الدولار/الين: هل سيستمر التعافي وسط تشدد بنك اليابان وضغوط الفيدرالي؟

  • بقلم: رانيا جول

    كبير محللي الأسواق في XS.com - منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)

     

    يتحرك زوج الدولار/الين الياباني ضمن نطاق متذبذب بالقرب من الدعم عند الحد الأدنى للقناة السعرية الهابطة المؤقتة ويتداول عند 147.95 مع بداية تعاملات اليوم الخميس، مما يعكس التوازن بين العوامل المتعارضة التي تؤثر على كلا العملتين. فمن ناحية، يعاني الدولار الأمريكي من ضغوط ناتجة عن توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، بينما يستفيد الين الياباني من التوقعات المتزايدة بأن بنك اليابان قد يواصل تشديد سياسته النقدية. وبرأيي هذا التضارب في السياسات النقدية بين البلدين أدى إلى تقليص الفجوة في العوائد، مما وفر دعماً للين الياباني ودفع الدولار نحو التراجع.

     

    ومن وجهة نظري لا تزال مخاوف المستثمرين قائمة بشأن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية، خصوصاً بعد تهديداته بفرض رسوم جمركية جديدة، الأمر الذي زاد من التقلبات في الأسواق المالية. وفي ظل هذا المشهد، يعزز المستثمرون مراكزهم في الأصول الآمنة مثل الين الياباني، خاصة إذا زادت حالة عدم اليقين بشأن التوترات التجارية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، فإن التوجه العام نحو الأصول ذات المخاطر المرتفعة، الذي يغذيه تفاؤل الأسواق بشأن تعافي الاقتصاد العالمي، قد يحدّ جزئياً من مكاسب الين.

     

    وعلى الجانب الآخر، نرى بنك اليابان مستمر في مساره نحو تشديد السياسة النقدية، خاصة مع استمرار التضخم في تجاوز مستويات مستهدفة لفترة أطول من المتوقع. وقد أدت توقعات رفع الفائدة من قبل البنك المركزي الياباني إلى بقاء عوائد السندات الحكومية مرتفعة، مما عزز الطلب على الين الياباني. ومع ذلك، لا يزال الحذر يسيطر على الأسواق، حيث أن بنك اليابان لم يعلن بعد عن أي تغييرات جذرية في سياسته، مما يجعل الأسواق في حالة ترقب لأي تصريحات مستقبلية قد توضح توجهاته بشكل أكبر.

     

    وهنا يبدو لي أن الاحتياطي الفيدرالي يسير في اتجاه مغاير تماماً، حيث تزايدت الرهانات على أن البنك سيقوم بخفض أسعار الفائدة عدة مرات خلال العام الحالي لمواجهة تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي. كما أن بيانات التضخم الأخيرة في الولايات المتحدة جاءت أقل من التوقعات، مما عزز التوقعات بأن الفيدرالي قد يضطر إلى التخفيف من سياسته النقدية المتشددة في الفترة القادمة. وهذا السيناريو يضغط على الدولار الأمريكي ويمنعه من تحقيق مكاسب قوية مقابل الين الياباني، خاصة إذا جاءت بيانات اقتصادية أخرى تؤكد هذا الاتجاه.

     

    ومع استمرار تقلبات الأسواق، يترقب المستثمرون بيانات أمريكية رئيسية، مثل مؤشر أسعار المنتجين (PPI)، بحثاً عن أي إشارات إضافية حول مسار الفيدرالي المستقبلي. وأي بيانات أضعف من المتوقع قد تزيد من الضغوط على الدولار، مما يمنح الين فرصة لمزيد من التعافي. وعلى العكس، إذا جاءت البيانات الاقتصادية الأمريكية أقوى من المتوقع، فقد يحد ذلك من الاتجاه الهبوطي للدولار ويدعم بعض التعافي في زوج الدولار/الين.

     

    وبناءً على هذه العوامل، يمكنني القول إن النظرة المستقبلية لزوج الدولار/الين ستبقى تعتمد على التوازن بين سياسات البنكين المركزيين، فضلاً عن تطورات الأوضاع الجيوسياسية والتجارية. ومع استمرار الأسواق في تسعير خفض الفائدة الأمريكية وتشديد بنك اليابان المحتمل، فإن الاتجاه العام لا يزال يميل لصالح الين الياباني، ما لم تطرأ مفاجآت تدفع الأسواق إلى إعادة تقييم هذه التوقعات.

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن