بقلم / فريد شوقى
فى المستقبل ، القريب ، سيتمكن المستهلكين من دفع مقابل المنتجات والخدمات بكل سهولة من خلال الهاتف المحمول، بما سيشكل قفزة نوعية فى اليات الدفع الالكترونى بما يتسق مع مفهوم الشمول المالى الرقمى الذى تتجه اليه حاليا وبقوة الحكومة المصرية وهو ما يتجلى فى اتاحة البنية الأساسية اللازمة لتعزيز الدفع الالكترونى دون ان يتم تحميل المواطن لأي أعباء مالية أو تكاليف إضافية
ولطالما أشارت توقعات رواد الأعمال إلى حدوث تحوّل اجتماعي يستمر لعدة أعوام، نحو المجتمع اللانقدي وتشجيع والمعاملات الالكترونية والتجارة الالكترونية ، والتى يتوقع ان تتخطى قيمتها تبلغ 2.7 مليار دولار بحلول عام 2020 ، حيث نشهد الانتقال نحو استخدام العملات الرقمية وحلول الدفع عبر الهواتف المحمولة، وذلك بالتزامن مع سعي الحكومات نحو توسيع نطاق هذا التحول حيث تشهد حلول الدفع والتحويلات المالية غير النقدية تنامياً ملحوظاً نتيجةً لسعي الشركات نحو زيادة الكفاءة وتعزيز مستويات الراحة لدى العملاء
كما تتوقع الدراسات المتخصصة ان 41% من العملاء سوف يمكنهم إمكانية إجراء جميع المعاملات المالية عن طريق المحافظ النقديّة عبر الهاتف الهاتف خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وتأتي التجارة الرقمية وأساليب الدفع غير النقدية في مقدمة أولويات " رؤية مصر 2030 " حيث يشجع الاندفاع النشط نحو تحقيق التحوّل الرقمي في الخدمات الحكومية، بما في ذلك إجراء المعاملات المالية غير النقدية؛ على قبول واعتياد استخدام قنوات الدفع الرقمية من قبل العملاء.
وفيما يمكن وصفه بالانجاز الكبير فى تنظيم وسائل الدفع الالكترونى وتشجيع الافراد ومؤسسات الاعمال فى الاعتماد على النقود الالكترونية وافق ، مؤخرا ، مجلس النواب على مشروع قانون قانون "تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى " حيث يسعى مشروع القانون لتحقيق المزيد من الشمول المالى فى مصر ويتفق مع التوجهات العالمية فى تبنى السياسيات التى تقلل التعامل النقدى "الكاش" وتشجع على استخدام الأدوات المالية المصرفية وغيرها من وسائل ونظم الدفع بما يؤدى لى توفيرًا للوقت والجهد والنقود بالنسبة للمواطنين فى دفع كافة الالتزامات "كهرباء، الغاز، المياه، مصاريف المدرسة، تحويل الأموال لأفراد الأسرة"، مع تشجيع المواطنين على التحول إلى المعاملات الرقمية وفتح حسابات مصرفية بدون تكاليف أو رسوم، مع استفادة الاقتصاد القومى من تحقيق الشمول المالى وتيسير انتقال الأموال.
ولعله من المهم الاشار الى مجموعة من الفوائد لأنظمة الدفع غير النقدية أولها "السرعة " حيث تمتاز المعاملات غير النقدية بسرعة إنجازها، حيث يستغرق إجراء التعاملات غير النقدية مدة وسطية تتراوح بين ثانية واحدة إلى عدة ثواني بالمقارنة مع معاملات الدفع المالي التي تستغرق فترة 6-7 ثواني.
وتمثل الميزة الثانية فى "الأمان " اذ يمكن للتاجر الذي يستخدم أساليب الدفع غير النقدية حماية رأس ماله العامل من خلال تفاديه لمخاطر تعريض أمواله النقدية للضياع أو السرقة، بينما يستفيد العملاء من الحماية التي توفرها المزايا الأمنية على أجهزتهم، إلى جانب الحماية التي تتيحها بوابة الدفع المستخدمة.
على حين تتمثل الميزة الثالثة هى" الراحة" فلن يكون العملاء بحاجة للعثور على أجهزة الصراف الآلي أو حمل الكثير من المال في محافظهم، ولن يتعين عليهم الانتظار في طوابير طويلة ضمن البنوك أو نقاط البيع، فضلاً عن توفر باقة واسعة من قنوات الدفع المتاحة لهم. أما بالنسبة للتجار، فيتم استبدال الأعباء التشغيلية للمعاملات النقدية والاستعاضة عنها بالتدفقات النقدية السلسة خلال الوقت الحقيقي.
وتشمل الفوائد التي تتيحها المعاملات غير النقدية مجموعة واسعة من القطاعات المختلفة، كما تنعكس التطورات التقنية التي نشهدها حالياً في هذا المجال إيجاباً على اقتصاد البلاد. ففي قطاع التعليم على سبيل المثال، من الممكن لأساليب الدفع أن تصبح مشكلة حقيقية بالنسبة لدافعي الرسوم أما بالنسبة للمدارس، فإن الانتقال نحو المعاملات غير النقدية لن يسهم في خفض مدة العمليات الإدارية التي يتطلبها إجراء المعاملات النقدية فحسب، وإنما يتيح قنوات دفع مريحة بالنسبة لدافعي الرسوم، فضلاً عن إنجاز معاملات الرسوم المدفوعة والمستحقة خلال الوقت الحقيقي. ويفضي ذلك في نهاية المطاف إلى تخفيض المدة التي يقضيها موظفو المدرسة في متابعة المدفوعات المتأخرة لأولياء الأمور.
وتشير الدراسات التي أجريت في مجال تجارة التجزئة إلى زيادة نسبة المبيعات عند إفساح المجال أمام العملاء للدفع باستخدام بطاقة القيمة المخزنة. ويرجع ذلك لتخلي الناس عن المشتريات الصغيرة عندما لا يحملون معهم الكثير من المال. وبالمقابل، يتيح حمل بطاقة القيمة المخزنة إمكانية شراء الوجبات الخفيفة وغيرها من المشتريات الصغيرة الأخرى.
وتشكل راحة المستهلكين الموضوع الجوهري للمعاملات غير النقدية. ومع تنامي اعتماد المستهلكين على قنوات الدفع غير النقدية كخيار أفضل وأكثر أمناً، فإن فرصة مهمة تلوح أمام الشركات لتعزيز عروض خدماتها من خلال تزويد العملاء بالمرونة التي توفرها أساليب الدفع غير النقدية.
ولعلنا جميعا نتفق على ان التكنولوجيا يمكنا تقديم حلول ابتكارية لتحسين مستوى اداء كافة الاجهزة والهيئات والشركات التابعة للحكومة وخاصة التى تعامل مع المواطن بصورة مباشرة مثل شركات المرافق ، الكهرباء والمياه والغاز والجمارك والضرائب والمحليات ، وبما يشعره بان هناك حكومة تسعى لمواكبة التطور العالمى فى تقديم وتحصيل قيمة هذه الخدمات الاساسية ، وبصرف النظر عن الارتفاع المتتالية فى اسعار هذه الخدمات والتى يتحملها المواطن عن رضاء نفس تقديرا منه للظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها الوطن وعجز الحكومة عن معالجتها ، الا ان من اهم مزايا الاعتماد على وسائل الدفع الالكترونى انه سيكون لها تاثير ايجابى على غلق الباب امام الكثير من صور الفساد واشكال البيروقراطية التى يمكن ان يتعرض لها المواطنيين عند تعاملهم مع مختلف الجهات الحكومية وهو ما نتطلع ان نلمسه فى القريب العاجل .