعين والمبدعين والعلماء الذين انتقلوا بالبشرية الى عصور جديدة وحولوا العالم بأعمالهم الى عهود متميزة ومختلفة هم ولا شك ناجحون.




    ولا يمكننا فى هذا المقام الا أن نذكر أعظم من أنجبت البشرية من الناجحين فى الحياة الذى أشرقت الأرض بنوره صاحب الرسالة المهداه والنعمة المسداه سيدنا ومعلمنا رسول الله صلى

    الله عليه وسلم الذى كانت رسالته فى الحياه هى أعظم وأسمى الرسالات، فهو الذى سنظل نقتدى برسالته ونجاحه الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلقد كان الرسول هو صاحب أعظم نجاح وأسمى رسالة.


    علينا جميعا أن نضع نصب أعيننا رسالة نبيلة وسامية نعمل على تحقيقها حتى يكتب الله لنا النجاح فى الحياة، فاللهم ارزقنا جميعا النجاح والهداية واكتب لنا دائما وأبدا التوفيق

    والسداد فى البداية والنهاية.



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن