بدأ عصر القوات الفضائية!

  •       بقلم: ا.د. غادة عامر

    أستاذ هندسة الطاقة الكهربائية

    وزميل كلية الدفاع – أكاديمية ناصر العسكرية العليا

     

    حتى الأسبوع الماضي، كانت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) تعمل في أربعة مجالات: الجو والبر والبحر والفضاء الإلكتروني فقط، لكن بعد الاجتماع الذي عقد يومي 19 و11 نوفمبر 2019 لوزراء الخارجية في بروكسل، أخبر الأمين العام لحلف الناتو، "جينس ستولتنبرغ" الصحفيين بأنه تم الاتفاق بين صناع القرار في الناتو على اعتماد الفضاء الخارجي كمجال تشغيلي جديد للحلف.  وأضاف “أن الفضاء أصبح أكثر أهمية لعملياتنا العسكرية ومهماتنا، وأن الأمر أيضا يتعلق بتنمية مجتمعاتنا المدنية وقوتها الاقتصادية حيث إن الفضاء مهم جدًا للملاحة والاتصالات ولأشياء أخرى كثيرة ". وهناك دول أخرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة لديها قطاعات عسكرية مخصصة بالفعل للفضاء. حيث أنشأت روسيا قوات الفضاء في عام 2015 باعتبارها فرعًا من القوات المسلحة الروسية. في نفس العام، أنشأت الصين قوة الدعم الاستراتيجي لجيش التحرير الشعبي باعتبارها فرع الفضاء والحرب السيبرانية للجيش. وفي 18 يونيو 2018 أعلن الرئيس دونالد ترامب خلال اجتماع للمجلس الوطني للفضاء، أن القوة الفضائية للولايات المتحدة هي فرع عسكري، وقال ترامب خلال اقتراحه العلني "لا يكفي وجود أمريكا في الفضاء، بل يجب أن يكون لدينا هيمنة كاملة عليه" وحينها استغرب الكثيرون من اقتراح ترامب - خاصة في البنتاجون- حيث رأى البعض الاقتراح المفاجئ كاستراتيجية لإجبار الكونجرس ووزارة الدفاع على دعم فرع عسكري يركز فقط على الفضاء. ورأى آخرون أنه يستجيب للحاجة إلى معالجة التنافس المتزايد لوجود الصين وروسيا في الفضاء. وفي 9 أغسطس 2018، أي بعد شهرين تقريبا كشف نائب الرئيس "مايك بينس" رسمياً عن خطط قوة الفضاء الأمريكية، وأعلن ان الفضاء سيصبح سادس فرع للقوات المسلحة ينضم إلى القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وسلاح مشاة البحرية وحرس السواحل.

    لقد كان لدى الولايات المتحدة قيادة فضائية أمريكية (USSPACECOM) منذ عام 1985، والتي تم حلها من قبل إدارة جورج دبليو بوش عام 2002 لتحرير الموارد لإنشاء القيادة الشمالية للولايات المتحدة. وفي 29 أغسطس من العام الحالي أعاد الرئيس الأمريكي ترامب تأسيس قيادة الفضاء الأمريكية خلال حفل أقيم في البيت الأبيض، لتكون القيادة الحادية عشرة لوزارة الدفاع. وبعدها أصدر ترامب في مذكرة بتاريخ 18 سبتمبر تعليمات للبنتاجون بإعادة تأسيس قيادة فضائية أمريكية للتركيز على حماية الأصول الفضائية الأمريكية ولتعزيز موقف الجيش في الفضاء خاصة مع قيام الخصوم (من وجهة نظر ترامب) بتطوير أسلحة متطورة مضادة للأقمار الاصطناعية.

    ويؤكد جنرالات في الجيش الأمريكي أن الولايات المتحدة تحتاج قوة فضاء، لأن روسيا والصين ليسوا فقط أكبر منافسين للولايات المتحدة في الفضاء، بل أصبحوا يشكلون تهديدات عسكرية لها، خاصة بعد أن أظهر كل منهما قدرات فضائية هائلة، على سبيل المثال، في عام 2007 أطلقت الصين صاروخًا صاعدًا نحو السماء لمسافة 500 ميل أثر على أحد أقمار الطقس الأمريكية، وأنزله من السماء محطم إلي آلاف القطع، والتي ردت الولايات المتحدة على هذا الاعتداء بتفجير واحدة من السفن الفضائية الصينية القديمة عام 2008. وفي عام 2014 تم اكتشاف روبوتا فضائيا روسيا أطلق عليه اسم " Object 2014-E28" كان قادرًا على الالتصاق بالأقمار الصناعية، وقد قال “مايك بينس” ـ نائب الرئيس الأمريكي خلال خطاب ألقاه في أغسطس 2018، إن الصين كانت تستثمر في صواريخ تفوق سرعة الصوت وقادرة على تجنب الاكتشاف. وقد أدمجت كل من روسيا والصين الهجمات المضادة للأقمار الاصطناعية كجزء من بروتوكولات الحرب.

    لكن كيف ستكون قوة الدفاع؟، هل تكون عبارة عن رواد فضاء منتشرين في الفضاء ويحملون أسلحة ناسفة؟ بعد إعلان ترامب في أغسطس، أصدر البنتاجون تقريراً مفصلاً لبعض الإجراءات الفورية لوزارة الدفاع لإنشاء قوة الفضاء، والذي وضح شكل ومكونات قوة الفضاء حيث إنه أشار أنها ستركز على الأمن القومي والحفاظ على الأقمار الاصطناعية والمركبات المخصصة للاتصالات والمراقبة الدولية. بحيث تتكون قوة الفضاء من: 1- وكالة لتطوير الفضاء - هذه وكالة مكلفة بتطوير واختبار قدرات وتكنولوجيا وطنية جديدة ومحسنة للأمن في الفضاء.  2- قوة عمليات فضائية - ستكون هذه القوة عبارة عن مجموعة من خبراء الفضاء من جميع أنحاء الجيش الذين سيقدمون الخبرة اللازمة لمقاتلة الأعداء والتصدي لأي خطر في جميع أنحاء الفضاء. 3- قيادة فضائية أمريكية – والتي سوف توجه وتحسن عمليات القتال في الحرب الفضائية. وقالت جوان جونسون فريز، محللة سياسات الفضاء في الكلية الحربية البحرية في نيوبورت." أن أي قمر اصطناعي لديه القدرة على المناورة لديه القدرة على أن يكون سلاحًا". وأضافت نعم" لدى الولايات المتحدة أسلحة فضائية وهو عبارة عن مجرد قمر اصطناعي قابل للمناورة ولا يثير المخاوف إلا لو تم حدوث أي تهديد للأمن الأمريكي، فسوف تستخدم فيه تقنية الاستخدام المزدوج، وساعتها ستكون هناك مخاوف ". وبعد كل هذا ما زال البعض في منطقتنا العربية وفي مراكز مرموقة لا يصدق ان الحرب القادمة سوف تكون في الفضاء وأن ترامب عمل جيشا فضائي، بل ويراه مزحة سخيفة!!!!!

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن