بيتح للمستخدمي تشكيل عالم افتراضي والانخراط فيه ومحاكاة الحياة الواقعية : تقنيات "الميتافيرس".. مستقبل الاقتصاد والتجارة وغياب القوانين حجر عثرة

  • تقرير أعده : أمير طه

     

    الميتافيرس.. عالم افتراضي يتوقع أن يقتطع جزءاً من عالمناً الحالي، إذ لم تعد هذه التقنيات للترفيه أو للتواصل الاجتماعي، بل باتت عالماً موازياً تستطيع فيه إتمام العقود والصفقات، وشراء البضائع، وليس هذا فحسب، إذ امتدت أثاره للتطبيب والتعليم عن بعد، والعديد من المجالات التي تشغل أوقاتنا اليومية.

     

    ففي المستقبل القريب سيكون حتما ولزاما للأفراد والشركات وربما الحكومات مواكبة هذه التقنيات والمشاركة فيها، والسؤال الذي يطرح نفسه على الجميع، من يحمي هذه المعاملات من الجريمة، ومن يحمي الأفراد من عمليات النصب، باختصار هل سيكون هناك قانون ينظم كل هذه المعاملات؟

     

    بشكل عام، يعتبر الميتافيرس شكلاً من أشكال الفضاء السيبراني، يسمح للمستخدمين بالدخول في تجربة مرتكزة على الذكاء الاصطناعي، تمكنهم من تشكيل عالم افتراضي والانخراط فيه ومحاكاة الحياة الواقعية. فيتجاوز المستخدمين شاشات هواتفهم الذكية وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم من خلال تقمص نسخة من أنفسهم وإدخالها إلى العالم الافتراضي، ويتحولون من خلال الواقع الافتراضي إلى أفاتار

     

    وفي مقابل هذا التطور والنمو السريع والثوري في تكنولوجيا الميتافيرس، ظهرت بعض الممارسات التي تشير لثمة تداعيات اجتماعية ومشاكل مرتبطة بالأطر القانونية والتنظيمية لهذا العالم الافتراضي الفوضوي. ويتناول المقال الحالي التبعات القانونية المحتملة في حال تطورالـميتافيرس، ويستعرض أهمية الحاجة لوضع قوانين ولوائح تحكم هذه التكنولوجيا الرقمية الرائدة الجديدة.

    منافسات افتراضية

    أصدرت بلومبيرج إنتليجنس تقريراً يؤكد أن تكنولوجيا الميتافيرس لها آفاق اقتصادية هائلة، ويتوقع أن تصل استثماراتها "إلى 800 مليار دولار بحلول منتصف هذا العقد، ويتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2030".

    وبالنظر إلى هذه الأرقام يمكننا فهم الأسباب التي تجعل الشركات الكبرى تنظر للميتافيرس على أنه مستقبل الإنترنت. حيث تتنافس كبرى المؤسسات والشركات، في هذا الفضاء الإلكتروني الجديد.

    تجمع تكنولوجيا الميتافيرس بين عناصر الإنترنت التقليدي، ووسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الإنترنت من جانب، وبين الأنشطة الترفيهية الأخرى من جانب آخر، حيث باستطاعتها أن تجمع كل هذا معاً في بيئات متزامنة، بحيث يتمكن المستخدمون من قضاء وقت كامل داخل عالم افتراضي، يمكنهم من المشاركة في الأنشطة الترفيهية، وإجراء المعاملات التجارية، ومعاينة البضائع وإتمام الصفقات عند بعد.

     

    ففي القريب العاجل سوف يقتحم هذا العالم الرقمي الجديد حياتنا اليومية، ليس فقط في مجالي الاستثمار والأعمال الحرة ولكن في مجالات الرعاية الصحية والتعليم كذلك.

    فوضى الأسواق

     

    نظراً للطبيعة اللامركزية للميتافيرس، فلن تكون هناك حدود أو حواجز عندما يتعلق الأمر بشراء وبيع السلع والخدمات. وبالتالي فستوفر هذه الطبيعة اللامركزية فرصاً رائعة للشركات للوصول إلى أسواق جديدة. غير أن كيفية تنظيم هذه الأسواق سيحتاج إلى مزيد من النظر.

     

    بشكل عام يتم تحقيق الدخل في هذا الفضاء الرقمي الجديد وفي معاملاته من خلال استخدام العملة المشفرة أو ما يسمى بـ إن إف تي NFT أي الرموز المميزة غير القابلة للاستبدال. وتعتبر الرموز غير القابلة للاستبدال هي أصول رقمية فريدة، وقد تكون أي عمل فني أو موسيقى أو مرئي رقمي أو أي نوع آخر من الأصول الإبداعية الرقمية. فهي هي عبارة عن خط من الرموز على البلوكتشين ينسب ملكية أحد الأصول إلى شخص ما، فهي بالأساس إيصالات افتراضية موجودة على البلوكتشين، وتمثل دليل الملكية 

     

    وفي هذا الفضاء الرقمي ما يحصل عليه المشتري هو الحق في عرض الأصل الرقمي، ومع ذلك فلا يوجد حتى الآن قول قانوني فصل بشأن ما إذا كانت الرموز غير القابلة للاستبدال ترقى كدليل على ملكية نسخة رقمية من الأصل الحقيقي أم لا.

     

    وأحد الاعتبارات القانونية الرئيسية حالياً بخصوص تلك الرموز هو عدم وضوح كيفية تطبيق القوانين الحالية عليها، أي إذا ما كان سيتم التعامل معها على أنها أوراق مالية أو سلع أو ما شابه. وهذا سيجعل من الصعب على المستثمرين توضيح حقوقهم والتزاماتهم، مما يمكن أن يؤدي بدوره في كثير من الحالات إلى ألغاز قانونية.

    وبالنسبة لفكرة العقود في عالم الميتافيرس فستبنى على أساس القواعد المشفرة فيما يسمى بـ"العقود الذكية". وهي أكواد رقمية مبرمجة تعمل على البلوكتشين، وتقوم بإنجاز العمليات ميكانيكياً وتضمن إتمام التجارة والمعاملات وفقاً لقواعد محددة مسبقاً.

    وكذلك يمكن تعريف عقود الميتافيرس على أنها مجموعة من القواعد التي تتحكم في استخدام الرموز غير القابلة للاستبدال، والتي تستخدم أيضاً لتسهيل عمليات بيع وشراء الممتلكات الافتراضية. ومع ذلك، فإن هذه العقود ليست مرنة أو قابلة للتعديل كما قد يظن البعض.

     

    ونظراً لأن هذا العالم الرقمي جديد، فالكثير من المستخدمين غير ملمين بإطار عمل العقود الذكية، مما دفع العديد من المحتالين لاستغلال الموقف والقيام بإنشاء روابط مزيفة. وبمجرد تنشيط هذه الروابط، يتمكن المحتال من الوصول إلى المحفظة الافتراضية للمستهلك ويمكنه كذلك من خلال العقد الذكي نقل محتويات المحافظ.

    ولسوء الحظ فإنه يكاد يكون من المستحيل تعديل هذه التحويلات، مما يعني أنه من المستحيل استرداد العملة المشفرة المسروقة. وقد بلغت الجريمة القائمة على العملات المشفرة 14 مليار دولار في عام 2021

    ومن هنا وجب وضع نظام قانوني يحكم هذا الفضاء الرقمي، والذي من شأنه أن يدمج معاملات وأنشطة الميتافيرس، وأيضاً لابد من توفير هيئات حكومية تتمثل في سلطات مالية تكون قادرة على الإشراف على المعاملات عبر فضاء الميتافيرس.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن