الذكاء الاصطناعى " الأليف ".. والاستراتيجية الوطنية

  •           

    بقلم: د. عادل اللقانى

    الخبير فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 

     

    ونحن نحتفل بإطلاق النسخة الثانية من الاستراتيجية  الوطنية للذكاء الاصطناعى بمصر 2025-2030 فانه يتعين علينا تناول مفهوم الذكاء الاصطناعى "الأليف" وعلاقته بهذه الاستراتيجية، فهذا النوع من الذكاء يتميز بقدرته على التكيف مع احتياجات البشر وتقديم مساعدات عملية لهم بطريقة اكثر تفاعلية وانسانية وفى تحسين الحياة اليومية ، كما أنه قادرعلى فهم مشاعرهم باللغات الطبيعية وتقديم استجابة فورية لهم ويمثل مستقبلا واعدا فى كيفية تعايش الانسان مع التكنولوجيا الجديدة التى احدثت ضجيجا هائلا فى العالم بالاونة الاخيرة بشرط أن يتم تصميم هذه النظم من الذكاء وتطويرها وتطبيقها بشكل مسؤول من خلال التركيز على الأمان والاخلاقيات والخصوصية للانسان .

    وهذا الذكاء "الاليف" نوع من التكنولوجيا التى تكون قادرة على التفاعل مع البشر بطريقة آمنة ومرنة ومفهومة وداعمة له فى حياته وبحيث يتم تجنب الصراع  معه أو تهديده بأى شكل أو تدميرالبيئة المحيطة أو الحضارة أوالتراث الانساني .

    هناك نظم من هذا النوع تتعلم باستمرار من التفاعلات مع البشر وتقدم اقتراحات وحلول تتناسب مع احتياجاتهم اليومية نعرف بعضها الان مثل "اليكسا" و "سيرى" وغيرها التى تعمل بالاجهزة الذكية وهناك نظم "روبوفيك" التى تستخدمها الروبوتات الشخصية وتساعد فى الاعمال المنزلية فى مجال التنظيف " وسمارت اوفن" فى إعداد الوجبات والطبخ ، ونظم تستخدم فى مجال الصحة مثل "ديب مايند" لتحليل البيانات الطبية واخرى لتشخيص السرطان والكشف عن السكتات الدماغية والنزيف الداخلى، وتوجد تطبيقات  مثل" كانفا" و"دولينجو" و"كورسيرا " لتطوير المحتوى وتحسين العملية التعليمية وزيادة التفاعل مع الطلاب ، وهناك التى تستخدم فى التحليلات المالية والتجارة الالكترونية والتوظيف والبيئة والطاقة والزراعة وغيرها .

    فى مواجهة هذا النوع "الاليف " هناك مايسمى بالذكاء الاصطناعى "العدائى"  وهو الذى يصعب معه للبشر التحكم فيه ويمكن من خلاله ان تستخدمه الحكومات أو الانظمة المعادية او الافراد فى هجمات الكترونية ، وفى تهديد مناحى الحياة بكل انواعها ، وتزييف المعلومات ، والتاثير على الراى العام من خلال انتاج محتوى كاذب أو مسىء ، وهذا النوع يسبب فوضى وتدمير للحياة والامن والسلام العالمى وقد يخرج باثاره السلبية جدا عن سيطرة البشر يوما ما وتدمير الحياة والحضارة الانسانية .

    فى الاستراتيجية المصرية التى تضعها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع وزارات وجهات أخرى فى الدولة نجد ان التركيز هوعلى النوع" الاليف" واستخداماته الايجابية فى تطوير الخدمات العامة ، وفى النمو الاقتصادى الرقمى وتعزيز أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة،تطوير البنى التحتية اللازمة لتمكين تطوير الذكاء الاصطناعى ونشره، وتحسين جودة التعليم والرعاية الصحية ، وتعميم إستفادة الفئات المختلفة للمجتمع من هذا التطوير دون تفرقة "الشمول الاجتماعى" ، بل إن أحد الاهداف المهمة لهذه الاستراتيجية هو أن تصبح مصر مركزا اقليميا رائدا فى مجال الذكاء الاصطناعى واستخداماته فى الشرق الاوسط وافريقيا وذلك بالتعاون مع الشركاء الدوليين .

    إلا أن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات عديدة متمثلة فى نقص الخبرات والمهارات اللازمة  فى هذا المجال ، وكذلك نقص التمويل والاستثمار ، وفى مدى تقبل البنى التحتية الرقمية الحالية لهذه الاستراتيجية الطموحة فلابد من جعلها أكثر كفاء وقدرة على تحقيق الاهداف الموضوعة ، والأهم هو مواجهة تلك المخاوف المتعلقة بحماية بيانات المواطنيين والاستخدام غير القانونى لها ، ومواجهة مخاطر الهجمات الالكترونية التى قد تنجم من النوع الثانى "العدائى" وعليها أن تراعى حماية الخصوصية والبيانات الدقيقة الخاصة حول سلوكيات افراد المجتمع من الانتهاك اواستخدامها من أى جهة او أفراد بشكل يهدد أمن وسلامة المجتمع والوطن ، وهذا لايتحقق إلا من خلال اصدار إطار تشريعى جديد يضمن الاستخدام الاخلاقى  والامن والمسؤول للذكاء الاصطناعى فى مصر وانشاء هيئة تنظيمية له.

     فالى أى مدى ستنجح هذه الاستراتيجية فى مواجهة هذه التحديات وغيرها لتطبيق وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعى "الاليف"  فى الحياة العامة المصرية ؟ ..  هذا ماتجيب عليه الأيام القادمة باذن الله .  

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن