كتب : ساره نور الدين
تماشياً مع شعار شهر الإمارات للابتكار هذا العام، "الابتكارات المؤثرة"، تحتفي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بريادتها العالمية في مجالي البحث والتطوير المخصصين للتطبيقات الصناعية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتواصل الجامعة تقديم أحدث الأبحاث وتعزيز منظومة المتخصصين في هذا المجال، مما يمهّد الطريق أمام أبوظبي لترسيخ مكانتها كمركز عالمي لابتكارات الذكاء الاصطناعي. لا بد من الإشارة إلى أن مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال احتفل مؤخراً بتخريج 22 طالباً في النسخة الأولى من دورات ريادة الأعمال، بعد تزويدهم بمهارات ريادة الأعمال وأدواتها وشبكة العلاقات اللازمة لتسويق حلولهم في مجال الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات.
وتزامناً مع شهر الإمارات للابتكار، نسلط الضوء في ما يلي على خمسة من الابتكارات الأكثر تأثيراً التي توصل إليها الأساتذة والباحثون في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مع شركائها منذ إنشاء الجامعة في العام 2019:
"جيس"، النموذج اللغوي الكبير الأكثر تقدماً في العالم باللغة العربية
أدى إطلاق الإصدار مفتوح المصدر من نموذج "جيس"، النموذج اللغوي الكبير باللغة العربية الأعلى جودة على مستوى العالم، إلى استفادة أكثر من 400 مليون متحدث باللغة العربية حول العالم من منافع الذكاء الاصطناعي التوليدي. وهذا النموذج، الذي جاءت تسميته تيمناً بأعلى قمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، هو مشروع تقوده شركة "كور 42" (من مجموعة "جي 42") بالشراكة مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وشركة "سيريبراس سيستمز". ويمتد تأثير جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في الأبحاث المتعلقة بالنماذج اللغوية الكبيرة إلى ما هو أبعد من نموذج "جيس"، إذ إنها تواصل دعم النماذج اللغوية الكبيرة الخضراء، واللغات غير الممثلة بشكلٍ كافٍ، والشفافية الكاملة لتحقيق اللامركزية في تدريب النماذج اللغوية الكبيرة وتطويرها من خلال معهد النماذج التأسيسية ومنصة LLM360، وهي مبادرة مشتركة مع شركتَي "بيتووم" و"سيريبراس سيستمز".
نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي – الذكاء الاصطناعي الأخضر
بينما يساعد الذكاء الاصطناعي في مكافحة تغير المناخ من خلال زيادة كفاءة الصناعات، تُعتبَر البصمة الكربونية الناتجة عنه كبيرة بحد ذاتها. فمن أجل مواجهة ذلك، كانت الجامعة رائدة في إنشاء نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي، وهي تكنولوجيا مصممة للحد بشكل ملحوظ من العناصر الثلاث الأساسية اللازمة لحوسبة الذكاء الاصطناعي، وهي الطاقة والوقت والقوى العاملة الخبيرة. إذ يقلل هذا النظام الذي طورته جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي من تكاليف الطاقة، عبر جعل النماذج أصغر حجماً وأسرع وأكثر كفاءة وأقل اعتماداً على الأجهزة باهظة الثمن لإنشاء الذكاء الاصطناعي. ويتطلب تدريب النماذج الأصغر حجماً نسبة أدنى من طاقة الحوسبة مقارنةً بالنماذج الأكبر حجماً. كما يسرّع نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي مباشرةً عمليات الحوسبة المرتبطة بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وخدمتها، مما يقلل من الوقت اللازم للتدريب. كما يعمل أعضاء الهيئة التدريسية والباحثون على العديد من المشاريع البحثية الأخرى المتعلقة بالاستدامة، في محاولةٍ للمساعدة على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وإبقائها ضمن حدود 1.5 درجة مئوية.
براءة اختراع أمريكية تحت عنوان: "مُحوِّلات كتابة خَط اليد"
قام فريق من الباحثين من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بتطوير حل يقوم على الرؤية الحاسوبية يمكنه محاكاة أنماط الكتابة اليدوية الفردية بناءً على عدد محدود نسبياً من العينات. وقد حصلت الجامعة على أول براءة اختراع من مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية لهذا الابتكار الذي يُمكن أن يُستخدم في عدّة تطبيقات محتملة، مثل أن يكون أداةً للأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكتابة، أو كتطبيق لتعزيز قدرة الآلات على فهم النصوص المكتوبة بخط اليد وتحويلها إلى نص رقمي. ولا بد من الإشارة إلى أن هذا الاختراع هو واحد من 20 اختراعاً سجلها أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لدى المؤسسات المعنية ببراءات الاختراع الدولية، مما يؤكد على التزام الجامعة بترجمة الأبحاث المتطورة إلى ابتكارات.
استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة المرضى عن بعد
يستخدم أعضاء الهيئة التدريسية والباحثون في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي نهجاً متعدد التخصصات في الذكاء الاصطناعي لتوفير رعاية ذكية لمراقبة المرضى عن بعد والحد من الضغط على الشبكات الصحية مع تقدّم الناس في السن. ويعمل فريق الجامعة على تطوير خوارزميات جديدة للتعرف إلى النشاط البشري، بعد أن أحرز تقدماً ملحوظاً وطوّر العديد من النماذج الأولية للأجهزة التي ستوفر الوظائف الأساسية للنظام. وسيستمر الفريق في اختبار هذه النماذج الأولية وتحسينها في سعي منه لعقد اتفاقية تعاون مع عيادة متخصصة في الرعاية الصحية لإجراء دراسة لتحديد مدى فعالية النظام في مراقبة صحة كبار السن وسلامتهم. يُذكر أن الفريق يطمح إلى أن تسويق النظام تجارياً في غضون سنوات قليلة وإتاحته في المستشفيات والعيادات والجيل القادم من المنازل الذكية لكبار السن كما هو الحال في مجمعات التقاعد والمجتمعات التي تزيد أعمار أفرادها عن 50 عاماً. إلى جانب ذلك، يبذل الباحثون في الجامعة جهوداً كبيرة في مجال الرعاية الصحية من خلال عالم الميتافيرس أو التوأم الرقمي للأشخاص من جميع الأعمار والقدرات ليتم إجراء الفرز الأولي من منازلهم.
إنشاء صور رمزية ثلاثية الأبعاد واقعية وعالية الدقة للتواجد افتراضياً عن بعد
طوّر فريق من الباحثين من مركز الميتافيرس بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع "إي تي إتش زيورخ" و"فين إيه آي"، و"بينسكرين"، تقنية جديدة لإنشاء صور رمزية ثلاثية الأبعاد واقعية جداً وعالية الدقة من صورة واحدة فقط، والتي يمكن تحريكها باستخدام كاميرا الويب وأجهزة الاستشعار المدمجة في سماعة الرأس المخصصة للواقع الافتراضي. إذ يعتبر الباحثون أن هذه التقنية، المعروفة باسم "فودو ثري دي" ستحل محل المؤتمرات التقليدية التي تُقد عبر الفيديو، وأن الأفراد سيتواصلون مع بعضهم البعض في المستقبل ويتفاعلون ويتعاونون عن بعد بتقنية ثلاثية الأبعاد كما لو كانوا في المكان نفسه.
أما ما يميّز نهج الذكاء الاصطناعي التوليدي الجديد مقارنة بالأساليب الحالية، فهو أنه مناسب للعروض ثلاثية الأبعاد، أي أنه يمكن أن يولّد تعابير من أي صور عشوائية أو من رؤية الشخص في الوقت الفعلي، مما يجعله مناسباً للشاشات ثلاثية الأبعاد وسماعات الواقع الافتراضي. تعتمد هذه التقنية على نهج جديد يُسمى فك التشابك الحجمي ويستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل كيفية ظهور الوجه وتعابيره ووضعيته بشكل كامل في مجال إشعاع عصبي ثلاثي الأبعاد، وذلك من خلال إدخال صورة ثنائية الأبعاد بشكل عشوائي. ويعمل الفريق الآن على إتاحة هذه التقنية عبر سماعات الواقع الافتراضي الشهيرة، كما يخطط لجعلها مفتوحة المصدر لتشجيع المجتمع الأكاديمي على اعتمادها.